جمال خاشقجي
جمال خاشقجي
كاتب سعودي ويشغل حالياً منصب مدير قناة "العرب" الإخبارية

«الخطوط السعودية»… والسينما

آراء

وجدتها، وجدت الحل المناسب لواحدة من أكبر المعضلات «الثقافية – الاجتماعية» السعودية، وهي دور السينما، التي لا تمر أسابيع إلا ونجد تحقيقاً صحافياً أو مقالاً يطرح السؤال، لِم لا نسمح بدور السينما؟ ويعمد عادة محرر الموضوع إلى فرد رأي مؤيد وآخر معارض، وبالطبع لا يحصل شيء.

الموضوع مهم لأن معظم السعوديين يعشقون السينما، بعضهم يشد الرحال للبحرين من أجلها، وصالات دبي لا تخلو منا، إنها أمتع وقت للأسرة مجتمعة عندما تسافر خارج السعودية.

وجدت الحل على متن طائرة سعودية لواشنطن قبل أسبوعين، الرحلة طويلة ولابد من قطع الوقت، فقررت أن أجرب برنامج السعودية الترفيهي، الحقيقة دخلت محملاً بانطباعات سابقة، أفلام قديمة، ومقطعة، الحق أن الاختيارات كانت جيدة ومتنوعة وتناسب كل أفراد العائلة، وفوق ذلك محافظة وتراعي قيمنا، الخطوط نفسها تقول إنها تعتز بقيمها الإسلامية ونحن كذلك.

من الواضح أن لدى الخطوط جهازاً فنياً ذا خبرة، يقوم بمراقبة الأفلام، يستبعد اللقطات المخلة بشكل لا يقطع سياق القصة بقدر الإمكان، وإن لزم الأمر «يغبش» على ما برز أكثر من اللازم من السيقان والصدور، حتى صورة البطل وهو يرفع كأساً من الخمر أو البيرة يتم معالجتها، أحياناً يزودوها بالتغبيش على صليب معلق على صدر كاهن، وليس هذا من الإسلام، فليس من سماحة الإسلام منع رجال دينهم من تعليقه، خصوصاً في فيلم، ولو أمرنا بذلك لما بقي مسيحي في بلاد الشام ومصر، إن سماحة الإسلام هي التي حمت مذاهب مسيحية شرقية من الزوال، ولو كانت تحت رحمة فاتيكان العصور الوسطى لما أبقت منهم أحداً، المسيحيون أنفسهم يقولون ذلك، ليتهم يترفعون عن ذلك، فنحن بدأنا بتقديم أنفسنا كرعاة للحوار والتسامح بين الأديان.

أحياناً يترك الرقيب حواراً يرى أنه لا يجوز شرعاً، ويكتفي بعدم ترجمته، أو يجتهد في الترجمة، مثل أن يقول مقاتل في فيلم كانون البربري «آلهة هؤلاء القوم أشرار مثلهم»، فيترجمها «هؤلاء قوم أشرار»، لا بأس هذا التعديل البسيط نحتمله إذا كان ذلك كلفة إدخال الخطوط السعودية السينما إلى بلادنا.

هل قلت إن الخطوط ستُدخل السينما إلى السعودية؟ بالطبع لا، ولكن هذا ما أدعوهم إليه، أن تؤسس الخطوط شركة تملكها تقيم دوراً للسينما في المدن السعودية تعرض فيها ما تعرضه في السماء السعودية، إنه مشروع مريح بالتأكيد للخطوط، فيستطيعون من الأرباح الطائلة التي سيحققونها شراء طائرات جديدة أو «مستعملة» تخفف عنا معاناة الانتظار الطويل الصيف المقبل، كما أنها مجرد توسع في نشاط يمارسونه ابتداءً، فلديهم فريق فني متكامل للرقابة، واختيار الأفلام وشراء الحقوق، تحتاج فقط لتعديل بسيط في عقود حقوق العرض ليسمح لها بإضافة صالات السينما، بالطبع يحتاجون مكائن للفشار والمثلجات وبلاشي الفصفص.

لمعرفة ما ستعرضه السعودية على الشاشة الكبيرة، الرجاء مراجعة الدليل الترفيهي لهذا الشهر، الذي يتصدره إعلان عن فيلم المعجزة الكبرى، الذي يروي قصة ثلاثة حيتان حجزها تغير سريع في الطقس بولاية ألاسكا من إكمال هجرتها جنوباً… إنه فيلم رائع مناسب لكل أفراد العائلة، اعطني بعضاً من الفشار.

المصدر: الحياة