خالد السهيل
خالد السهيل
كاتب - مستشار إعلامي

الدين والدراما

آراء

الدين عنصر مهم في الدراما. لا يكاد يخلو فيلم ولا مسلسل من حضور الكنيسة وأثرها في الدراما الغربية. الأمر نفسه ينسحب على الفنون الأخرى، إذ غالبا ما تكون الرموز الدينية حاضرة من خلال مشهد أو أكثر.

هذه المسألة البدهية، يبدو أنها محل استشكال لدى فئة من الشباب العربي، الذين يتغلغل في وعيهم تفسير التدين من خلال الشخوص الضالة الذين تسللت صورتهم من الواقع إلى الدراما، حتى صار من النادر أن تجد ملمحا إيجابيا، يعرض لك صورة الإنسان الطبيعي الذي يتوازن في حياته بين معيشته لدنياه وأخراه. وهذه الصورة هي الصورة الحقيقية الغالبة في مجتمعاتنا. فالدين مكون رئيس ومهم، لا يمكن الاستغناء عنه عند بناء دراما تعكس صورة أي مجتمع.

والحقيقة أن هناك صورة مغلوطة لدى طرفين:

الأول: يتمثل في أولئك الذين يتصورون أن التطور والمعاصرة تفرضان عليك ألا تؤدي واجباتك الدينية.

والثاني: يزعم أن التدين لا بد أن يكون من خلال نظرة متشددة، ومقاطعة وعداء لكل تفاصيل الحياة.

وبين هؤلاء وأولئك تأتي النظرة الوسطية التي تجمع أغلبية المسلمين. هذه الوسطية هي التي تمنح الحياة معناها الحقيقي من خلال العمل للدنيا والآخرة. إن ندرة مباشرة الدراما المحلية والعربية للشأن الديني، في مقابل طغيان هذا الحضور في الدراما الغربية، يمثل عاملا من عوامل القصور التي تحتاج إلى استدراك. وهي التي تساعد على حماية العقول من الغلو والانفلات.

إن حضور صوت الأذان في مشهد عابر، يضاهيه في المشاهد الغربية صوت دقات الكنيسة، وطرح صورة القسيس صاحب الأفق الرحب، تضاهيه في ذلك صورة افتراضية ضرورية للشيخ المتسامح.

لقد غلبت على كثير من الأفلام والمسلسلات العربية صورة المتدين الساذج أو المتشدد، وتوارت الصورة الحقيقية لما هو موجود في الواقع. أقصد الإنسان السوي الذي يعيش حياته متصالحا مع معطيات العصر، ومتجاوبا مع واجباته الدينية الأصلية من صلاة وصيام وزكاة … إلخ.

هذا التقصير من الدراما، يسهم في تكريس صورة ذهنية مغلوطة، وكأن الدين في خيال من يصوغون الدراما عندنا هو داعش والقاعدة وبقية أطياف الخوارج والتشدد.

المصدر: الاقتصادية