الرئيس السوداني في حوار شامل : لست دكتاتوراً وغير راغب في السلطة

أخبار

أكد الرئيس السوداني عمر البشير أنه لا مساس بنقطة مياه من حصة مصر التاريخية في نهر النيل، وأن التنسيق قائم ومستمر بين البلدين وإثيوبيا، وأن أزمة سد النهضة تشهد تطورات إيجابية مستمرة للصالح العام. وأكد أن العلاقات المصرية – السودانية تاريخية وأزلية، وجدد رفضه للتدخل الإيراني في الشأن العربي، وأعلن أن بلاده ستقف بالمرصاد ضد «المد الشيعي» في القارة الإفريقية.

* كيف ترى أبعاد العلاقات المصرية السودانية الآن؟

– العلاقات المصرية السودانية راسخة ومتجذرة بعمق التاريخ على جميع المستويات، لها خصوصية، لأنها مبنية على تواصل مستمر منذ القدم، ومرتبط بحركة المصير المشترك. ونريد لهذه العلاقات أن تدخل مرحلة تاريخية مهمة، تحدث بها نقلة نوعية في شكل حراك إيجابي يدخل مباشرة لترجمة استراتيجية عملية وفعلية، نهدف إلى العمل على دفع وتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين بما يحقق المصالح للجانبين، إضافة إلى زيادة التنسيق حول القضايا والموضوعات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.

العلاقات الثنائية راسخة لا تؤثر فيها الأحداث الطارئة، وإذا كان هناك اختلاف حول وجهات النظر من وقت إلى آخر فهذا شيء طبيعي، وداخل البيت الواحد تحدث الاختلافات وتتباين الرؤى حول بعض المواقف والمسائل والقضايا، لكن على المستوى الاستراتيجي لا شيء يؤثر في هذه العلاقات، لأنها بالأساس بين شعبين يربطهما مصير مشترك.

* على ماذا يرتكز موقف الخرطوم من قضية سد النهضة ؟

– يرتكز على ثلاثة محاور، هي: ضمان سلامة السد وتأثيراته على نصيب مصر والسودان من مياه النيل، وضمان أن ملء البحيرة لن يؤثر في عمليات الري في السودان ومصر، إضافة إلى برنامج تشغيل السد وحجم التصريف اليومي للمياه، وهناك لجنة ثلاثية من مصر والسودان وإثيوبيا تبحث الملف الخاص بإنشاء السد من ناحية تأثيره على نسب وحصص الدول الثلاث دون إضرار بمصالح إي منها.

* هناك مخاوف من الإخلال بحصة مصر التاريخية من المياه؟

– اتفاقية مياه النيل عام 1959 حددت حصة مصر والسودان، وهي اتفاقية متماسكة تماماً لا يوجد فيها أي مشاكل، وإثيوبيا أكدت حصة مصر والسودان في مياه نهر النيل في اتفاقية المبادئ بالخرطوم. هناك تفاهم كامل بين الدول الثلاث من خلال اتفاقية الخرطوم ولقاء شرم الشيخ، وتم الاتفاق على تكوين لجنة عليا مشتركة لترعى العلاقات في شتى المجالات الأمنية والمائية والسياسية، وتصبح هي الإطار لمناقشة كل ما يخص العلاقات، لدينا مصالح في النيل، كما أن كلاً من إثيوبيا ومصر لديهما مصالح أيضاً، والقضية ليست بين مصر وإثيوبيا، القضية في الدول الثلاث، والاتفاق المبدئي ألا يكون هناك أي ضرر من سد النهضة للجانبين السوداني أو المصري.

وأي حديث عن أن إثيوبيا ستتحكم في مياه النيل كلام غير وارد، لأن السد خلال عام يجب أن يتم تفريغه ليكون متسعاً لاستقبال مياه الفيضان في العام الذي يليه، لأن طاقة السد معروفة، وأنت تتساءل عن فكرة بيع المياه؟!.

* هناك اتهام في الشارع المصري أنكم تعملون ضد مصلحة مصر والانحياز إلى إثيوبيا؟

– نحن لم نقف إلى جانب إثيوبيا ولا ضد مصر، لأننا الطرف الأساسي والأصيل في سد النهضة، وأهميته بالنسبة للسودان بمستوى أهمية السد العالي بالنسبة لمصر، لأنه يخزن كل المياه في فترة الفيضان، وبعد ذلك يمررها عبر الخزان طوال أيام العام، وبالتالي نحصل على مياه كافية وطاقة توليد كهربائي جيدة علماً بأنه في شهر إبريل/‏نيسان من كل عام ينخفض توليد طاقة الكهرباء في بعض المناطق السودانية بنسبة من 50 إلى 15 في المئة، ولذلك عندما يحين وقت الفيضان نضطر لفتح كل البوابات، وبالتالي التوليد الكهربائي ينخفض.

