أوباما منتقداً ترامب من دون أن يسميه: «الجهل ليس فضيلة»

أخبار

انتقد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب مرشح الحزب الجمهوري المحتمل لانتخابات الرئاسة، واتهمه بشكل غير مباشر بالجهل، وانتقد سيناتور «أكاذيب» ترامب التي يخفي وراءها تعصبه، فيما أعلن رئيس الوزراء البريطاني تمسكه بتصريحاته بشأنه، ومن جهته قال الملياردير المثير للجدل إنه يستبعد أن تربطه علاقة طيبة بديفيد كاميرون، ورأى أن التعامل مع الاتحاد الأوروبي شديد البيروقراطية سيكون صعباً.

فقد وجه الرئيس الأمريكي باراك أوباما أول أمس الأحد انتقاداً شديد اللهجة إلى المرشح الجمهوري الطامح لخلافته ترامب، ولكن من دون أن يسميه، مؤكداً أن «الجهل ليس فضيلة»، وأن «بناء جدران لا يجدي نفعاً». وخلال حفل تسليم شهادات لخريجي جامعة روتغيرز قرب نيويورك، دعا أوباما الخريجين إلى عدم الأسف على الماضي الذهبي للولايات المتحدة، لأن «الماضي الجميل لم يكن جميلاً كثيراً»، مذكراً بأن البلاد كانت تعاني من آفات عدة مثل التمييز العنصري والفقر وعدم المساواة بين النساء والرجال.

وإذ ذكر الرئيس الأمريكي بأن «العالم اليوم متصل ببعضه البعض أكثر من أي وقت مضى»، اعتبر أن «بناء جدران لا يجدي نفعاً»، في انتقاد واضح لترامب الذي وعد إذا ما وصل إلى البيت الأبيض ببناء جدار على طول الحدود مع المكسيك لوقف الهجرة غير الشرعية إلى الولايات المتحدة. ومن دون أن يذكر ولو لمرة واحدة اسم ترامب في خطابه، أكد أوباما أن ما من جدار يمكنه أن يوقف انتشار وباء زيكا أو إيبولا أو أن يحل مشاكل التنافسية الناجمة عن العولمة. وأضاف «هذا لن يحفز اقتصادنا أو يعزز أمننا. إن عزل المسلمين أو تحقيرهم أو اقتراح معاملتهم بشكل مختلف على الحدود، كل هذا يتعارض ليس فقط مع قيمنا فحسب، وإنما مع ما نحن عليه. إنه يتعارض مع واقع أن تنميتنا واختراعاتنا وديناميتنا كانت على الدوام مدفوعة بقدرتنا على جذب الأفضل من أربع جهات الأرض».

وأكد الرئيس الأمريكي الذي ارتدى خلال المناسبة الرداء الجامعي بلونيه الأسود والأحمر أنه «في السياسة كما في الحياة، الجهل ليس فضيلة. ليس أمراً ممتعاً ألا يدري المرء عما يتحدث. هذا الأمر لا يتعلق البتة بأن يكون المرء صريحاً أو صادقاً أو أنه يدافع عن النزاهة السياسية. ببساطة، هو مجرد أن المرء لا يدري عما يتحدث»، في تلميح واضح إلى الملياردير المثير للجدل.

ويواجه ترامب معارضة حتى داخل الحزب الجمهوري بسبب تصريحاته الحادة ومواقفه المثيرة للجدل مثل اقتراحه منع المسلمين من دخول الولايات المتحدة، أو بناء جدار على حدود المكسيك لمنع المهاجرين من دخول الولايات المتحدة، وصولاً إلى خفض المساهمات الأمريكية في تمويل حلف شمال الأطلسي لكي يرغم الحلفاء على دفع المزيد.

وانتقد السيناتور الديمقراطي عن ولاية مينيسوتا كيث اليسون «أكاذيب» ترامب بعد ان غير من موقفه ولهجته أخيرا من مبادرة يدعو فيها بمنع المسلمين من دخول الولايات المتحدة. وقال اليسون لأحد البرامج الاخبارية لمحطة (آي.بي.سي) التلفزيونية «لقد ناشد علانية بضرورة منع المسلمين من دخول البلاد ولم يقل فقط الناس القادمين من دول العالم الإسلامي بل كل المسلمين.. والآن يتصرف ويقول لم أعنِ ذلك صراحة بهذه الطريقة التي تم تداولها بها». وأوضح «أن هذا الرجل ليس صريحا في تعصبه وهذه قوته الاساسية حيث إنه لا يقول الحقيقة ولا يتمسك بأصول ومبادئ».من جهته قال إنه سيصوت على الأرجح لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لو كان له حق التصويت في الاستفتاء المقرر في يونيو/‏‏‏حزيران المقبل. وقال ترامب لبيرس مورغان في البرنامج التلفزيوني الصباحي «جود مورنينغ بريتن» إن التعامل مع الاتحاد الأوروبي كان «بيروقراطياً جداً جداً» و«صعباً جداً جداً.»وعندما سُئل عن التجارة بين الولايات المتحدة وبريطانيا إذا خرجت من الاتحاد الأوروبي قال ترامب إنه «سيعامل الجميع بعدل» وإن المملكة المتحدة «لن تكون في نهاية الصف بالتأكيد. أستطيع أن أقول لك ذلك.»

