الانشغـال عـن الطــريــق مخالفة تطارد مدمني «التواصل الاجتماعي»

أخبار

أثارت واقعة مخالفة سائق، انشغل ببثّ مباشر عبر «إنستغرام»، من قبل شرطة دبي، حالة من الجدل بين أفراد المجتمع، في ظل اعتياد غالبية رواد وسائل التواصل الاجتماعي على استخدام هواتفهم في تصفح حساباتهم أو الظهور مباشرة، وتساءل كثيرون حول آليات المخالفة، ومتى يتم تطبيقها، وطبيعتها وقيمتها.

نشر رسالة توعية

أفاد مدير الإدارة العامة للمرور، العميد سيف مهير المزروعي، بأن شرطة دبي لا تراقب حسابات مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، لكن في حالة وردت شكوى أو ملاحظة عبر أي من قنواتها فستتحقق منها مباشرة، وفي حالة التأكد ستتم مخالفة الشخص المخالف.

وأكد أن الهدف من مخالفة مستخدم «إنستغرام» في الواقعة الأخيرة، هو نشر رسالة توعية لأفراد المجتمع، بضرورة الانتباه أثناء القيادة، لأن الحوادث تقع في ثوان معدودة، وضرورة عدم الانشغال بوسائل التواصل الاجتماعي حفاظاً على أرواحهم وسلامة غيرهم.

800

درهم و4 نقاط مرورية سوداء عقوبة الانشغال عن الطريق بالهاتف أو بأي صورة كانت.

وقال مواطنون ومقيمون لـ«الإمارات اليوم» إنهم معتادون على استخدام الهاتف في التصوير، أو نشر قصصهم مباشرة عبر حساباتهم في وسائل التواصل الاجتماعي، معترفين في الوقت نفسه بأن هذا السلوك خطأ كبير يستحق المخالفة.

وأيدهم الرأي مشاهير تواصل اجتماعي، قائلين «ندرك خطورة ما نفعله، لكن لا نستطيع التوقف عنه»، وذكر أحد المؤثرين أنه رفض المشاركة في حملة مرورية للتوعية بخطورة استخدام الهاتف أثناء القيادة، لأنه أشهر من يرتكب هذه المخالفة في الدولة، ولا يمكن أن يناقض نفسه.

فيما ذكر مدير الإدارة العامة للمرور في شرطة دبي، العميد سيف مهير المزروعي، أن هناك تعديلاً على مخالفة استخدام الهاتف أثناء القيادة، بحسب اللائحة التنفيذية الجديدة لقانون السير، إذ تغير النص من استخدام الهاتف أثناء القيادة بوساطة اليد، إلى الانشغال عن الطريق باستعمال الهاتف أو بأي صورة كانت، وتضاعفت غرامته من 200 درهم إلى 800 درهم وأربع نقاط مرورية سوداء، مشيراً إلى أن هذه السلوكيات تعد نوعاً من الانشغال عن الطريق، وفي حالة رصدها أو الإبلاغ عنها، والتأكد منها تتم مخالفة السائق فوراً.

وكانت شرطة دبي سجلت مخالفة مرورية على أحد رواد وسائل التواصل الاجتماعي، لانشغاله ببث مباشر مع متابعيه عبر «إنستغرام»، والرد على ملاحظاتهم واستفساراتهم.

وقال القائد العام لشرطة دبي، اللواء عبدالله خليفة المري، لـ«الإمارات اليوم»، إن الواقعة رصدت وأبلغت بها شرطة دبي عبر قنواتها المخصصة للتواصل، وتمت متابعة صاحب الحساب لمدة ربع ساعة تقريباً، قبل تحرير مخالفته، وإشعاره بذلك.

وعلق صاحب الحساب بأنه حريص على تثبيت هاتفه في «تابلوه» السيارة، ولا يمسكه بيده، وتم لفت انتباهه إلى أنه مجرد قراءة ردود وتعليقات متابعيه يشتت انتباهه عن الطريق.

وتفصيلاً، قالت المواطنة نورا عبدالله، إن المخالفة التي سجلتها شرطة دبي لمستخدم «إنستغرام» تعد سابقة مهمة، ومن الضروري توضيح آليات مخالفة مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي أثناء القيادة، مشيرة إلى أنها تفعل ذلك دائماً بطريقة آمنة، من خلال تثبيت الهاتف على قاعدة في «تابلوه» السيارة.

وأضافت أنه يجب التفريق بين الاستخدام الآمن، مثل تثبيت الهاتف والحديث فقط دون الإمساك به، وبين التجاوز إلى قراءة التعليقات والرد عليها، لأن هذا يمثل سلوكاً خطراً بالتأكيد، ويستحق المخالفة.

فيما ذكرت هنادي صالح، أنها ضد وجود الهاتف من الأساس داخل صالون السيارة، مطالبة بتطبيق القانون الكندي على الكحوليات، إذ يحظر وجودها في متناول يد السائق، والسماح فقط بوجودها في الصندوق الخلفي.

وأكدت أن وجود الهاتف في متناول يدي السائق لا يقل خطورة عن تعاطيه الكحول، لافتة إلى أنها ترصد ذلك بنفسها أثناء القيادة، عندما ترى مركبات تنحرف يميناً ويساراً، كأنها من دون سائق، وتكتشف في النهاية أن السائق مشغول بالجوال، معربة عن أملها في أن يناقش مجلس المرور الاتحادي هذا الاقتراح، والسماح فقط لأصحاب المهن الحسّاسة مثل الأطباء وضباط الشرطة، باستخدام الهاتف أثناء القيادة.

