الاقتصاد الإماراتي الثالث عالمياً في متوسط النمو خلال عقدين

أخبار

سجل الاقتصاد الوطني ثالث أفضل متوسط نمو على المستوى العالمي خلال العقدين الماضيين، بلغت نسبته 6%، ليحتل المرتبة الثالثة بعد الصين والهند، بحسب تقرير صادر أمس عن بنك ستاندرد تشارترد.

وأشاد التقرير بالخطط الطموحة للدولة لبناء اقتصاد تنافسي قائم على المعرفة، ضمن رؤية الإمارات 2012، داعياً إلى ضرورة التركيز على رفع مستويات الإنتاجية العمالية لضمان استدامة النمو خلال السنوات المقبلة.

وأوضح البنك في تقرير خاص عن الإمارات، ضمن إصداره العالمي الجديد، إلى الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للإمارات تمكن من تسجيل معدل نمو قوي خلال العقدين الماضيين قدره 6%، بعد الصين التي جاءت في المركز الأول بنسبة 10%، والهند بنسبة 6,4%.

وقال التقرير إن ناتج دولة الإمارات ارتفع من 234 مليار درهم (64 مليار دولار) خلال عام 1990، إلى 656 مليار درهم (179 مليار دولار) بنهاية العام 2010، مدفوعاً بدعم من قطاع النفط، والاستثمارات الضخمة في البنية التحتية، ما مكن الدولة من تأسيس بنية تحتية متطورة وبناء اقتصاد غير نفطي قوي.
وحث التقرير على العمل لدفع عجلة النمو خلال السنوات المقبلة، والحفاظ على استدامته، عبر زيادة التركيز على الإنتاجية على المدى المتوسط، باعتبارها المحرك الرئيسي للنمو على المدى البعيد.

ونوه التقرير برؤية الإمارات 2021، الطموح لبناء اقتصاد تنافسي عالٍ الإنتاجية، قائم على المعرفة، والتي جاءت ضمن الأوليات الاستراتيجية السبع التي أبرزت في استراتيجية الحكومة 2011-2013.

وتضع استراتيجية حكومة دولة الإمارات للأعوام 2011-2013، الأسس لتحقيق رؤية الإمارات 2021 التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، وتشكل المادة الرئيسة التي تقوم على أساسها الجهات الاتحادية بتطوير خططها الاستراتيجية والتشغيلية، وتحتوي على 7 مبادئ عامّة، و7 أولويّات استراتيجية، و7 ممكِّنات استراتيجية، بحسب الموقع الإلكتروني لمجلس الوزراء.

القوى العاملة الشبابية

ولفت التقرير إلى أنه بإمكان الدولة الاستفادة من وجود عدد كبير من الشباب الذين تقل أعمارهم عن 19 عاماً، والتي تشكل الشريحة الأكبر من المواطنين.

وقال إنه لضمان مستويات أعلى من الإنتاجية ونمو اقتصادي مستدام فإنه يمكن مواجهة المتطلبات المستقبلية للوظائف لعدد كبير من السكان، بالإضافة إلى التركيز على استقطاب العمالة الماهرة، وتشجيع جذب الاستثمارات إلى القطاعات التي تشهد نقصاً في الكفاءات وتقليص التدفقات العمالية غير الماهرة.

وجاء هذا التقرير بعد فترة قصيرة من إعلان البنك عن توقعاته بأن يصل النمو الحقيقي للإمارات إلى 4,3% هذا العام، مقابل 2,4% في العام الماضي، و3٫7% و3٫4% للعامين المقبلين على التوالي.

ويشهد الاقتصاد الوطني بحسب التقرير، أداءً جيداً منذ بداية العام الجاري بدعم من القطاعات غير النفطية في دبي، خاصة قطاعات التجارة والسياحة والخدمات، وبدعم من ارتفاع مستويات الإنفاق على المشاريع غير النفطية في أبوظبي، وبالناتج الصحي لقطاع الهيدروكربونات، حيث ساهم ارتفاع أسعار النفط لهذا العام في تعزيز النمو والمناخ الاقتصادي في الدولة.

الأنظمة الاقتصادية الواعدة

وأكد التقرير العالمي أنه باستطاعة الأنظمة الاقتصادية الواعدة، كتلك التي تتمتع بها الصين والهند وإندونيسيا ونيجيريا والبرازيل، زيادة متوسط دخل الفرد بنسب تتراوح بين 40 إلى 50% بحلول عام 2030، وذلك باتباع منهج إصلاح اقتصادي قوي وحيوي.

ولفت التقرير أنه وبعد “حقبة ذهبية” من عمليات الإصلاح بدأت في التسعينات، وكان لها أثر في تحسين مستوى المعيشة لمئات الملايين، شهدت وتيرة الإصلاح تباطؤاً في العديد من البلدان خلال السنوات الأخيرة.

