إيديولوجيا الإخوان.. الخافي أعظم!

آراء

رغم تعدد تصنيفات الايديولوجيا -كنظام من الأفكار يتكون في مرحلة تاريخية معينة-، إلاّ أن الباحثين يرون أن التصنيف الأيديولوجي مردّه في النهاية إلى إيديولوجيا سياسية، حيث تبدأ ثورية في التبرير للأنظمة أو الجماعات، ومنحهم مزيداً من الشرعية في القبول، ثم تتحول إلى إيديولوجيا حاكمة بعد بلوغ دعايتها ومشروعها سدة الحكم، فالديمقراطية مثلاً بدأت إيديولوجيا ثورية في القرن الثامن عشر، ثم تحولت إلى إيديولوجيا سياسية حاكمة في أميركا، وكذلك كانت الماركسية إيديولوجية ثورية عام 1917 –أي قبل قيام الثورة البلشفية في روسيا- وأصبحت أيديولوجية حاكمة بعد ذلك.

لا شك أن إيديولوجيا جماعة الإخوان الإرهابية هي على ذات الخط التصاعدي الثوري الذي أوصلها في النهاية إلى سدة الحكم في مصر، ثم فشلت، وعادت إلى مربعها الأول تثور في كل اتجاه، ومن معها من المتعاطفين والمتآمرين في منطقتنا العربية، والخليجية تحديداً.

والسبب أن الأيديولوجيا لا يحمي مشروعها من يرّوج أفكارها، بل من يتأثر بها؛ ولذا لم تكن الديمقراطية في الغرب فقط نتيجة لتطور اجتماعي وسياسي واقتصادي وثقافي بعد انهيار النظام الإقطاعي واللاهوتي، وظهور عصر التنوير والنهضة تبعاً لذلك، وإنما لأن المتأثرين بها من نخب وعوام وجدوا فيها صيغة لأن يحكم الشعب نفسه، وبإرادته المستقلة، وعلى العكس من ذلك الماركسية التي لم تتجاوز عقوداً من الزمن، وسقطت بإرادة من يرون أن أفكارها لم تستقم مع الواقع في الملكية والحرية تحديداً، والحال يستقيم مع إيديولوجيات عربية أخرى جاءت كردة فعل على نشوء المذاهب الفلسفية والسياسية، وتبلور الدول القومية، والظاهرة الاستعمارية، وسقطت في النهاية.

جماعة الإخوان إيديولوجيا مختلفة تماماً؛ فهي باختصار تريد أن تحكم، ولا شيء غير ذلك، وتعالت في تنظيرها على ما هو عاجل (الواقع) إلى ما هو آجل (الحكم)، وحولت إيديولوجيا المعرفة إلى معتقد بعيداً عن العقل، وأصبحت غاياتها تبرر وسائلها؛ حتى لو كان الشيطان حليفاً لها، وهو في الواقع كذلك؛ فالتاريخ شاهد على تحالفات متناقضة لمعتقدهم، ومبادئهم، ومع ذلك لم يعترضوا عليها، أو يمعنوا النظر في نهايتها، وتحالفها مع إيران أكبر دليل.

الفشل لم يكن كافياً لسقوط الإخوان مثل أي فكر إيديولوجي انتهى بما يغذيه، بل على العكس كان طريقاً للانتقام، وتشويه الحقائق، والنيل من المكتسبات، والخروج إلى العنف والكراهية، ومهما يكن من تفصيل أن ما يجري هو ردة فعل غير صحيح؛ فالواقع يكشف حقائق أخرى عن تحول مشروع الإخوان بعد الحكم إلى حلم الخلافة الكبير!.

المصدر: الشرق الأوسط