سامي الريامي
سامي الريامي
رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم

أول رائد فضاء إماراتي.. من مدرسة حكومية

آراء

هزاع المنصوري قبل أن يصل إلى الفضاء تفوّق في الأرض، فقد كان واحداً ضمن أكثر من 4000 شخص تقدموا إلى برنامج الإمارات لروّاد الفضاء من أجل اختيار أول رائد فضاء إماراتي، وبالتأكيد هناك آلاف من هؤلاء المتقدمين هم من خريجي مدارس خاصة، وربما مدارس باهظة التكاليف، إلا أن الاختيار وقع على هزاع الذي يفتخر بأنه خريج مدرسة حكومية، ومن منطقة صحراوية تبعد عن العاصمة أبوظبي نحو 200 كيلومتر!

لا يمكننا تجاوز هذه المعلومة، فهي مؤشر واضح إلى نجاح المدارس الحكومية، وتفوّق طلبتها على طلبة المدارس الخاصة، فهزاع المولود في عام 1983، لديه آلاف الأقران ممّن هم في مثل عمره، أو أصغر منه قليلاً، التحقوا بالتعلم في مدارس خاصة، ودفع أولياء أمورهم مبالغ طائلة لا تُقارن بحجم إنفاق أُسرة هزاع على تعليمه، ومع ذلك تفوّق هو وأصبح أول رائد فضاء إماراتي!

قد يقول قائل إن المرحلة التعليمية في المدارس ليست مقياساً، والمهم الدراسة الجامعية، إلا أن ذلك ليس صحيحاً فالتأسيس هو الأساس، والتعليم في مراحله الأولى هو الركن الذي يعتمد عليه بناء التعليم في شخصية الطفل والطالب، وهو أهم مراحل التعليم بشكل عام!

هناك الكثير من الدعوات لتطوير التعليم، وهناك الكثير من النظريات والتجارب والتطبيقات التي مرت على الدولة، ولا يكاد يأتي وزير جديد للتربية والتعليم إلا ويأتي برؤية جديدة وخطط جديدة وتجارب جديدة، ومع ذلك يبقى خريجو المدارس الحكومية السابقون هم الأفضل والأقوى والأكثر علماً وثقافة وقوة في الشخصية، ولذلك لا غرابة أبداً أن يكونوا هم أساس نهضة وتطوّر الدولة حالياً، وهم أصحاب المناصب في الجهات والمؤسسات الحكومية، وهم سفراء الدولة في الخارج، ولا غرابة أيضاً أن يكون منهم أول رائد فضاء إماراتي. ألا يدعونا ذلك إلى إعادة التفكير في المناهج التعليمية، وإرجاع عناصر القوة فيها، والاستفادة من عصرها الذهبي الذي خرّج كل هؤلاء المميزين، بدلاً من الخوض في تجارب جديدة لم تنتج لنا إلا جيلاً ضائعاً في لغته وشخصيته وثقافته وفكره، جيلاً لا يجيد سوى لغة إنجليزية فقط، ولا يجيد أي شيء سواها!

ألا يجعلنا هزاع المنصوري أيضاً، نطرح مليون علامة استفهام حول المبالغ الباهظة التي تطلبها المدارس الخاصة نظير تعليم لم ينجح في تخريج أول رائد فضاء، رُغم ادعائها التركيز على التقنيات الحديثة في التعليم، واستخدام وسائل متطورة، وبلغة إنجليزية متقدمة، أليس وجود هزاع المنصوري في الفضاء دليلاً على إخفاق المدارس الخاصة في الأرض!

المصدر: الإمارات اليوم