ارتفاع أسعار حملات الحج يزيد الإقبال على «حج البدل»

أخبار

كشف مسؤولون في جمعيات خيرية عن رفضهم عشرات الطلبات من مواطنين ومقيمين لأداء ما يعرف بـ«حج البدل»، مرجعين الرفض إلى وجود ثمة تحايل، أو عدم فهم لشروط هذا النوع من الحج، من جانب المتقدمين بالطلبات، لاسيما الأصحاء الذين يلجأون إليه هرباً من ارتفاع أسعار حملات الحج، فيما أكدت الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف عدم مسؤوليتها عن حج البدل، لكنها أفتت بصحته، وفق شروط اتفقت عليها اللجنة الشرعية في الهيئة، أبرزها أن يقوم الأشخاص بأداء فريضة الحج بالإنابة عن آخرين، إذا ما كانوا متوفين أو مصابين بعجز صحي يمنعهم مطلقاً من أداء الفريضة، مشددة على أن كل من لديه حيلة أو قدرة مالية أو بدنية على أداء هذه الفريضة، لا يجوز له طلب الحج بالإنابة.

في المقابل، أفاد مواطنون ومقيمون بأنهم لجؤوا إلى حج البدل «رداً لجميل ذويهم الذين فارقوا الحياة، أو تنفيذاً لوصاياهم»، إلّا أن بعضهم حاول اللجوء إلى حج البدل لعدم استطاعته المالية لأداء الفريضة، بينما أكد آخرون أنهم لم يؤدوا الفريضة لأنفسهم من قبل، ومن ثم لا يستطيعون أداءها بالإنابة، وآخرون أشاروا إلى أن ارتفاع أسعار حملات الحج دفعهم إلى «حج البدل»، كونهم لا يستطيعون تحمل كلفة الحج عن ذويهم المتوفين.

وتراوح تكاليف أداء فريضة الحج هذا العام وفق أسعار الحملات، بين 31 و75 ألف درهم للشخص الواحد، حسب نوع ودرجات السفر والإقامة، فيما لم تتجاوز تكاليف حج البدل في أغلب الجمعيات الخيرية 2500 درهم.

وتفصيلاً، أجمع مسؤولون في جمعيات خيرية على وجود إقبال كبير من مواطنين ومقيمين على ما يعرف بـ«حج البدل»، مؤكدين أن جمعياتهم تسعى بكل الطرق التوعوية لتعريف أي متقدم بشروط هذا النوع من الحج، مشيرين إلى رفضهم عشرات الطلبات من أشخاص حاولوا التحايل على هذه الشروط أو جهلوا بها، من أجل إسقاط الفريضة، سواء عن أنفسهم أو ذويهم بسعر ميسر من دون عناء.

وأوضحوا لـ«الإمارات اليوم»، أن حج البدل يحقق فائدتين عظيمتين، أولاهما أداء فريضة الحج عن شخص لم يستطع إليه سبيلاً، وفق شروط وضوابط، بينما الأخرى تتمثل في تقديم الدعم المادي والمساعدات لمن يؤدي فريضة البدل وللمشروعات الخيرية للجمعيات.

وقال مسؤول حج البدل في جمعية الإحسان الخيرية، حمزة المحمدي، إن حج البدل يعد أحد أبرز المشروعات والبرامج الخيرية للجمعية، لأنه يقدم خدمة أداء ركن أساسي من أركان الإسلام، لأناس فارقوا الحياة دون أدائه، أو تحول ظروفهم الصحية القهرية والمستمرة دون التوجه إلى الأراضي المقدسة.

وأضاف المحمدي أن هناك ضوابط شرعية مشددة لهذا النوع من الحج، إذ إن الجمعية لا تقبل أي معاملات من أشخاص لهم القدرة الصحية على أداء الفريضة، كما إنها توفد مندوبين عنها إلى المملكة العربية السعودية، لاختيار من يؤدون الفريضة بدلاً من الذين تعاقدوا معهم، وفق شروط أبرزها حاجتهم إلى المساعدة المالية، وحسن الخلق، بالإضافة إلى أداء الفريضة من قبل.

وشدّد المحمدي على أنه لا يجوز هذا النوع من الحج إلّا عن المتوفى أو العاجز صحياً ويصعب شفاؤه، لافتاً إلى أن بعض الأشخاص يسعون إلى طلب حج البدل وفي ظنهم أنه وسيلة زهيدة السعر لتحقيق غاية غالية يتمناها كل مسلم.

فيما أكد مسؤول بلجنة حج البدل في هيئة الأعمال الخيرية، عبدالله عمر، أن اللجنة المسؤولة لا تقبل الاتفاق مع المواطنين أو المقيمين على هذا النوع من الحج، إلّا بعد توضيح كل الشروط التي يصح معها حج البدل، لافتاً إلى أن الهيئة تقبل طلبات حج البدل عن المتوفين وذوي الأمراض المعقدة، والمعاقين كلياً، وأحياناً النساء كبيرات السنّ اللائي لا يجدن مرافقاً لهن.

