الاتصال الفعّال

آراء

أعتقد أنه لا تخلو أي مؤسسة، كبرت أم صغرت، من مشكلات في العمل، وإذا حللنا مشكلات العمل تحليلاً علمياً لتوصلنا إلى أن السبب الجذري لأكثر من 60% من المشكلات يعود لضعف الاتصال، سواء بين الإدارة والموظفين أو بين الموظفين وبعضهم بعضاً، أو بين المديرين، بل قد يمتد ضعف الاتصال إلى المتعاملين أو ذوي العلاقة الآخرين. لقد شاركت في تحليل لسجلات شكاوى المتعاملين بأثر رجعي لإحدى المؤسسات الخدمية، قبل 10 سنوات، حيث تم تحليل أكثر من 4000 شكوى، واتضح أن 72% من تلك الشكاوى كانت بسبب ضعف الاتصال الداخلي بين موظفي تلك المؤسسة في إداراتها المختلفة من ناحية، ثم بين المؤسسة والمتعاملين من ناحية أخرى. إن الاتصال الفعال هو علم وفن، والمؤسسات الناجحة تعهد بمهمة الاتصال المؤسسي لموظفين مؤهلين تأهيلاً أكاديمياً وعملياً، ولديهم الخبرة والمهارات الحديثة التي تمكنهم من تحديد قنوات التواصل الفعال داخل المؤسسة وخارجها، ليس هذا فقط، بل تتم دراسة كل رسالة صادرة عن المؤسسة، خصوصاً مع كثرة القنوات المتاحة، خصوصاً وسائل التواصل الاجتماعي. القضية ليست فقط في إيصال الرسائل التي نرغب في إيصالها، بل لابد من التأكد من وصول الرسالة بالصورة المطلوبة، بمعنى: أهمية قياس فعالية الاتصال. إن عدم فعالية الاتصال تؤدي إلى مشكلات عديدة، منها خلق بيئة يلفها الغموض، وعدم الاستغلال الجيد للموارد المتاحة، وضعف روح الفريق، بل انعدامها في بعض الأحيان، كما تصبح بيئة العمل خصبة للشائعات والقيل والقال.

إن مشكلة الاتصال لا تقتصر فقط على المؤسسات، بل تمتد لحياتنا الشخصية والعائلية، فكم مشكلة سببها الرئيس هو ضعف الاتصال وعدم التفاهم، بل عدم وجود لغة مشتركة بين الطرفين، سواء بين الزوج والزوجة، أو الآباء وأبنائهم، أو بين الإخوة عضهم بعضاً، إنها مشكلة شائكة وتحتاج إلى مجهود وإصرار كبيرين من الطرفين على التواصل الفعال. ويمكن أن يكون هناك حل لو حرص كل طرف على فهم الطرف الآخر، وفهم دوافعه، ومحاولة استكشاف طريقة تفكيره، ولماذا يتصرف على هذا النحو، إن فهم دوافع الطرف الآخر، ومحاولة تقمص موقفه، قد يساعدان كثيراً في إيصال الرسائل المناسبة، وكذلك عدم تأويل الرسائل الواردة على محمل خاطئ. والجدير بالذكر أن التحلي بالموضوعية قد يحل الكثير من المشكلات، حيث يرى الإنسان الموضوعي دائماً الجانب الإيجابي والسلبي ويوازن بينهما، خصوصاً عندما نحكم على الطرف الآخر، فالإنسان بحاجة دائماً إلى أن يحكّم عقله وينظر إلى الأمور من أكثر من زاوية، وللحديث بقية بإذن الله.

المصدر: الإمارات اليوم