أحداث شغب أم حرب شوارع؟ ..أوروبا تشعر بالخجل وتعترف بالعار !

أخبار

أن تتحول عناوين وأغلفة وواجهات الصحف الأوروبية من الحديث عن إبداعات جاريث بيل وفنون ديميتري باييه وطموحات كريستيانو رونالدو، للحديث عن «العار» والشعور بالخجل، وحرب الشوارع، ووحوش اليورو، فهذا هو السيناريو الذي لم يتوقعه أشد عشاق الكرة العالمية تشاؤماً، وفي الوقت الذي كانت فيه المخاوف من الإرهاب حاضرة بقوة قبل البطولة، وهو ما دفع فرنسا وأوروبا بأسرها إلى اتخاذ تدابير أمنية غير مسبوقة، فإذا بالوحش الجديد يظهر ليهدد البطولة، وهو وحش الشغب الجماهيري على حد وصف صحيفة «لاجازيتا ديللو سبورت الإيطالية».

بالعودة إلى تفاصيل ما حدث، فقد أصيب 35 شخصاً على الأقل، أربعة منهم حالتهم خطرة، في أعمال عنف نشبت بين مشجعي إنجلترا وروسيا مساء أمس الأول، في إطار «يورو 2016» وفقاً لما ذكرته السلطات، وقال وزير الداخلية الفرنسي برنار كازنوف إن مشجعاً إنجليزياً لا يزال في حالة حرجة، فيما احتجزت الشرطة، التي استخدمت الغاز المسيل للدموع لليوم الثالث على التوالي، ستة أشخاص.

وقال قائد الشرطة لوران نونيز للتلفزيون الفرنسي، إن ثلاثة من رجال الشرطة أصيبوا بجروح طفيفة في الاشتباكات.

ودان الاتحاد الأوروبي لكرة القدم «اليويفا» أعمال العنف بين المشجعين.

وقال في بيان له: الاتحاد الأوروبي يدين بشدة هذه الحوادث في مرسيليا، هؤلاء الأشخاص الذين يتورطون في مثل هذه الأعمال العنيفة لا مكان لهم في كرة القدم.

وأصدر اتحاد كرة القدم الإنجليزي بياناً يدعو فيه المشجعين الإنجليز إلى التصرف بطريقة تتسم بالاحترام، وقال إنه يشعر بخيبة أمل بسبب مشاهد الفوضى في مرسيليا.

وعرض التلفزيون الفرنسي ومواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تظهر مشجعين يهاجمون بعضهم بعضاً بمقاعد وعصي حديدية.

في فرنسا تحديداً كان الشعور بالجرح غائراً، خاصة أن الصورة الأفضل في حفل الافتتاح الذي سبق مواجهة فرنسا ورومانيا هي صورة المزيج الرائع من شعارات وأعلام الدول المشاركة في البطولة، وهي اللوحة التي رسمها الآلاف ممن حضروا في مدرجات استاد فرنسا الدولي في ضاحية سان دوني التي احتفلت في تلك الليلة بالتعافي من آثار الهجمات الإرهابية التي وقعت قبل أشهر عدة، واحتفلت بالتضامن الأوروبي والعالمي لمواجهة الإرهاب، ولكن أحداث الشغب ألقت بظلالها على الجميع.

فقد عنونت صحيفة «ليكيب»: «العار»، وتابعت: العار يلاحق كل من شارك في إفساد حفل أوروبا الكبير» في إشارة إلى هوليجانز الإنجليز والروس، وكذلك جماهير جاءت لمساندة منتخبات أخرى، والمحزن في الأمر أن المصادمات لم تكن قاصرة على الروس والإنجليز فحسب، بل إن سكان مارسيليا كانوا ضحايا لأعمال الشغب، وبعضهم شارك فيها بطريقة أو بأخرى.