وأوضح عمر أن الهيئة كثيراً ما رفضت طلبات لحج البدل من أشخاص لديهم قدرة بدنية، لكنهم لا يستطيعون مالياً، قائلاً: «هؤلاء نبلغهم بأنهم ليسوا مضطرين، لأن الحج فرض لمن استطاع إليه سبيلاً».

بينما قال مدير إدارة العلاقات العامة والإعلام في جمعية الإحسان الخيرية، عمار الحاج علي، إن هذا العام شهد إقبالاً كبيراً على حج البدل من المواطنين والمقيمين، الذين لم يتمكنوا من الحج عن ذويهم بأنفسهم، بسبب ارتفاع أسعار حملات الحج.

وأكد أن الجمعية تتولى التنسيق مع عدد كبير من طلاب العلوم الشرعية المقيمين في مكة المكرمة، الذين سبق لهم الحج للقيام بهذه المهمة.

وأوضح أن سعر حج البدل 2500 درهم، ولم يتغير منذ نحو خمس سنوات، مشيراً إلى أن الجمعية تساعد الراغبين في هذا النوع من الحج، وتأتي بشهادات الحج المعتمدة من السعودية، التي تحمل اسم البديل، وكذلك اسم الشخص الذي حج عنه.

وأفاد مواطنون ومقيمون بأنهم لجأوا إلى حج البدل «رداً لجميل ذويهم الذين فارقوا الحياة»، وأجمعوا على أنهم كانوا يتمنون أداء فريضة الحج بأنفسهم، لكن ارتفاع الأسعار، والالتزام بالضوابط الشرعية حالت دون ذلك.

قال يوسف الطيب إبراهيم، إن «توفي والدي منذ نحو ثلاث سنوات، وكان يتمنى قبل وفاته أن يؤدي فريضة الحج، لكن أمر الله نفذ، وبدوري سعيت على مدار العامين الماضيين، لأحقق أمنيته بأداء الفريضة بدلاً عنه، خصوصاً أنني أديتها عن نفسي قبل خمس سنوات، خلال عملي في المملكة العربية السعودية، لكنني لم أستطع تأديتها نيابة عن والدي، بسبب ارتفاع أسعار الحج، ومن ثم نصحني أصدقائي باللجوء إلى حج البدل، بعدما تأكدنا من شيوخ وأئمة بإجازته شرعاً».

وقال المواطن سالم عبدالله الزعابي: «تقدمت بأوراقي للحصول على تصريح للحج، بنية أداء الفريضة عن والدتي المتوفاة حديثاً، وبحمد الله تم قبولي، وتواصلت مع الحملة التي أتبعها، لأسألهم ما إذا كانت هناك أدعية أو شعائر للحج عن والدتي، وخلال الحديث فوجئت بأنه يشترط أن أكون أديت الفريضة عن نفسي أولاً، لكي أستطيع أداءها عن غيري».

وأضاف الزعابي: «اعتبرت هذا الأمر منحة من الله، فنويت الحج عن نفسي، لاسيما أن مسؤولاً في الحملة نصحني باللجوء إلى حج البدل عبر إحدى الجمعيات الخيرية، وبالفعل تقدمت دون تردد، لاسيما أن الأسعار في المتناول».

وذكر محمود حسين، أن والدته توفيت دون أداء فريضة الحج، فقرر تأدية الفريضة نيابة عنها براً بها، لكنه فوجئ بأن أسعار الحملات مرتفعة جداً، وفوق قدراته المالية، ونصحة بعض الأصدقاء باللجوء إلى حج البدل، خصوصاً بعدما أكد فقهاء شرعيته.

ومن جانبها، أكدت الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف عدم مسؤوليتها عن حج البدل، لكنها أفتت بصحته وفق شروط اتفقت عليها اللجنة الشرعية بالهيئة، مشددة على أنه لا تصح النيابة في الحج عن الحي القادر مطلقاً.

وقالت فتوى للهيئة: «إذا كان المحجوج عنه ميتاً فتصح النيابة عنه في الحج، والأفضل (إذا لم يوصِ) التصدق عنه بالمال الذي سيصرف في الحج، وإن أوصى بالحج وجب تنفيذ وصيته من ثلث ماله، وحيث صحت النيابة عنه جاز أن يحج عنه أقاربه، أو أن يستنيبوا من يحج عنه».

وأضافت الفتوى: «إذا كان المحجوج عنه حياً قادراً، فلا يجوز أن يستنيب من يحج عنه، وأما الحي العاجز فالمعتمد منع النيابة عنه في الحج، باعتبار أن الحج عبادة بدنية، والأصل في العبادات البدنية عدم صحة النيابة فيها».

وتابعت: أما النوع الآخر فهو خاص بالعاجز، حيث أجاز كثير من العلماء الحج والعمرة عن العاجز الذي لا يستطيع الحج لعذر لا يُرجى زواله، من مرض وغيره، أما الحي القادر المستطيع فلا تجوز النيابة عنه في حج الفريضة، مشيرة إلى أن النيابة في حج التطوع أجازها بعض أهل العلم، ومنعها الأكثر منهم.

المصدر: الإمارات اليوم