الإمارات أنموذج القوة الناعمة

آراء

خاص لـ هات بوست:

يُعد مصطلح “القوة الناعمة” أحد أبرز المفاهيم التي انتشرت بقوة في العالم خلال السنوات الأخيرة، ولعله مصطلح يستخدم للحديث عن أقوى النماذج في المجتمع، خاصة عندما تتحدث هذه النماذج بلغة عالمية أو بلغة العولمة، ويمكنها أن تروّج للبلد بطريقة سلسلة وجذابة لأغلب الناس، بحيث يتعرف العالم على هذه الدولة ليس فقط من خلال العلم، بل من خلال الأشخاص والنماذج المتميزة، التي تشملها، مثل: نجوم كرة القدم، والمفكرين، والعلماء، والفنانين، والكتاب والأدباء، ورواد الأعمال، والصحفيين غير المتطرفين.

“القوة الناعمة” هي تلك الشخصيات المحبة للسلام والاطمئنان ونشر الثقافة العالمية، وغالباً ما تتحدث بأكثر من لغة، وتتصف بالإيجابية. فضلاً عن أنها شخصيات مثقفة منفتحة على ثقافات الدول الأخرى، والأهم أنها قريبة ومقبولة من مختلف الثقافات، ولا بد أن نذكر هنا الفنان الإماراتي الكبير حسين الجسمي الذي أصبح نموذجاً للتسامح واشتهر بذلك في العديد من الدول، فأضحى واحداً ممن يمثلون القوة الناعمة لبلدته.

عليه، من المهم جداً الاستثمار في الأشخاص ذوي الشغف المتعدد والمهارات المختلفة، كالطبيب الناجح في مهنته، ومتمرس في عزف إحدى الآلات الموسيقية، ومشهور على قنوات التواصل الاجتماعي، أو مهندس متخصص في مجال نادر وفي الوقت نفسه كاتب روايات ومقالات متميزة، وخطاط محترف، أيضاً قد يكون رساماً ونحاتاً ذو لمسة خاصة جداً لا يختلف اثنين في العالم على جمالية تصاميم يديه، وقد تكون شخصية رياضية ومتمرسة في الإدارة الحكومية وفي العمل الإنساني والاجتماعي ولديها قدرة على اختراق طبقات مختلفة في المجتمع، وقبول من مختلف الناس بتعدد ثقافاتهم، وفي الوقت نفسه لها تأثير على صناع القرار، وهناك أمثلة عديدة أخرى.

ولعل واحدة من أهم “القوى الناعمة” لدولة الإمارات هي الجوائز التي تمنحها الدولة في مجالات متعدد كالمجال الرياضي والإنساني والحكومي والتقني، وتفتح باب التقدم لها أمام جميع دول العالم، فالترويج لشجرة الغاف بأنها نموذج للصبر وللتسامح قوة ناعمة، كذلك فإن المؤتمرات العالمية وجمع الناس من حول العالم يرسل رسالة للعالم مفادها أن الإمارات هي بلد الإدارة الحكومية، وتلك قوة ناعمة تعزز من سمعة الدولة، أضف إليها تكريم رواد التواصل الاجتماعي في العالم العربي لمن استطاع أن يبني نفسه واسمه ويروّج لبلده من خلال صناعة المحتوى واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي بوعي.

كذلك أيضاً، فإن مؤلفات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، ككتاب “رؤيتي” و”ومضات من فكر” و”قصتي” تمثل قوة ناعمة، الأعمال الإنسانية التي تصل من دولة الإمارات للخارج قوة ناعمة. ومن القوى الناعمة أيضاً، استضافة الدول لإكسبو وللبطولات الرياضية والمؤتمرات العالمية. شغف سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم بالرياضة وممارسته الشخصية للرياضة باحتراف الذي أثمر عن بناء ثقافة رياضية في المجتمع، ونتجت عنه مبادرات يشارك بها كبار الرياضيين من حول العالم.

إذاً الاستثمار في القوة الناعمة، هو ترويج إيجابي للبلد، وهو أيضاً يمثل نشر اً لثقافة هذا البلد، ويعرّف العالم بنماذجه الناجحة، مما يدفع الناس لتُقبل على هذا البلد للعيش فيه لكونه بيئة صالحة لتنمية المهارات والمواهب، ولن يكون ذلك ممكناً إلا في وجود الأمن والاستقرار الاقتصادي.

فكم من نموذج ملهم يمثل الإمارات اليوم؟ وما هي تطلعاتنا للنماذج الجديدة؟ وما الذي نود ترويجه عن البلد؟ هل: التميز الحكومي، السعادة وجودة الحياة، الطموح والريادة، قهر المستحيل بالإيمان بأنه لا شيء مستحيل، التسامح.. ألم تشعر بان كل ذلك موجود بالفعل في دولة الإمارات العربية المتحدة؟ بالطبع، نعم.. والفضل يعود لله سبحانه وتعالى أولاً، ثم القيادة الرشيدة لهذه الدولة المعطاءة.

إن دولة الإمارات حقيقةً تنعم بمزايا لا حصر لها، ويأتي في مقدمتها نعمة الأمن والأمان، والاستقرار الاقتصادي، وتعدد فرص النمو في مجالات الحياة المختلفة، وممارسة العادات والطقوس بمختلف ثقافاتها بحرية مطلقة، مما يؤكد أن المجتمع منفتح وآمن يستطيع الشخص من خلاله تنمية مهاراته وتحقيق طموحاته.

وفي سبتمبر 2017، أطلق مجلس القوة الناعمة “استراتيجية القوة الناعمة لدولة الإمارات” وذلك ضمن أعمال الاجتماعات السنوية لحكومة دولة الإمارات، واليوم تعد دولة الإمارات الأولى عربياً في مؤشر القوة الناعمة وضمن المراكز الأولى عالمياً في التأثير العالمي والعلاقات الدولية وذلك وفقاً للتقرير العالمي لمؤشر القوّة الناعمة 2020 الذي تعده مؤسسة “براند فايننس”.

واختم بذكر تعريف للقوة الناعمة ذكره د. جمال عبد الجواد في مقال سابق نُشر في صحيفة البيان الإماراتية بتاريخ 2 مايو 2019: “القوة الناعمة هي القدرة على التأثير في سلوك الآخرين عبر الجاذبية والاحتواء، وليس عبر الإكراه. القوة الناعمة هي قوة النموذج، وجاذبية الثقافة، وسمو القيم والمبادئ، والمصداقية في الالتزام بكل هذا. إنها امتلاك الخصائص القوة الناعمة هي القدرة على التأثير في الآخرين بحيث تصبح قيمك وثقافتك ومبادئك وطريقتك في الحياة هي النموذج الذي يودون احتذائها وتجعل الآخرين يتطلعون للدولة باعتبارها نموذجاً يحتذى، ومصدراً للإلهام”.

**أتقن فن القوة الناعمة وكن سفيراً لبلدك**