عبدالله القمزي
عبدالله القمزي
كاتب إماراتي

الإيموجي وسمات الشخصيات

آراء

سألتُ زميلة لي عبر الـ«واتس أب» عن التقاليد في بلادها، وعندما أخبرتني بحقيقة صادمة، وضعت أنا إيموجي (الأوجه الصفراء في الـ«واتس أب» وتطبيقات المراسلة الأخرى) الوجه المصدوم، فردت علي بأنها الحقيقة.

لو تخيلنا أن المحادثة السابقة كانت من دون ذلك الإيموجي، لما ردت الزميلة وأكدت ما قالته، ولتوقف الحديث عند الحقيقة.

مثال آخر: لدي صديق يعلق على كل ما أرسله له، وعندما أضع إيموجي الوجه الحزين على بعض التعليقات، تعبيراً عن قلة حيلتي تجاه أمر ما، فإنه يبادر بالتبرير وتفهمه أن الموضوع خارج عن إرادتي، ولولا الإيموجي لما اضطر إلى تبرير شيء.

الإيموجي يعوّض نقص المشاعر البشرية في الفضاء الإلكتروني، وهو ضروري جداً ولا غنى عنه، ويضع الحوارات في سياقها المناسب، ويستدعي ردة الفعل الصحيحة على كل تعليق.

مثلاً لو قلت لشخص: تعثرت أثناء نزولي السلم وسقطت على وجهي، الرد سيكون: تستحق السلامة أو هل أنت بخير.

لكن لو قلت العبارة نفسها ووضعت «إيموجي» ضاحكاً، فسيقول: يالك من أعمى، أو أين عينك، أو ماذا دهاك أيها الأخرق ألا تعرف كيف تنزل السلم.

ولو قلت العبارة نفسها ووضعت «إيموجي» حزيناً، فسيقول: يؤسفني ما تعرضت له، هل أنت بحاجة إلى أي مساعدة يمكن أن أقدمها، العبارة نفسها تستدعي ردات فعل مختلفة اعتماداً على نوع الإيموجي المستخدم.

تطورت الإيموجي نتيجة التوسع في استخدامها إلكترونياً لأنها تعكس مزاج الشخص وحالته النفسية أفضل من النصوص المكتوبة المجردة. هذا التطور شهدناه على شكل توظيف الإيموجي في تقييمات التجارب والخدمات في المؤسسات الحكومية الخدمية والخاصة.

فعندما يخدمك موظف يطلب منك تقييماً للتجربة من خلال ضغط زر من خمسة مثلاً، كل زر فوقه إيموجي يعكس درجات الابتسامة، من الفم المبتسم ذي الأسنان إلى الفم الحزين المقوس للأسفل الذي يرمز لعدم الرضا.

الأمر نفسه نراه في المستشفيات، فالكثير منها اليوم يطلب منك تقييم زيارتك بالطريقة نفسها التي ذكرناها، أو يطلب منك وصف الألم حسب الإيموجي، في الماضي كان الطبيب يقول لك صف الألم على سلم درجات من 1 إلى 10.

في دبي بادرت هيئة الطرق والمواصلات بتوظيف الإيموجي على لوحات السرعة في مناطق المدارس، فترى الوجه يبتسم لك عندما تلتزم بالسرعة المحددة، ويغضب عند تجاوزها.

اليوم الإيموجي أصبح المقياس المعتمد نظراً إلى قوته التعبيرية عن مكنون أنفسنا، فهو يساعد على تعزيز المشاعر إلكترونياً، ويزود المتلقي بالوضوح في الرسالة، كما أنه يعطي الكثير من الناس إشارات بصرية هم بحاجة إليها لفهم المحادثات وتجنب الحيرة.

ختاماً: حسب دراسة بريطانية، فإن الأشخاص الذين يستخدمون الإيموجي بكثرة هم اجتماعيون في الواقع، ويميلون إلى التوافقية مع غيرهم، ومنفتحون على التجارب الجديدة. أما الأقل تمتعاً بعلاقات اجتماعية فابتعدوا عن الإيموجي واكتفوا بالنصوص المجردة، لكن هذا التحليل لم يتطابق بالضرورة مع نظرة هؤلاء الأشخاص إلى أنفسهم.

كما بينت دراسة أخرى أن الأشخاص المنفتحين أكثروا من استخدام إيموجي عشوائي لا يتطابق مع مضمون كلامهم، مثل الحيوان الأحادي القرن الخرافي، أما المنطوون فالتزموا بخيارات واقعية كالإيموجي الضاحك أو الحزين.

المصدر: الإمارات اليوم