الابتكار وإلا الخسائر

آراء

ثقافة الابتكار ليست حكراً على أحد، فهي متاحة للعالم أجمع، فليس بالضرورة أن تخترع التقنية – على أهمية واستراتيجية هذا الفعل – ولكن الأهم أن تستخدم ما يتيحه لك العلم، وثورته التقنية الممتدة عبر الحدود إلى أصغر قرية.

ثقافة الابتكار ليست محصورة في قطاع بعينه، أو فئة مجتمعية بحد ذاتها، فهي متاحة للجميع، وبات الكل قادراً على التسلّح بها، فهي ملك لمن يكتسبها، ويتسلح بها، وباللغات كافة.

قطاع أعمالنا في الإمارات بدأ خطوات عملية لامتلاك أدوات هذه الثقافة، وبات البعض محترفاً في تطويعها لمصلحة أعماله، فخرجت شركات وطنية، وعربية، وأجنبية، من الإمارات إلى مقدمة الصفوف، وباتت لاعباً إقليمياً في مجالها، مستفيدة من بيئة استثمارية، وقانونية، ولوجستية وفرتها الدولة وأُحسن استخدامها، وحققت النجاح.

عشرات التجارب موجودة أمامنا، على غرار «سوق دوت كوم»، و«كريم» و«نون»، و«سيرتا» و«اون تايم»، وغيرها. تجارب انطلقت من مخازن، أو مكاتب متواضعة، فأصبحت شركات إقليمية وعالمية، تجارب استخدمت منصات رقمية فحولت أفكارها وأحلامها إلى أعمال بمئات الملايين، وإلى أكثر من ذلك مستقبلاً.

لكن هذه التجارب مازالت جد متواضعة إذا ما قورنت بحجم قطاع الأعمال في الإمارات، فالأغلبية، وعددهم بمئات الآلاف، ما زالوا يراوحون، وينتظرون، ولم يفعلوا إلا النذر القليل، والحد الأدنى من التعامل مع التقنية، وهم بالتالي على غرار مئات الملايين من البشر الذين يستخدمون الهاتف الحديث للاتصال، أو إرسال الرسائل، والتصفح، ولا يدركون أن ما بأيديهم يمكنه تشغيل مصنع وشركة كبرى.

قطاع أعمالنا في مواجهة فرصة تاريخية للانطلاق نحو درجة أعلى، إن لم يبلغها ستنخفض درجته الحالية مرات عدة، لأن هامش التقدم لم يعد يقاس بالمعايير السابقة المتدرجة، فما نواجهه الآن هو قفزات وقفزات ستجعل الفارق بين الأول والثاني، كالفارق بين الأول والعاشر في تصنيفاتنا الحالية.

ومع توفر التقنية أصبح الابتكار أكثر سهولة، والأفكار تحولت إلى واقع، والنجاح بات متاحاً، فالمهم هو المحاولة، إذ إن نجاح فكرة من عشر فِكَر هو إنجاز، فالإخفاق لم يعد مكلفاً يمكن تجاوزه بأقل الخسائر، بل على العكس يمكن البناء عليه للوصول إلى الهدف المنشود في تجارب لاحقة لابد من خوضها، للوصول بالأعمال إلى مستوى جديد يواكب مبادرات وطموحات الإمارات في التقنية والذكاء الاصطناعي.

المصدر: الخليج