إبطال الباطل

آراء

عندما حكمت المحكمة العليا الاتحادية في الولايات المتحدة الأمريكية بعدم دستورية إباحة الإجهاض ألحقت فقرة في غاية الأهمية، وهي أن المحاكم العليا في كل ولاية من حقها اتخاذ القرار الذي تراه داخل حدودها، ومن ذلك يتبيّن لنا أن المحكمة الاتحادية تملك حق إقرار القوانين أو نقضها إذا رأت أنها مخالفة للدستور، وفي الوقت نفسه لا تستطيع أن تجبر الولايات على تنفيذ ما يخالف رأي غالبية مواطنيها، وتركت مسألة حسم قضية الإجهاض بتحليله أو تجريمه في يد السلطات المحلية وقرار المحكمة العليا التي تملك حق تقدير الموقف في كل ولاية على حدة.

ذلك يحدث في الدولة التي تصدر للعالم الأفكار الجديدة أو المستحدثة الناسفة للمعتقدات المستقرة، والمعتقدات كما قلنا من قبل إما أنها مستقاة من تعاليم الأديان أو نتاج لعادات توارثتها الأجيال حتى ترسّخت في المجتمعات واستقرت، وكلٌ يحاول أن يدافع عن معتقده الذي يراه الأنسب إليه.

ولم نرَ الرئيس «المنفتح جداً» جو بايدن يعارض قرار المحكمة الاتحادية العليا بإبطال الباطل، ولم نسمع «أم كوع» نانسي بيلوسي زعيمة الأغلبية في الكونجرس، صاحبة اللسان الطويل والمنفلت، والتي لم تتحمل وقوف طفلة بالقرب منها لتتصور معها، فأزاحتها بضربة جانبية، أقول لكم، لم نسمعها تحتج وتثير غضب جماهيرها ضد المحكمة العليا وقرارها، ولم يعلق أحد الديمقراطيين أصحاب نظرية «أوبن مايندز»، والتي تعني «العقول المتفتحة»، على القرارات التي اتخذتها بعض الولايات بالعودة إلى تشريعاتها السابقة لتجريم الإجهاض الذي يتم دون أسباب صحية من الأطباء المعالجين للأمهات!

ولكننا نسمع تصريحات ونشاهد تدخّلات من نفس «الطغمة» المتسيّدة بواشنطن في البلاد التي ليست لها ولاية عليها، بلاد تتمتع بالسيادة الكاملة، يريدونها أن تتبع أفكارهم «اللاأخلاقية» ومعتقداتهم المخالفة للطبيعة الإنسانية، ويمارسون كافة أشكال الضغوط، ويحرّضون الآخرين ضدهم بدعوى معاداتهم لحقوق الإنسان، وهم من أباحوا إزهاق حياة الإنسان وهو في بطن أمه!

المصدر: البيان