من جهته، أقرّ المواطن علي المرزوقي، بأنه مدمن استخدام «سناب شات» طوال الطريق أثناء القيادة، ويدرك خطورة ذلك جيداً، ويرى أن شرطة دبي محقّة في تسجيل المخالفة للسائق الذي انشغل ببث مباشر عبر «إنستغرام»، لافتاً إلى أن الجدل الذي ثار حول الواقعة يرتبط بكونها سابقة أولى، لكن في الواقع لا يمكن أن ينكر أحد أن هذه السلوكيات تتسبب في حوادث قاتلة، لأن الظهور في بثّ مباشر يقترن دائماً بالانشغال بمتابعة التعليقات والرد عليها، خصوصاً لو كان المستخدم أحد هؤلاء المؤثرين في شبكات التواصل الاجتماعي.

فيما أفادت أماني مصطفى، بأنها كانت على وشك التسبب في حوادث أكثر من مرة، بسبب انشغالها بمتابعة وسائل التواصل الاجتماعي، والرد على أصدقائها عبر «واتس أب» أو «إنستغرام»، مؤكدة أن هذا السلوك يستحق المخالفة، على الرغم من أنها تمارسه بشكل متكرر.

رسمياً قال مدير الإدارة العامة للمرور، العميد سيف مهير المزروعي، لـ«الإمارات اليوم»، لا أحد يدرك عواقب الانشغال بالهاتف أثناء القيادة أكثر من رجال الشرطة، فنسبة الحوادث التي تقع بسبب هذا السلوك كبيرة، ومعظمها قاتل، أو أسفر عن إصابات بليغة، لافتاً إلى أنه انتقل لمعاينة مواقع حوادث عدة، وتبين أن سائق السيارة لم يتخذ أي رد فعل قبل الاصطدام، ما يدل على أنه كان غائباً كلياً عن الطريق، وكأنه نائم أو مغمى عليه، وذلك بسبب إشغاله بالهاتف.

وأضاف أن شرطة دبي معنية بتأمين سلامة هؤلاء، لكن لا يمكن أيضاً إغفال شريحة من الناس تلتزم بالقانون، بينهم أسر كاملة تتحرك على الطريق، وربما تتعرض مركباتهم لاصطدام مروع من مركبة يقودها شخص مشغول بهاتفه، لذا فإن الإشكالية تتجاوز مجرد مخالفة شخص انشغل ببث مباشر عبر إحدى وسائل التواصل الاجتماعي.

وأشار المزروعي، إلى أن هناك مؤشرات قوية على أن استخدام الهاتف أثناء القيادة عامل مشترك في كثير من الحوادث القاتلة، على الرغم من صعوبة التأكد بدقة من ذلك، منها احتلال مخالفة عدم ترك مسافة كافية بين المركبات المرتبة الثانية في قائمة أخطر أسباب الحوادث، من بداية العام حتى نهاية سبتمبر الماضي، بواقع 25 حالة وفاة، و325 إصابة متفاوتة، ولاشك فيأن هذه المخالفة مرتبطة بعوامل أخرى مثل انشغال السائق بالهاتف.

وأوضح أنه تم تعديل نص وغرامة هذه المخالفة في اللائحة التنفيذية الجديدة لقانون السير، من استخدام الهاتف أثناء القيادة بوساطة اليد إلى الانشغال عن الطريق باستعمال الهاتف أو بأي صورة كانت، وتضاعفت غرامته من 200 درهم إلى 800 درهم وأربع نقاط مرورية سوداء.

وقال مشاهير على شبكات التواصل الاجتماعي، لـ«الإمارات اليوم» سابقاً، إنهم معتادون على استخدام الهاتف المتحرك أثناء القيادة في التواصل مع متابعيهم عبر البثّ المباشر، خصوصاً من خلال «سناب شات» أو «إنستغرام»، مقرّين بخطورة هذا السلوك، ومع ذلك لا يستطيعون الإقلاع عنه بسبب ارتباطهم الدائم بمتابعيهم، وعدم قدرتهم على الابتعاد عنهم حتى في الأوقات التي يقودون فيها السيارة.

وقال المؤثر الإعلامي على شبكات التواصل، كانو الكندي، إن التصوير أثناء القيادة يمثل خطورة في كل وقت، لافتاً إلى أنه يتخذ بعض التدابير التي لا يراها كافية، لكنه صار مدمناً ذلك، فهو يطلّ على متابعيه في حالة كان الطريق مزدحماً، أو يختار الشوارع الخالية ولا تتجاوز سرعته عادة الـ100 كيلومتر في الساعة، تفادياً لأي مفاجآت يمكن أن تواجهه.

وأضاف «أعرف أنه خطر، لكن للأسف (شياطين السوالف) لا تأتيني إلا أثناء القيادة»، والأفكار تتوارد على رأسه في السيارة، لافتاً إلى أنه يحذر الناس من مغبة هذا السلوك، ويلح عليهم بعدم تقليده لإدراكه عواقب ذلك.

وأشار إلى أنه صار يفضل إيقاف السيارة حين يتواصل مع متابعيه عبر «إنستغرام»، لكن لايزال يفعل ذلك أثناء القيادة حين يحدثهم عبر «سناب شات»، مبيناً أنه يحاول الالتزام بإجراءات السلامة، لكنه يفوت المخارج عادة، ويتأخر عن مواعيده، بسبب انشغاله في التصوير. وأكد أنه أصبح يشعر بمسؤولية أكبر في ظل كونه رب أسرة، ولديه أطفال، إذ بات يدرك قيمته لدى عائلته، ويرى أن لا شيء يستحق أن ترمّل زوجة أو أن يفقد أطفال والدهم، بسبب هذا السلوك، لكنه لا يستطيع التوقف نهائياً عن ذلك.

المصدر: الإمارات اليوم