أميركا تنسحب من سورية

آراء

ما الذي سوف تخسره أميركا عند انسحابها من سورية؟ إذا لم يكن وقتك يسمح بإكمال قراءة المقال فالجواب باختصار لا شيء.

لا أعلم ما الخسارة التي سوف تمنى بها أميركا عند خروجها من سورية، هل ستخسر موقعاً استراتيجياً، مصادر ثروة كبيرة، تهديد محتمل لإسرائيل؟ من بين الاحتمالات التي نظن أنها تؤرق الأميركان أن يعود بشار الأسد ويبسط سيطرته على كامل التراب السوري؟ ما الضرر الذي سيلحق بأميركا من هذا؟ بشار ووالده تعايشا مع الاحتلال الإسرائيلي أكثر من خمسين سنة. موضع السؤال هو الشعب الكردي؟

حال الشعب الكردي كحال أي شعب آخر وضع ثقته في أميركا أو أي من الدول الكبرى. السياسي الكردي قبل أن يتحالف مع أميركا يفترض أنه قرأ قليلاً عن تاريخ التحالفات. تاريخ أميركا لا يقدم دليلاً واحداً على أن أميركا أو أي دولة عظمى على استعداد أن تذهب إلى أقصى مدى في التحالف مع الآخرين. تتحالف مع الآخرين بالمقادر الذي يخدم مصالحها.

المصالح الأميركية كلمة معقدة. تتداخل فيها المصالح العليا للدولة مع المصالح الحزبية مع مصالح متخذ القرار مع مصالح الشركات الكبرى.. إلخ. الشيء الوحيد الذي يغيب عنها المصالح الأخلاقية.

عندما وقع الرئيس الأميركي الأسبق أوراق التحالف مع الأكراد كان يوقع وثيقة تخدمه في واشنطن كرئيس لا كنصير للشعوب ومحب للسلام والحرية، كان يعي أيضاً أن الأكراد يوقعون الوثيقة بروح انتهازية تخدم مصالح شعبهم ليس بينها مساندة أميركا في حربها على الإرهاب. اللعب السياسي دائماً على المكشوف، لا يستطيع أي طرف أن يتهم الطرف الآخر بالخيانة أو نكث الوعود.

هذا ليس درساً للشعوب الأخرى كما نكرر ونعيد، سبقته مئات الدروس المماثلة في كل العصور، في أيام التحالف الفلسطيني السوفييتي رفع الفلسطينيون سقف مطالبهم فخسروا كل شيء، كال المثقفون العرب التهم للاتحاد السوفييتي مدعين أنه تخلى عن الشعب الفلسطيني، لم يقف معهم في حربهم لإزالة دولة إسرائيل من الوجود، دفع التفكير الرغبوي العرب إلى تجاهل أن الاتحاد السوفييتي هو أول دولة تعترف بإسرائيل والدولة الأولى الرئيسة في مساعدة الجيش الإسرائيلي بالعتاد والخبراء والضباط المتمرسين في حرب ثمانية وأربعين، وقد أخفى الشعب الفلسطيني والعربي عن نفسه مقولة ستالين الشهيرة (سأضع إسرائيل شوكة في مؤخرات العرب).

في كل مرة يدخل الأكراد في حلف مع دولة يدخلون حاملين سقف طموحاتهم العظمى، يكررون نفس الخطأ الفلسطيني، يتركون ما يمكن أخذه من التحالف ويسعون على قاعدة أما كل شيء أو لا شيء، بالتأكيد سيخسرون كما خسر الذين قبلهم، أما أميركا فلن تخسر شيئاً.

المصدر: الرياض