* أفهم أن هناك اتهامات مباشرة للمخابرات الأمريكية بدعم تنظيم داعش.. في حين هم يؤكدون أنكم كنتم «الراعي الرسمي» لتنظيم «القاعدة»؟

– لم نكن يوماً ما رعاة رسميين أو غير رسميين للإرهاب، نحن دائماً ندعو إلى ضرورة الاهتمام بالبناء الداخلي للإنسان المسلم، والتركيز في ذلك على الوسطية والاعتدال والحكمة، وندعو دائماً إلى محاربة الأفكار التي تروج لها التنظيمات الإرهابية والتكفيرية الضالة، والسودان يعاني منذ فترة من عمليات الاستقطاب السرية لشباب السودان ضمن الجماعات الإرهابية المقاتلة، ولقد تنبهنا إلى تلك المشكلة مبكراً، وعملنا على إيجاد طاقات شبابية عدة محصنة بعلوم الدين والشريعة، وعملنا على إعدادهم للتصدي لما تزرعه تلك التنظيمات في عقول الشباب، لأننا نؤمن أن الفكر الإرهابي لا يمكن مواجهته إلا بالفكر.

* الدور السوداني في ليبيا مثير للسؤال؟

– كان القذافي يقدم كل الدعم والتمويل والسلاح لحركات التمرد في السودان سواء في الجنوب أو دارفور أو النيل الأزرق، أو كردفان. ودعم متمردي الجنوب منذ 1983، وبعد اتفاقية السلام الشامل، وجد ضالته في حركات التمرد في دارفور، وكذلك الحال عندما كانت إريتريا وأوغندا في حالة حرب معنا. وعندما اشتعلت الثورة في ليبيا رأينا ضرورة تخليص الشعب الليبي من الديكتاتور فدعمنا الثوار.

لم ندعم فصيلاً ضد آخر، وحينما حصل الخلاف بين الفصائل كان لدينا موقف واضح أن كل دول الجوار الليبي تشترك مع بعضها لجمع الفرق المختلفة، وهذا هو موقفنا وقد اقتنع رئيس الوزراء «عبد الله الثني» أن المعلومات التي بنى عليها الاتهامات كانت خطأ، لأنه هو من وقع معنا اتفاقية مشتركة بين ليبيا والسودان، حيث لدينا قوات مشتركة في «الكفرة» ولدينا قوات داخل ليبيا لتأمين الحدود ونحن أسهمنا في بناء الجيش الوطني، وبالتالي فتحنا الكليات والمدارس والمعاهد العسكرية للإخوة الليبيين.

* هل توافق على إرسال قوات عسكرية سودانية إلى ليبيا؟

لا نوافق على إرسال قوات عسكرية سودانية إلى ليبيا، ونؤيد فكرة التعاون العربي العسكري، ولم نرفض فكرة إنشاء القوة العربية المشتركة، لكنها لم تحصل على الإجماع ولا نستطيع أن نفرض رؤيتنا على أحد،.

* انضمامكم إلى التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن هل هو تحسين للعلاقات المضطربة مع السعودية؟

– مشاركتنا في حرب الحوثيين تأتي في إطار الأمن العربي، لأن أمن الخليج عامة، والسعودية جزء لا يتجزأ منه، والعمل في مجمله هو محاولة لإنقاذ اليمن من الانهيار والسقوط في الهاوية.. الحوثيون وقوات الرئيس السابق علي عبد الله صالح هما وراء هذه الأزمة.

* هناك قوى إقليمية تحرك الحوثيين وأعني بذلك إيران التي كنتم على علاقات استراتيجية معها كيف تبدلت هذه العلاقات سريعاً؟

– لم تكن هناك أي علاقات استراتيجية بين السودان وإيران، بل هي علاقات عادية جداً. وادعاء العلاقات الاستراتيجية محض افتراء، ودعاية إعلامية رخيصة، يسعى المغرضون من خلالها إلى تحقيق أهدافهم على حساب علاقتنا مع أشقائنا في الخليج.

لا نستطيع أن نقول إن الصراع في اليمن طائفي. إيران أعلنت تأييدها للحوثيين في اليمن، لكن الحلف الحقيقي الموجود على الأرض هو ما بين الحوثيين والرئيس السابق علي عبد الله صالح.