واستبعد ترامب في حال انتخابه رئيسا للولايات المتحدة ان تربطه «علاقة طيبة» برئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الذي كان وصف مقترحا قدمه المرشح الجمهوري إلى البيت الابيض بأنه «غبي». وقال المتحدث إن «رئيس الوزراء كان واضحا للغاية بشأن رأيه في تصريحات ترامب. إنه يعارضها.» وأضاف «ما زال يعتقد أن منع المسلمين من دخول الولايات المتحدة سبب للخلاف وغبي وخاطئ وما زال متمسكا بتصريحاته».

وقال الملياردير الامريكي في مقابلة مع «اي تي في» «يبدو أنه لن تكون بيننا علاقة جيدة جداً. من يدري؟ آمل أن تكون علاقتي به جيدة، لكنه لا يفعل شيئا من اجل حل المشكلة من جهته».

وكان ترامب يشير بذلك إلى رد كاميرون على اقتراحه منع المسلمين مؤقتاً من دخول أراضي الولايات المتحدة. وكان كاميرون وصف هذا الاقتراح بأنه «سبب للخلاف وغبي وخاطئ»، ورفض مؤخرا اعادة النظر في تصريحاته أو الاعتذار.

وقال ترامب «لست غبياً، يمكنني أن أقول لكم ذلك، بل عكس ذلك تماماً»، مدافعاً عن نفسه أيضاً بعدما اتهم بإثارة الانقسامات. وتابع «أنا شخص جامع، على عكس رئيسنا (باراك أوباما)». 

كما رد ترامب على رئيس بلدية لندن الجديد صادق خان الذي كان وصف رؤيته للإسلام بأنها «جاهلة». وأوضح «عندما فاز أرسلت اليه أطيب تمنياتي. هو مسلم، وأعتقد ان من الجهل ان يقول ذلك». وتابع «أعتقد ان تصريحاته وقحة للغاية، وبصراحة، قولوا له إنني سأتذكرها. إنها تصريحات سيئة»، مؤكداً رغم ذلك انه ليس في «حرب» ضد صادق خان، أول مسؤول مسلم منتخب في عاصمة غربية كبرى. وأردف ترامب «الآن هو لا يهمني، لنرَ كيف سيعمل، وما اذا كان رئيس بلدية جيداً». وعلق متحدث باسم خان على تصريحات ترامب، معتبراً أنها «تصب في مصلحة المتطرفين وتجعل» الولايات المتحدة والمملكة المتحدة «أقل أماناً». 

من جهة أخرى تحاول المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون اقتناص فرصة الانتخابات التمهيدية في كنتاكي اليوم الثلاثاء للتوجه إلى شريحة ديموغرافية كانت رافضة لها باستمرار، وهي الطبقة العاملة من الرجال البيض، في ولاية لم يفز فيها اي مرشح ديمقراطي منذ 1980 باستثناء زوجها بيل كلينتون.

وتنظم هذه الولاية انتخابات تمهيدية اليوم الثلاثاء يتطلع فيها بيرني ساندرز منافس كلينتون للفوز كما فعل الأسبوع الماضي في ولاية فرجينيا الغربية، في اطار محاولاته للبقاء في السباق الرئاسي.

وهاتان الولايتان غنيتان بالفحم كما هي ابالاشيا المنطقة الواقعة في شرقي الولايات المتحدة والتي تعد غالبية من البيض وتشعر بأنها لم تستفد من الانتعاش الاقتصادي بعد الازمة الاقتصادية في 2007-2008. وقامت كلينتون وزوجها بعدة زيارات إلى تلك المناطق في محاولة لاحتواء الضرر الذي خلفته تعليقات أدلت بها في مارس/‏‏‏آذار حين قالت انها تهدف إلى «وقف عمل الكثير من شركات الفحم وعمال مناجم الفحم». وصدم كثيرون في ابالاشيا بشكل خاص بهذه التصريحات، ثم حاولت كلينتون التخفيف منها. وقالت في تجمع انتخابي الأحد في فورت ميتشل بشمال كنتاكي «من المهم القول ان هناك الكثير من الأشخاص في بلادنا يشعرون بالاستياء والقلق وبعضهم يشعر بالغضب، لأنهم لم يخرجوا بعد من الانكماش الكبير».

وأضافت «انهم لم يصلوا بعد إلى الطريق الذي يمكن ان يقودهم مع عائلاتهم إلى مستقبل مزدهر، وأعتقد أنه علينا تفهم هذا الأمر».

ومع حسم مسألة تعيينها مرشحة رسمية للحزب، تسعى كلينتون بدون شك إلى اعادة التموضع استعدادا لمعركة انتخابية حامية ضد الجمهوري ترامب. وبعدما أمضت قسماً كبيراً من السنة محاولة كسب أصوات التيار الليبرالي من الحزب، وسعت نطاق رسالتها الاقتصادية لكي تتوجه إلى الناخبين من الطبقة العاملة البيضاء.

المصدر: الخليج