ريم الكمالي
ريم الكمالي
كاتبة في صحيفة البيان

في يوم المرأة العالمي

آراء

منذ سلمى الجلفارية ابنة الماجدي بن ظاهر، أي منذ القرن الثامن عشر إلى اليوم، وهي توقظ فينا تلك المرأة المبدعة، كأديبة أولى وثّقَتْ اسمها شعرًا وموقفًا، لنجد تأثيرها الصاعد على دفاتر الأدب، كي يستمر الزمن في تعقبها وحضورها بجانب الرجل، مدافعةً عن أرضها ضد الاستعمار البريطاني، إلى دأبها في الساحات الرملية العامة في وطنٍ منسي، لتجلب ماء الحياة من الآبار، ومنذ فقرها المعروف الذي عاشته بسلوان، ومنذ الفاقة التي مرت على الساحل بسبب هذا الاستعمار المتحكم في البحر، ومنذ تدهور ظروف العمل من بدايات القرن العشرين، والمرأة تضحي من أجل مسيرة أسرتها وأبنائها، من دون حركة نسوية متطورة للتعبير عن نفسها، ومن دون المطالبة بحقوق مختلفة، ومن دون أي شيء، ليبقى لها الفضل في التحمل بلا مقابل وبلا أجر.

في يوم المرأة العالمي أقول بأن المرأة الإماراتية، ومنذ عقود طويلة كانت حيال قرارات مصيرية قامت بها خلف الستار ومن ودون اعتراض أو شجب أو المطالبة بمساواة… لتصنع حركة نسوية بلا جمعيات، وتعطي نضالًا بلا صوت.

لم يصارع الموت مثلها أحد حين كان يحاصرها أثناء الولادة أمام غياب مشفىً صغير أو حتى عيادة لم تفتحها لنا أية دولة متحضرة عربية أو غربية في الثلاثينيات أو الأربعينيات من القرن الفائت، ولا أعرف لِمَ؟ فعلى الخرائط كنا نسمى بساحل عمان المتصالح، نعم متصالح وفقير، لذا لم يلتفت أحد سوى لاقتسامه، لا لإخراجه من الموت والمعاناة.

عاشت المرأة مع الرجل جنبًا إلى جنب غياب دولتها من دستور أو مؤسسات، تصارع معه لفكرة الاتحاد قبل الاتحاد بعقود طويلة لتتعطل كل حين، فَتَعبُر المسافات مع الرجل بين كل إمارة إمارة بأوراق رسمية، لتحيا مع الرجل الفراغ السياسي والاقتصادي دون التفاتٍ من أحد، حتى جاءتها هِمّة والدنا الشيخ زايد، رحمه الله، ورفيقة دربه الشيخة فاطمة بهمتها الأولى مع المرأة.

منذ تاريخها الذي لم يُكتب بقيت المرأة الإماراتية هي السيدة القائمة بالأعمال أثناء غياب أفراد أسرتها في البحر أو في تلك الأشغال الصعبة والمتناثرة، لتقبض على وحشة المغيب في حضور المستعمر دون المناشدة بشيء، وتطل في أشعارها معبرة عن طلوعٍ أشبه بشروق بعيد، ومن دون يوم مخصص لها منذ سلمى، إلى يومنا هذا.

المصدر: البيان