* البعض يرى أن حكومتكم تتبع «التقية السياسية» في علاقاتها مع إيران ودول الخليج، وإغلاقكم للمراكز الثقافية الإيرانية في السودان يأتي كنوع من التمويه، وذهابكم إلى الحضن الخليجي جاء بسبب أوضاعكم الاقتصادية وليس توجهاً استراتيجياً؟

-علاقتنا مع إيران لم تكن في إطار التشيع، ونحن لا نعرف التشيع، ولا نقبل به في السودان، وقوانينا تكفر الفكر الشيعي، نحن أولاً أهل سنة ولسنا شيعة، ونعمل على تعزيز المذهب السني وهو أصلاً راسخ في المجتمع السوداني.

لن نسمح لسرطان التشيع أن ينمو في جسد السودان السني، والشيعة يعلمون أنهم لا وجود لهم في مجتمع سني متجذر في حب «الرسول الكريم» وآل البيت والصحابة الذين لا يقبل أي سوداني أن تصل إليهم أي إساءة أو سب من أي شخص كان، ولم تكن الخرطوم ولن تكون نقطة ارتكاز لنشر التشيع.

* كيف هي علاقاتكم مع واشنطن؟

– ليست لنا مصلحة في أن تكون علاقاتنا مع الولايات المتحدة متوترة، لكنهم يحملون أجندة متحركة. بمعنى أنه في البداية كان هناك وعد قاطع بأنه إذا تم التوقيع على اتفاقية السلام الشامل سيعملون على تطبيع العلاقات ورفع اسم السودان من قائمة الإرهاب، وبعد أن وقعنا قالوا لن يأتي ذلك إلا بعد التنفيذ، ولما بدأنا ننفذ قالوا إلا بعد قضية دارفور، وكنا نتفاوض في أبوجا، وجاء مبعوث رئاسي وكان نائب وزير الخارجية الأمريكي «انتوني زوليك»، وجلس في نفس الكرسي الذي تجلس عليه الآن، وقدم القائمة بأنه إذا تم التوقيع في أبوجا سيتم رفع اسم السودان من لائحة الدول الراعية للإرهاب، وتطبيع العلاقات ورفع مستوى التمثيل الدبلوماسي، وإنهاء المقاطعة الاقتصادية، ثم كانت كلها عبارة عن وعود، وأصبحنا لا نثق في الوعود.

* إلى أي مدى يعوق قرار المحكمة الجنائية الدولية عملكم ومشاركتكم الإقليمية والعربية والدولية؟

– لم نتوقف عن القيام بمسؤوليتنا وواجبنا، ونقوم بتلبية أي دعوة للمشاركة في المؤتمرات العربية والإفريقية والإسلامية والدولية، ونزور الدول التي تعترف بهذه المحكمة، والتي لا تعترف بها، ونحن لا نعترف بهذه المحكمة الانتقائية، ومن يمولها لهم أجندة سياسية واضحة في الحملات الدعائية التي يروجون لها.

* هل تسعى واشنطن إلى تدمير وإسقاط الدولة السودانية.. وهل تسعون إلى تبديل الدور والاستعاضة عنها بالصين؟

– إن انهيار الدولة في السودان سيكون خطراً كبيراً على أمن وكيان كل المنطقة والقارة الإفريقية بأكملها، أمريكا ظلت لوقت طويل في حالة عداء تجاه السودان، وكانت الإدارة الأمريكية تعتقد أن الأزمات التي حلت على السودان في وقت واحد ولمدة طويلة كافية لسقوط النظام وتغييره، سواء عبر التمرد في دارفور، أم في مناطق النيل الأزرق وجنوب كردفان، وكانت على قناعة بأن مستقبل الوضع الاقتصادي بعد انفصال الجنوب وذهاب 75% من النفط تجاه الجنوب، سيؤدى إلى الانهيار وتنهار معه الحكومة وبالتالي سقوط السودان في الهاوية، ولكن عندما تجاوزنا كل هذه الأزمات باقتدار وصلت الإدارة الأمريكية لقناعة أن الحكومة قوية وقادرة على أن تسيطر على البلاد، هذا إلى جانب أن معظم بترول السودان كان مرخاً لشركات أمريكية، وذهب فيما بعد لشركات صينية وغير صينية، ونحن نرحب بأي تطور إيجابي في العلاقات مع واشنطن.

* تؤكدون أن دارفور آمنة ومستقرة، بينما الجيش يخوض حروباً ضد التمرد.. كيف سيتم التعامل مع حاملي السلاح؟

– العمليات التي نفذها الجيش السوداني والقوات النظامية الأخرى، كانت عمليات نوعية أدت إلى تحقيق انتصارات حاسمة في دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان، والواجب والضرورة اقتضيا فرض هيبة الدولة وسيادة حكم القانون في مناطق النزاع، وانتصارات الجيش حولت حلم المتمردين بانتفاضة مزعومة إلى انتكاسة جديدة للواهمين والحالمين الذين يديرون معركتهم الخاسرة ضد الوطن من فنادق عواصم أوروبية. وأدعو حاملي السلاح للجنوح للسلام، والقبول بصندوق الانتخابات بدلاً من صندوق الذخيرة.

