سمير عطا الله
سمير عطا الله
كاتب لبناني

استعاروا دبابة سيادة الفريق

آراء

الحكم مدرسة وقواعد وفرائض. قبل أن تصله يجب أن تتعلم أن السلطة أعمال وتفاصيل صغيرة، تتحول في حاصلها إلى إرث كبير. وأول الفرائض ألا تبذر في كرامة الوطن، وكرامة المواطن، وكرامة الأرض. وأول القواعد أن العدل سيد الأحكام.

توصل الإنسان إلى هذه الأصول من تجارب عمرها آلاف السنين. كان من شروط المُلك في بريطانيا أن يخوض حربا لكي يصبح ملكا، فصار من شروطه أن ينشر السلام في بلده وفي بلدان الآخرين. وكان من سمات السلطة في الصين أن يكون الفرد هو المليار بشري، يعملون بأفكاره ويقلدونه جميعا في زي واحد، ويذهبون إلى الموت إذا لم يحفظوا «الكتاب الأحمر» غيبا. ودفن آخر فرد، فتحوّلت الصين إلى أغنى دولة في العالم.

استنكر زعيم الحوثيين أن تقدم السعودية ودول العالم على سحب سفاراتها من صنعاء. كيف تفعلون ذلك؟ هذه نتائج الوصول إلى القصر على دبابة من دون المرور بمدرسة الحكم. رجل يتعجب من ردة فعل طبيعية على ارتكابه، ويرى في عمله أمرا عاديا. يسجن الرئيس الشرعي ويخطف أركان الدولة، ويضع يده على الدولة ومالها ثم يتساءل: ماذا فعلنا؟

الذين وصلوا من قبله على دبابات، كان أول ما يفعلونه تعليق المشانق، ورمي الأبرياء في السجون، وإغلاق المدارس، واستبدال نشيد الفرد بالنشيد الوطني، وقطع العلاقات مع الدول الناجحة لإقامتها مع الدول الرثة الحال، وجعل البلد في حالة طوارئ، ثم نسيانه فيها، والانكباب على درس نهج الزعماء المبجّلين في استعباد الناس وتحويلهم إلى خرق بالية.

الحوثي توقّع أن يزحف من صعدة إلى صنعاء، وينقضّ على الحكم والجيش والمؤسسات، ويبعثر سلامة البلد ويضعه في مربع الحرب الأهلية، وأن يكون الرد على ذلك الترحيب من الدول العاملة بالقانون. هذا في أفضل الأحوال إنكار مرضي من النوع الشائع في العالم العربي، وإما جهل مطبق في حياة الدول والشعوب. إن التصرف الدولي الجماعي حيال عملية السطو العلانية هو في حقيقة الأمر، سحب اعتراف بالمتربعين الجدد فوق صدور اليمنيين. خطوة مجلس الأمن، بجميع اتجاهاته وتناقضاته في شجب الغزو الحوثي لصنعاء، إدانة نادرة التوافق والصراحة.

كان اليمن على وشك أن يدخل عصر الاستقرار بعد الخلاص الصعب من دبابة علي عبد الله صالح، فكان أن دل الحوثيين على مفاتيح الدبابات ومخازن السلاح. من نفق إلى نفق. وسوف يتّهم الحوثي العالم بالاعتداء، واليمنيين بالخيانة.

المصدر: الشرق الأوسط
http://aawsat.com/home/article/293111/