د.سلطان أحمد الجابر
د.سلطان أحمد الجابر
وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة في دولة الإمارات العربية المتحدة

الإمارات.. طاقة إيجابية متجدّدة

آراء

تقدم لنا ذكرى اليوم الوطني فرصة لاستعراض الإنجازات، التي حققتها الإمارات العربية المتحدة، بعد مرور 42 عاماً على تأسيسها، فبفضل الرؤى الحكيمة والخطى الثابتة للوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، التي بنى عليها، وسار على نهجها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، وأخوه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وإخوانهما أصحاب السمو أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد حكام الإمارات؛ وكذلك بفضل المتابعة الحثيثة والجهود غير المحدودة للفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، أصبحت الإمارات العربية المتحدة اليوم دولة حديثة، يحظى مواطنوها والمقيمون على أرضها بأرقى مستويات المعيشة في العالم، ضمن أجواءٍ آمنة ومستقرة، تضمن تحقيق النمو المستدام، وتفتح آفاقاً لا متناهية للمضي قدماً نحو مستقبلٍ زاخر بالفرص الواعدة.

وإن كانت بواكير هذا النمو والازدهار تعود إلى ثروتنا الهيدروكربونية، إلا أن الرؤية بعيدة المدى لقيادتنا الحكيمة، والتخطيط الشامل، والاستثمار المدروس لهذه الموارد، كانت عوامل رئيسة في ما وصلت إليه الدولة من تقدم ونمو وازدهار.

وها نحن اليوم، نستثمر مواردنا الطبيعية بشكل استراتيجي، لتنويع الاقتصاد والانتقال به من الاعتماد على الموارد الطبيعية إلى اقتصادٍ قائمٍ على المعرفة، إذ إن رأس المال البشري هو من الركائز الأساسية التي أفضت إلى النهضة التي نشهدها حالياً، التي ستمكننا من الاستمرار في ترسيخ مكانة الدولة بين البلدان المتقدمة.

وتقوم استراتيجية النمو في دولة الإمارات على خيارات واضحة، تمثلت في توظيف عقلاني لثرواتها وعدم استنزافها، والسعي لتطوير الحلول التي تطيل أمد استغلالها، وذلك استناداً إلى التخطيط العلمي المدعوم برؤية استراتيجية، تستشرف المستقبل وتتهيأ له، وأسهم هذا النمو في توليد طاقة إيجابية كبيرة استقطبت الملايين من مختلف أنحاء العالم، الذين جاؤوا ليسهموا في قصة النجاح التي تسطرها دولة الإمارات بأحرف من نور في سجل التاريخ.

ويعد نهج بناء اقتصاد المعرفة استراتيجيةً حكيمةً، تساعدنا على التكيف مع التغيرات التي يشهدها العالم على مختلف المستويات، بما في ذلك النمو السكاني، وما يتبعه من زيادة في الطلب على المياه والكهرباء والغذاء، وبما أن الطاقة هي العمود الفقري لجميع الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والتنموية، فمن الضروري ضمان أمنها، من خلال تطوير مصادر جديدة تعزز المزيج الحالي للطاقة، الذي يعد النفط والغاز من أكبر مكوناته، وذلك لكي نؤمن للأجيال المقبلة جميع احتياجاتها من الموارد الأساسية.

لقد رأت قيادتنا أن مستقبل الإمارات العربية المتحدة يعتمد بشكل أساسي على الاستفادة من طاقات أبناء الوطن، وفي خضم التنافسية الشديدة التي يشهدها العالم، خصصت الدولة جهداً كبيراً للنهوض بقطاع التعليم، وتمكين المرأة، وإنشاء صناعات وقطاعات جديدة، لتعزيز الاقتصاد وتمكينه من التأقلم مع جميع التغيرات المستقبلية، والاستمرار في مسيرة التقدم، بحيث يصبح من أكثر الاقتصادات ازدهاراً، وقدرة على التنافس في القرن الـ21.

وتقوم إمارة أبوظبي بدور محوري باعتبارها مركزاً عالمياً للطاقة، إذ تحتضن مقر الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (آيرينا)، التي تجمع سنوياً أبرز الخبراء وصناع السياسات من أكثر من 163 دولة، لمناقشة أفضل السبل، للمضي قدماً في تطوير قطاع الطاقة المتجددة.

