أين أنت من هذا؟

آراء

كل إنسان له نقطة خير في نفسه عليك أن تبحث عنها «ماجد المزين».

غالباً ما يتجلى ضمير المجتمع في عمل الخير، والذي لم يكن محصوراً أبداً في نمط واحد، وهذا يتضح في قوله تعالى: «وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» (البقرة 148)، فعمل الخير بابه واسع، وهذا ما يجب أن نؤكد عليه في عملية نشر الوعي بثقافة التطوع وعمل الخير، والمساهمة في بناء المجتمع من خلال الوفاء بالمسؤولية الاجتماعية المتمثلة بالأعمال التطوعية سواء الفردية أو الجماعية.

والتطوع لم يكن وليد اليوم أو البارحة بل تدرج منذ الأزل حتى أصبح الذراع التنموية الثالثة في الدول المتقدمة، وتعد بريطانيا أول من أسس فرقاً تطوعية لمواجهة حريق لندن الشهير في العام «1666م». أما أول من قام بتقنين العمل التطوعي وتنظيمه بالأسلوب الحديث فهي الولايات المتحدة الأميركية التي أصدرت في العام «1737م» قانوناً ينظم العمل التطوعي في مجال إطفاء الحريق.

وهناك من يرى أن موقعة «سلفرينو 1859م» هي السبب المباشر وراء ظهور المنظمات التطوعية بمفهومها المؤسسي الحديث طبقاً لما رواه الباحثون، أما السباق للتطوع والإغاثة والملهم للفكر الغربي في مجال العمل التطوعي فكان القائد صلاح الدين الأيوبي عندما دخل القدس فاتحاً العام «1187م» وتطوع بالحماية والإغاثة لغير المسلمين من خلال تسيير دوريات، وإرساله الأطباء بما فيهم طبيبه الخاص لعلاج قائد جيش العدو.

وعلى صعيد اهتمام المنظمة الدولية بالعمل التطوعي فقد طرح برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أواخر العام 1967 برنامج متطوعي الأمم المتحدة، وفي يناير من العام 1971 أقر تشكيل برنامج متطوعي الأمم المتحدة. وقد وصلت أهمية التطوع في بعض الدول كسويسرا مثلاً إلى اعتباره إلزامياً للذين لا تنطبق عليهم شروط الخدمة العسكرية ممن هم في سن 20 – 60 سنة. ولا يخفى علينا المعوقات الكثيرة التي تواجه الناشطين في مجالات الأعمال الخيرية، إلا أنه لو كثفنا دروس الوعي في الأعمال التطوعية، وأصبح منهجاً يدرس في المدارس لرسخت أهميته، فهو نوع من أنواع إذكاء عنصر المواطنة والمشاركة الاجتماعية، لذلك نحتاج إعادة رسم جهود العمل الاجتماعي والتطوعي، ومرتكزات إعادة بناء العمل للجمعيات التطوعية، وتطوير شراكات استراتيجية للتنمية المستدامة تنطلق من احتياجات المجتمع لتحقيق برنامج تطوعي تنموي، ويتم تسويقه من خلال الشراكات، التي أرجو أن تكون وفقاً لنموذج تسويقي متكامل يعتمد على مصداقية وموثوقية الجمعية التطوعية متبوعاً بمؤشرات الأداء، ويجب أن نعلم أن النجاح مرهون بإيمان القائمين عليه بأهميته وجدواه.

المصدر: الرياض