أي الكائنات سيقود العالم؟

آراء

عندما لعلعت التهديدات الأميركية تجاه ضربة قاصمة للنظام السوري تطلع العالم إلى قوات النظام المتداخلة مع القوة الروسية على الأرض السورية انتابني الخوف أن يكون بشار الأسد مراهق صربيا.

حدث في تاريخ 1918 أن قام مراهق صغير بإطلاق النار على ولي عهد النمسا فأرداه قتيلاً. كلفت تلك الرصاصة أوروبا أكثر من تسعة ملايين قتيل. من شدة بشاعة تلك الحرب قدر العالم أنها آخر الحروب على وجه الأرض.

كل ما في الأمر أن طلبت إمبراطورية النمسا المشاركة في التحقيقات حول عملية اغتيال ولي عهدها. رفضت صربيا فأعلنت النمسا الحرب على صربيا فأعلنت روسيا حليفة صربيا الحرب على النمسا فأعلنت ألمانيا الحرب على روسيا فأعلنت فرنسا الحرب على ألمانيا فاحتلت ألمانيا بلجيكا وألحقت بها فرنسا فأعلنت بريطانيا الحرب على ألمانيا. وهكذا انفتح الباب لكل من يريد المساهمة في الدمار. دخلت تركيا العثمانية ثم لحقتها إيطاليا ومملكة رومانيا وأخيراً دخلت الولايات المتحدة.

فجرت رصاصات المراهق ما تخفيه النفوس من أطماع استعمارية وأحقاد دينية. من حسن حظ البشرية أو سوئها أن القنبلة النووية لم تخترع في ذلك الزمن.

سورية اليوم بؤرة لصراع متعدد ومجهول الاتجاه. كم دولة يمكن أن تنخرط في الحرب في حال اختل التوازن وفقد قادة الصراع القدرة على السيطرة.

أميركا روسيا إيران تركيا بريطانيا فرنسا إسرائيل المملكة مصر لبنان وثمة دول أخرى ستجد نفسها منخرطة في الحرب لا محالة. سيدفع الحلفاء مهما تباعدت أراضيهم ثمن تحالفهم مع هذا أو ذاك. روسيا سوف تهاجم اليابان وكوريا. وأميركا سوف تهاجم الصين وكوريا الشمالية والهند. لن تسمح الظروف الجغرافية أن تنجو استراليا وكندا ونيوزيلندا والأرجنتين لمجرد أنها بعيدة عن أرض النزال.

استمرت حرب المراهق الصربي أكثر من أربع سنوات أما حرب بشار الأسد فستكون مختصرة في ساعات. يكفي الصدام بين روسيا وأميركا لتنتهي معركة الإنسان الأخيرة في أقل من ثلاث ساعات ومن المرجح أن تكون الساعة الأخيرة بلا بشر. لن تتوفر إحصائيات عن أي أضرار فالحشرات لا تعرف القراءة والكتابة.

للمرة الأولى في تاريخ الكون سيقيم الصرصار إمبراطوريته العظمى على من سيبقى معه من خشاش الأرض. سيعم الصمت وتنطفئ الأنوار التي أزعج بها الإنسان الظلمة والزوايا المعتمة. لن يبقى سوى تعاقب الليل الحالك مع النهار الذي تضيئه شمس الله الموقدة في سقف الوجود. ستأتي الرياح والأتربة والأمطار وتعاقب الفصول لتزيل كل أثر للإنسان كأنه لم يمر من هنا يوماً. عندئذ سوف تتوقف كل الحروب وتحقن الدماء تحت الأنقاض إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

المصدر: الرياض