ويُعزى هذا البطء والتراجع إلى عدد من العوامل تتمثل في: حقيقة أن النمو القوي نسبياً الذي حققته الأنظمة الاقتصادية أدى إلى تخفيف الحاجة الملحة إلى الإصلاح، بيد أن هناك بعض العوامل المؤثرة الأخرى التي تشمل القناعة والرضا بالوضع القائم، وتنامي شعور بخيبة أمل فيما يتعلق بحجم الإصلاح الحقيقي الموجه للسوق، والمقاومة السياسية.

وقدم التقرير تحليلاً للعمليات الإصلاحية المنفذة في 14 نظاماً اقتصادياً من بين الاقتصاديات النامية والكبرى. يذكر أن الأنظمة الاقتصادية الناشئة ساعدت – من دون إجراء إصلاحات- على دفع عجلة النمو العالمي في السنوات الأخيرة، إلا أن دفع عجلة الإصلاح المستدام بسرعة أكبر من شأنه تعزيز إمكانات النمو المستقبلي. وقد يُكلف الفشل في انتهاج الإصلاح، الأنظمة الاقتصادية الناشئة ما بين 1 إلى 3 نقاط مئوية على صعيد نمو إجمالي الناتج المحلي كل عام. وقال التقرير إنه لرفع مستوى المعيشة إلى معدلات أرقى في الأنظمة الاقتصادية النامية، وفي إطار الارتقاء بالنمو العالمي، تظهر حاجة واضعي السياسات إلى الانطلاق من حزمة أساسية من الإصلاحات، ولكن قبل ذلك، يتعين عليهم وضع إطار منطقي ومقنع لدور هذه الحزمة وعملها.

رؤية بعيدة المدى

وبحسب الدكتور جيرارد لايونز، المحلل الاقتصادي الرئيس ورئيس قسم الأبحاث العالمية لدى مجموعة ستاندرد تشارترد، فإن من بين الدروس الأساسية المستخلصة من هذا التقرير، حقيقة أن الدول بحاجة إلى رسم رؤية بعيدة المدى، توضح مدى أهمية الإصلاح، وما إذا كان الأمر يحتمل تكبد العناء على المدى القصير في سبيل تحقيق الهدف، وإنجاح الرؤية المرسومة. واستطرد قائلًا: “في كثير من الأحيان -كما هي الحال في منطقة اليورو حالياً- يكون الإصلاح أمراً مفروضاً عندما لا تسير الأمور على ما يرام، وإذا أصبح الأفراد أو الشركات أو الاقتصادات غير قادرين على المواكبة. وتوفر الاقتصاديات النامية أو ذات الأداء الجيد أفضل الظروف المواتية التي يمكن معها المضي قدماً في إجراء عمليات الإصلاح”. وتناول التقرير النقاشات الدائرة حالياً بين مختلف الأسواق، واختبارها للعمل على الوصول إلى أفضل السُبل لإسراع وتيرة التنمية الاقتصادية، وإرساء أسس الاتفاق على المنهج الذي يتعين على الدول اتباعه لتحقيق النمو والازدهار.

ومن جانب آخر، فقد تطرق التقرير إلى ذِكر عدد من المسائل الجدلية المهمة؛ خصوصًا فيما يتعلق بدور الدولة والمؤسسات المملوكة لها، وهو الواقع الذي يمكن إسقاطه على النهوض المفاجئ لجمهورية الصين على مدى العقود الثلاثة الماضية، والذي حول التركيز العالمي بعيداً عن “إجماع واشنطن” الأزلي القائم على السياسات الاقتصادية للسوق الحرة إلى ما بات يُعرف بـ”إجماع بكين”، وهو ما يتسم بالتنمية الاقتصادية التي تقودها الدولة. وتناول التقرير -في القسم الخاص بدراسات البلاد- بالتحليل أحد المجالات الرئيسة للإصلاح في كل نظام اقتصادي، الذي من شأنه -إن طُبق- أن يحقق نتائج مؤثرة. ومن بين الموضوعات المتكررة في التقرير، ضرورة العمل على تحسين البنية التحتية، وتحرير أسواق العمل، وتنفيذ الإصلاحات في السياسات المالية والعملية.

وخلص التقرير إلى أن الإصلاح الاقتصادي أمر شديد الإيجابية بالنسبة للمستثمرين والأسواق المالية، وله أثره الذي ينعكس على زيادة العوائد والتخفيف من حدة التقلبات السوقية عن طريق تشجيع النمو الاقتصادي، وخفض أسعار الفائدة واستقطاب المزيد من المستثمرين الجدد. حيث تُعد البلاد التي تتبع سياسةً إصلاحية قِبلةً للمستثمرين، وتتلقى الدعم والتقدير والرغبة في بدء استثماراتهم فيها قبل بدء تنفيذ الإصلاحات بالفعل.

المصدر: جريدة الاتحاد