وتزداد مكانة أبوظبي في قطاع الطاقة أهميةً من خلال «القمة العالمية لطاقة المستقبل»، التي تستضيفها «مصدر» سنوياً، تحت مظلة «أسبوع أبوظبي للاستدامة»، الذي يجتمع خلاله أكثر من 30 ألف شخص، لمناقشة كل الموضوعات المتعلقة بالطاقة المتجددة والتنمية المستدامة، ولتشجيع إقامة الشراكات والاستثمارات، للنهوض بواقع قطاع الطاقة النظيفة وتعزيز نموه؛ يضاف إلى ذلك التقدم الذي أحرزناه في قطاع الطاقة النووية السلمية والآمنة، ومشروعات التقاط الكربون واستخدامه وحجزه، بحيث أصبحت الإمارات نموذجاً يحظى بتقدير الدول المتقدمة والنامية على حد سواء، لجهودها الهادفة إلى ضمان أمن الطاقة وتنويع الاقتصاد وتحقيق التنمية المستدامة.

وعندما بادرت الدولة إلى السعي لبناء وتطوير قطاع الطاقة المتجددة، من خلال تأسيس «مصدر» عام 2006، كانت أول دولة في المنطقة تتبنى هذا التوجه المستقبلي الجريء، وأسهم النجاح الذي حققته مشروعات «مصدر»، وإثباتها للفوائد الاقتصادية لتنويع مصادر الطاقة، في تشجيع العديد من بلدان المنطقة على أن تحذو حذونا، وتشاركنا هذا التوجه، لتترسخ مكانة الدولة كنموذج رائد في نشر مشروعات الطاقة المتجددة والتكنولوجيا النظيفة.

وأسهمت مشروعات الطاقة المتجددة في تسليط الضوء على التزام الإمارات بالتنمية المستدامة، التي تعد من أهم المحاور التي ركز عليها عرض دولة الإمارات لاستضافة معرض إكسبو 2020 في دبي، وجاء نيل ثقة العالم من خلال الفوز بهذا العرض، ليضاعف فرحة الاحتفال باليوم الوطني الـ42، وليعكس جوهر وروح الاتحاد.

ويعود جزء كبير من الفضل في هذا الفوز إلى الحنكة الدبلوماسية لدولة الإمارات، والكفاءة المميزة لـ«اللجنة العليا لاستضافة إكسبو»، ولفريق العمل الذي أعدَّ وقدم ملف الاستضافة ببراعة واقتدار، إذ تضافرت الجهود على مدى العامين الأخيرين، ووقف أبناء الوطن من جميع الإمارات صفاً واحداً، مفعمين بالطاقة الإيجابية، وهم يدعمون ملف الاستضافة، ويسهمون في الترويج لإقامة هذا الحدث العالمي في دبي.

ولا تقتصر أهمية إقامة «إكسبو» في دبي على تعزيز تدفق الاستثمارات، وتحفيز النمو الاقتصادي، وتنويع مصادر الدخل، وتوفير المزيد من فرص العمل، وإنما تمتد لتشمل ترسيخ مكانة دولتنا الفتية على خارطة العالم، كأول دولة في منطقة الشرق الأوسط تستضيف هذا الحدث العالمي، كما أن وجود «إكسبو» في دبي سيسلط الضوء على التجارب، والخبرات، وروح الإبداع والابتكار، والبنية التحتية المميزة في دولة الإمارات، التي استثمرت بحكمة وذكاء في ترسيخ مكانتها كمركز عالمي للاقتصاد والتجارة والأعمال والسياحة، وذلك وفق استراتيجية شاملة متكاملة وطويلة الأمد.

وفيما نحتفل اليوم بذكرى تأسيس اتحاد الإمارات، والفوز باستضافة «إكسبو»، ينبغي ألا نطيل الوقوف أمام الإنجازات الكثيرة التي تحققت، بل علينا أن نواصل التخطيط والعمل لنكون جاهزين للمستقبل، وعلينا أن نتطلع إلى الهدف المقبل، الذي يسهم في تعزيز مكانة الوطن، وصون أمنه واستقراره وازدهاره؛ ولدينا كل المؤهلات لنرفع سقف طموحاتنا ونكون أكثر قدرة على نقل الطاقة الإيجابية التي تزخر بها الإمارات، لأن الله حبانا بقيادة فريدة من نوعها ومدركة لطموحات شعبها، وملتزمة بتوفير كل ما نحتاج إليه لتحقيق أكبر الأهداف، وخير ما يمكننا القيام به، لتجديد عهد الولاء والوفاء لقيادتنا ولوطننا، هو مواصلة العمل وبذل الجهد، ليبقى علم الإمارات يرفرف خفاقاً في الأعالي.

المصدر: الإمارات اليوم