التكيّف مع تداعيات الوباء

آراء

من المهم، أن نعرف جميعاً أنّ المواجهة مع «كوفيد-19» تحتاج وقتاً طويلاً، حتى يتمكن العلماء من تطوير اللقاح وإنتاجه وتوفيره لحقن مليارات الناس، وقبل ذلك، على البشرية أن تجد وسائل التكيف اللازمة، وفقاً لواقع كل بلد، واقتصاده، وإمكانات قطاعه الصحي، ومستوى الوعي الاجتماعي فيه.

الفيروس المستجد فاجأ العلماء والأطباء بقوة العدوى وسرعة انتشارها، وفرض على الدول جهود مكافحة طويلة، فعلى الرغم من استقرار أرقام الإصابات والوفيات في دول قليلة، إلا أنّ تصاعدها لا يزال مقلقا في دول أخرى، أولها الولايات المتحدة، مما يجعل البشرية غير قادرة الآن على وضع سقوف زمنية واضحة لانتهاء المرحلة الأولى من التصدي للوباء.

إدارة الأزمة في الإمارات تدرك أنّ التكيف بات مطلوباً، وتعمل الآن على استقرار منحنى الإصابات، بجهود جبارة، حالت دون تركز بؤر للإصابة، ودون ضغوطات كبيرة على نظامنا الصحي، والتكيف المطلوب اجتماعي بالدرجة الأولى، فما دمنا نسجل إصابات فعلينا جميعاً التزام المعايير العالمية للتجنب والوقاية والتباعد، والحذر من أي مخالطة عشوائية، واتباع الإرشادات والتعليمات الرسمية.

البشرية كلها تعيش حياة يومية مختلفة، لم تعرف تفاصيلها من قبل؛ لا تجمعات كبيرة، لا مباريات لكرة القدم، التسوق اختلف، اللقاءات العالمية والاحتفال بالأعياد، والصلوات في دور العبادة، وكل مشاهد الحياة المكتظة السابقة تغيرت، وعلى الناس إيجاد وسائل التأقلم، حتى تمر الجائحة أو يجد العلماءُ الحلول المناسبة.

كثير من سلوكنا اليومي، ومن تقاليدنا في المناسبات الاجتماعية سيتغير. شاهدنا كيف أدى البابا فرنسيس صلاة عيد الفصح المجيد دون مصلين، وحث الناس على الالتزام ببيوتهم، شاهدنا أكثر من زفاف على وسائل التواصل دون احتفالات وحضور. المدارس مغلقة، وفي بلدان كثيرة لم تجد الدول وسائل لمنع انتشار الوباء سوى حظر التجول الكامل.

الأزمة تحتاج إلى وقت وصبر، وثمن ذلك إنقاذ حياة الناس، ونحن نتحدث عن أكثر من مليوني مصاب حول العالم، وتتبع ذلك كوارث اقتصادية وزيادات مذهلة في أعداد المتعطلين عن العمل وإفلاس شركات، وغير ذلك، وبالنسبة لنا في الإمارات، فقد كانت نشأة دولتنا واتحادها وصعود مشروعها التنموي في الإقليم تجربة ملهمة في التكيف مع كل الظروف الصعبة والعواصف العاتية في الشرق الأوسط.

اليوم، قيادتنا، ودولتنا، باقتصادها، وإمكاناتها الكثيرة، وموقعها الدولي، وبوعي مجتمعها قادرة على التأقلم مع الشهور الصعبة المقبلة، والسيطرة على انتشار الوباء، وأول شروط التأقلم هو الاعتراف بخطورة الكارثة، والتعامل المسؤول معها من الجميع.

شهر رمضان الكريم سيشكل أكثر من فرصة لإظهار حيوية المجتمع الإماراتي، وقدرته على المساهمة في احتواء العدوى، بثقافة مبنية على صون النفس والمجتمع، والإيثار، وتجنب الضرر، وهذه كلها من قيم ديننا الحنيف، وفضائل تليق بالشهر الكريم.

المصدر: الاتحاد