خالد السويدي
خالد السويدي
كاتب إماراتي

«الجزيرة» والرأي الواحد

آراء

كنت لفترة من الزمن معجباً بقناة الجزيرة، عندما شاهدت برنامج الاتجاه المعاكس قبل سنوات طويلة، توهمت بأنها مساحة للرأي والرأي الآخر، اعتقدت أنّ ما يحدث في مثل هذا البرنامج ظاهرة صحية من شأنها الارتقاء بفكر الإنسان العربي على وجه الخصوص، وبما يبشر بإعلام مهني موضوعي يناقش الأفكار مهما اختلفت اتجاهاتها اليمينية واليسارية.

ربما لم أكن الوحيد الذي كان منخدعاً في قناة الجزيرة وكل القنوات المشابهة لها، فهي بارعة في اللعب على وتر حرية الرأي والوقوف في صف الشعوب، تُوهم المشاهدين بأنها تسعى لرفاهية الشعوب وإبراز مشكلاتهم، تدعي الوقوف بموضوعية وأنها الباحثة عن الحقيقة أينما كانت.

إنما الطامة عندما تكتشف أنّ كل ما ظهر من شعارات لم يكن إلا خدعة انطلت علينا بكل سهولة، فاكتشفنا بعدها كمية الكذب والخداع والتزييف، والضيوف المفبركين الذين يخدمون أجندة واحدة، بل المصيبة عندما يرتدي الضيف نفسه قناعاً تلو الآخر، تارة يكون معارضاً سورياً وفجأة يتحوّل إلى معارض سعودي، معتقدين أنّ المشاهدين ينسون بسرعة، ويسهل استغفالهم كما جرت العادة قبل سنوات.

منذ ما يُسمى «بثورة الربيع العربي»، التي أعترف بأني كنت متعاطفاً معها كشفت قناة الجزيرة الوجه البشع لها بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، ظهر التحيز وبانت العورات، ووضحت الرؤية الخبيثة التي لطالما سعت لها من خلال التخريب والتحريض وبث الفتن، وتوجيه الرأي العام العربي في اتجاه واحد لا ثاني له، توجيهاً متحيزاً يعكس استراتيجية القناة ومن خلفها في السعي لكل ما يمكن أن يعكر صفو العلاقات العربية وبما يزيدها اشتعالاً.

المتابع لقناة الجزيرة منذ قرار مقاطعة قطر سيرى الوجه البشع أكثر وضوحاً، أصبح الشغل الشاغل للقناة تضخيم أي خبر يتعلق بالإمارات والسعودية والبحرين ومصر، وتحولت إلى أداة إعلامية تبث الحقد والكراهية بطريقة دنيئة، بينما تتغاضى عن كل ما يتعلق بقطر وحلفائها كأنهم ملائكة نزلوا لإحلال السلام في بقاع الأرض.

الإعلام والقنوات الفضائية أداة خطيرة لا يمكن الاستهانة بها، وعندما تصبح سلاحاً في يد أطفال يدارون من قبل أصحاب الأفكار الخبيئة، فلا تتوقع بعدها إلا الدمار والشتات والمصائب، وكما قالوا سابقاً: من يسيطر على وسائل الإعلام يسيطر على العقول.

المصدر: الإمارات اليوم