الازدحام الحميد

آراء

عاد الازدحام إلى الشوارع الرئيسية والداخلية ليل نهار، والرحلة بالسيارة التي كنت تحتاج إلى نصف ساعة، أصبحت الآن تتطلب ساعة على الأقل، خاصة في المناطق التجارية الرئيسية، ومناطق الترفيه.

عادت ساعات الذروة بقوة، وبات عليك أن تقدر أن زمن الرحلة، سيتضاعف أكثر من مرة، وهذا الأمر لا يقتصر على إمارة بعينها؛ بل في جميع إمارات الدولة ومدنها.

وعلى الرغم من أنه ازدحام مروري، ومن الطبيعي أن يحاول الجميع تفاديه، منعاً لإهدار الوقت، وتحوله إلى مشكلة تضر بمصالح الأعمال، فإنه في الإمارات لا يزال ازدحاماً حميداً، ومرحباً به إلى حد ما، لأنه يؤشر إلى حالة الانتعاش التي يعيشها اقتصادنا.

«الازدحام الإماراتي الحميد» يأتي بعد تطوير شبكة الطرق المتقدمة في الدولة، داخل المدن والشوارع التي تربط بين المناطق المختلفة، وتوفير الطرق البديلة، فيما تطوير الطرق المعتادة، جعل منها خطوط سير أكثر انسيابية، وإن بسرعة أقل من المعتاد خارج أوقات الذروة.

وإذا انتهت إلى غير رجعة الاختناقات المرورية التي عايشناها في السنوات السابقة لتطوير شبكة الطرق، وتوفير وسائل النقل المتنوعة، وبخاصّة المترو، فإننا كذلك أمام تنظيم أرقى للسير، وتجد الجميع ملتزماً بقوانين السير من دون الحاجة إلى التواجد التقليدي لشرطة المرور كالذي نجده في مدن إقليمية وعالمية أخرى.

الازدحام الحميد الذي نحن بصدده إنما يعود إلى النمو الاقتصادي القوي، وأحد أبرز المؤشرات الدالة على ما يحدث من وجهة نظر محايدة، هو تقرير مديري المشتريات الشهري الذي يواصل تسجيل مستويات مرتفعة لم تسجل منذ أكثر من 40 شهراً، لا بل وفيه مؤشرات على تحسن هو الأفضل عالمياً وخليجياً، وقد تم هذا الانتعاش على مراحل وبشكل تدريجي، وتجاوز «إكسبو 2020» وما تبعه من آثار اقتصادية إيجابية ونشاط لم يتوقف، على الرغم من مرور أكثر من 6 أشهر على انتهاء الحدث الذي طالما كان مؤشراً لقطاعات الأعمال.

كذلك، رفع صندوق النقد الدولي للمرة الثالثة على التوالي توقعات النمو لاقتصاد الإمارات في 2022 ليصل إلى 5.1%، مع العلم أن الصندوق يخفض التوقعات للنمو العالمي وللاقتصادات الكبرى إجمالاً. ولن نتحدث عن مؤشرات العقارات وتأسيس الشركات، وكلها تصب في خانة الإيجابية.

«الازدحام الحميد في الإمارات»، مرحب به على مستوى مختلف الشرائح، لأنه يعني الخير الاقتصادي للجميع، وكل ما عليك فعله لتفادي الازدحام، أن تحسن استخدام الطرق، ونظم الخرائط التي تتوفر بدقة في الإمارات، وهي الوسيلة الناجعة للوصول إلى مقصدك ومعرفتك التامة بحال الطريق.

لتفادي الازدحام، لا بد لك من تنظيم وقتك ومنح نفسك وقتاً أكبر للوصول إلى وجهتك، وإلا ستتأخر، وتتأخر أعمالك معك.

الازدحام في الإمارات لا يقتصر على الطرق؛ بل يشمل المرافق التي يستخدمها السكان والزوار، من مراكز التسوق والمطاعم وأماكن الترفيه وكذلك، في مواعيد العيادات وحتى خدمات صيانة المنزل أو السيارة.. إلخ.

«الازدحام الحميد» مرشح للارتفاع في الأشهر المقبلة مع تزايد أعداد الزوار القادمين من الخارج مع بدء موسم السياحة في بلادنا، وكذلك، خلال إقامة كأس العالم 2022 في قطر، والمئات من الفعاليات الرئيسية في مختلف المجالات، هنا وهناك.

المصدر: الخليج