اكذب.. ثم اكذب.. ثم اكذب.. وستصدقك نفسك

أخبار

“لم يكن باستطاعي فعل شيء حيال ذلك”، وقد تسمع من آخر “لا وقت لدي لأفعل هذا الشيء النبيل”، ولا تستغرب فقد يقول لك أحد الأصدقاء يوما “أنا لست كما تظن”.

نحن نكثر الكذب ونبالغ في وصفه إلى الحد الذي يجعل وقعه كوقع الحقيقة على مسامعنا. يسميه ستيف تشاندلر، مؤلف كتاب مئة طريقة لتحفيز نفسك، بأنه أخطر أنواع الكذب وأشده فتكا بالإنسان. وأود أن أسميه بأنه الثقب الأسود الذي يلتهم كل ما هو أمامه مهما كان عظيم القدر أو الحجم. الكذب على الذات، على العقل، على الروح هو الكذب الذي أوصلنا إلى ما نحن عليه. وقد تسأل نفسك وأنت تقرأني الآن، أين نحن يا حنين، وإلى أين وصلنا؟

أقول لك إننا على مشارف الدرك الأسفل إن لم نكن فيه أصلا. والدرك الأسفل هو ببساطة التخلف عن العالم هذا الذي يتابع سيره قدما نحو تطورات لا نتخيلها تماما، كجدي الذي لم يتخيل يوما أن الإنسان “سيطير”.

أنا اليوم أتخيل بأن شيئا ما سيحدث بهذا القرن سيصيبني بالذهول وهذا الشيء بالضرورة من صنع الإنسان.
أي إنسان قادر على ذلك؟

لا… فقط الإنسان الذي لا يكذب على نفسه، لا يشكك بقدراته وحدوده، إنسان لم يرَ يوما للمستحيل ملامح.
ستقول نحن كذلك.

سأقول لا.. إذ إنني مذ كنت بالسابعة من العمر وأمي تخبرني يوميا تلك الكذبة العظيمة “ليس باستطاعتنا فعل شيء حيال ذلك”.

ذلك الجهل، ذلك الفقر، التخلف، الرجعية.. كثرت الأمثلة، وكنا نخترع كذبة أخرى لكل مصيبة أخرى لنصدق كل مرة أننا “بخير”.

ستقول “أنا مجرد فرد بهذا الكون الكبير”، سأقول “إن معظم كتب التاريخ التي درستها تتحدث عن إنجازات أفراد.. هم كذلك كانوا” مجرد “فرد” بذلك العالم الكبير. لم يكن العالم أصغر، هم فقط عبروا حدودا نسميها قدراتنا والحقيقة أن لا حدود للقدرات.

لا بد من أن هناك طريقة للتوقف عن الكذب، للارتقاء بقدرات الفرد إلى أعلى إمكاناتها.. إذ أنك لا تستطيع أن تعمر بيتا من مجموعة حجارة مفتتة أصلا.. إذاً أنا الفرد أحتاج أن أبني نفسي وأقوى ومن ثم سيأتي بناء مجتمع منتج قادر على أن يؤثث بيته مما صنعت يداه وليس مما خلفه الآخرون له وإن كان أفضل نوعية.

حنين عساف
‫لمزيد من المعلومات عن الكاتب انقر هنا