أما صحيفة «لو باريزيان»، فقد أشارت إلى أن فرنسا في حالة مواجهة شاملة مع «الهوليجانز» والشغب القادم من دول عدة، وفي موضع آخر، قالت إن ما حدث في مارسيليا على مدار الأيام الماضية لم يكن مجرد شغب جماهيري، بل «هي الحرب» على حد تعبير الصحيفة الباريسية، التي كشفت عن أن التحقيقات الشاملة فيما حدث، واتخاذ أشد العقوبات، وإلزام الجهات التي تسببت في أحداث الشغب، وتحطيم الممتلكات بإصلاحها سيكون هو الحل العادل، وعبرت صحيفة «لوجورنال دو ديمانش» عن القلق نفسه، وقالت مثيرو الشغب يفرضون أنفسهم في كأس أوروبا لكرة القدم.

وفي إسبانيا استخدمت صحيفة «آس» أكثر الأوصاف قسوة لوصف المشاغبين، فقالت «إنها البربرية»، لقد عادت الهمجية لأوروبا من جديد، وتابعت: «حرب بين الروس والإنجليز في شوارع مارسيليا وفي المدرجات قبل وعقب المباراة بين المنتخبين، وقد أسفرت المصادمات عن إصابات خطيرة في صفوف الجماهير، وكذلك رجال الشرطة، كما بدأت موجة الاعتقالات بحق المشاغبين.

وفي إنجلترا، ألمحت صحافتها إلى أن الروس ليسوا جمهور كرة قدم، بل هم أقرب إلى الميليشيات، وهو ما يتضح في طريقة تعاملهم والهجوم الذي شنوه على جماهير المنتخب الإنجليزي، وأشارت التقارير الإنجليزية إلى أن المواجهات أدت إلى جرح 35 شخصاً، بينهم ثلاثة إصاباتهم خطيرة، إلى جانب مشجع إنجليزي بين الحياة والموت، بعدما ضرب بقضيب من حديد إثر المباراة بين روسيا وإنجلترا التي جرت في استاد فيلودروم وأشارت تكهنات إلى خطورتها.

وحددت صحيفة ذي صن البريطانية الشعبية المذنبين بشكل واضح، معتبرة أنهم مثيرو الشغب والرعاع الروس الذين كان بعضهم مسلحاً بسكاكين. أما صحيفة الجارديان البريطانية، فلم تحدد أي جهة مسؤولة، لكنها رأت في هذه المواجهات الجديدة مشجعين «يحملون جينة» كرة القدم الإنجليزية في حمضهم النووي.

وعادت الذكريات السيئة المرتبطة بمثيري الشغب إلى الصحف البريطانية بشكل عام، وعنونت صحيفة «مايل أون صنداي» على صفحتها الأولى «عودة إلى السنوات السوداء»، وذكر مراسل الصحيفة أن انتقادات عديدة وجهت إلى الشرطة الفرنسية على اتباعها أساليب «خرقاء» في التعامل مع هذه الأحداث، وعدم قدرتهم على وقف انتشار أعمال العنف، ونقل المراسل عن أحد شهود العيان الإنجليز قوله أنهم رأوا اثنين من رجال الشرطة الفرنسية يضحكان مع بعضها البعض بعد إطلاق الغاز المسيل للدموع في زقاق صغير، وذلك يوم الجمعة قبل المباراة بـ24 ساعة.

وأضاف أن العنف تفجر بشكل سيئ يوم السبت، وبتحريض من الروس، عندما تدخلت الشرطة الفرنسية مستخدمة «القوة» المفرطة مرة أخرى، قبل المباراة، وهدأت الأمور قليلاً مع اقتراب موعد المباراة، ولكن المباراة نفسها شهدت هجوماً من الجماهير الروسية على مدرجات الجماهير الإنجليزية فور انتهاء أحداثها، لتندلع أعمال العنف مجدداً خارج ملعب المباراة.

وعبرت صحيفة «صنداي تلجراف»، أيضاً، عن شعورها «بالعار» وحملت بعنف على المشجعين الذين يثيرون أعمال الشغب. وفي أوج الاحتفالات بعيد الميلاد التسعين لملكة بريطانيا إليزابيث الثانية، عدلت صحيفة «صنداي ميرور» عبارة «بالفرح والمجد» التي ترد في النشيد الوطني البريطاني لتعنون «بالفرح.. والعار»، مدينة بذلك الموقف المشين لمشجعي المنتخب الإنجليزي. 

المصدر: الإتحاد