المتمردون يقومون باحتجاز آلاف المواطنين في الجبال والكهوف، ويستخدمونهم كدروع بشرية، هم من قتلوا الأبرياء وأحرقوا وأتلفوا الزرع والضرع، ولا يجب القبول بأي تنازلات مقابل الكرامة وسيادة البلاد وأمنها واستقرارها، إن قيادة التمرد لا قضية لها وليست لهم إرادة سياسية، والحكومة السودانية وقعت على خريطة الطريق، وأكدت للعالم كله أنها تؤمن بخيار السلام ونبذ الحرب.

* وقعتم خريطة الطريق التي تؤمن بخيار السلام، ولن تقدموا تنازلات… ما الخطوة المقبلة وما الخيار لإعادة الاستقرار؟

– نحن نرغب في أن تقطع الحركات المسلحة ارتباطها بالجهات الأجنبية التي لا تريد السلام للسودان، علماً بأن مسمى الحركات الشعبية نفسه يرتبط بدولة جارة، ولم يتغير مسماها ولا ارتباطها بها، ونتمنى أن تعود جميع الحركات المسلحة إلى طاولة المفاوضات دون الاشتراطات المسبقة التي تعيق التفاوض، وفي حال إصرار المتمردين والحركات المسلحة على مواصلة الخراب والإضرار بقضايا الوطن، فإنه لن يكون لدينا أي خيار سوى التنسيق مع مجلس السلم والأمن الإفريقي وجامعة الدول العربية كي يتم فرض الأمن في المنطقة، فالسلام الإقليمي لا يتجزأ، وينبغي القضاء على بؤر الإرهاب المسلح في جميع دول المنطقة حتى لا يحدث فراغ أمني يستغله الإرهابيون في زيادة معاناة شعوب المنطقة والعالم.

* دعوتم إلى حوار وطني استمر لما يقرب من ثلاثة أعوام.. ما الضمانات لتطبيق مخرجاته ؟

– دعوتنا للحوار كانت لوقف الصراعات المجتمعية والخصومات السياسية والنزاعات المسلحة كي تستطيع جميع مكونات الدولة الإسهام في استكمال مسيرة البناء والتنمية والنهضة، إنه حوار شهد مشاركة غير مسبوقة، واتسمت جلساته بالشفافية والصراحة في مناقشة القضايا المطروحة، وقد تزامن مع الحوار المجتمعي باعتبارهما يشكلان مرحلة مهمة في تاريخ السودان سينتج عنها وثيقة قومية تكون ركيزة للدستور المقبل للبلاد. وما لم تقتنع جميع أو أغلب مكونات الساحة بضرورة تقديم المصالح العامة على المصالح الحزبية والقبلية، فلن يتحقق السلام المجتمعي الذي هو البوابة الرئيسية لاستكمال مسيرة التنمية، والضامن الأول والرئيسي لنجاح مخرجات هذا الحوار هو المواطن نفسه، ثم تأتي إرادة الدولة وتجاوب مؤسساتها، ونحن نقدر ونثمن جهود الوسطاء والاتحاد الإفريقي والآلية الإفريقية رفيعة المستوى ورئيسها «ثابو أمبيكي» الذي ظل يقدم الجهود لإتمام السلام في البلاد.

إننا نسير في حوار وكل المؤشرات تدل على نجاحه، ولابد من تكامل الأدوار بين القوى السياسية كافة، من أجل تحقيق الوفاق الوطني، المطالب لبعض منسوبي حركات دارفور غير منطقية، ولا يوجد سبب لها، حيث إن وثيقة الدوحة أصبحت جزءاً من دستور البلاد وأي تعديل يتطلب إرجاعها إلى البرلمان للإجازة بثلثي الأعضاء، وهذه الوثيقة نهائية، لأنها وفقاً للجهات الدولية المعنية والأطراف الأخرى استجابت لكل المظالم التي يدعيها البعض، حيث نفذت على أرض الواقع في شكل مشروعات بنى تحتية في مختلف نواحي الحياة من صحة وتعليم واستنارة، وغيرها من خدمات ضرورية وحالياً الأوضاع في دارفور مستقرة ودائرة الأمن توسعت فيها بصورة كبيرة جداً، ونحن نسير عبر مسارين للمفاوضات: أحدهما التفاوض مع الحركات المسلحة وهذا ليس فيه مجال للاعتراف بما يسمى الجبهة الثورية، لأن الحكومة لديها فيما يتعلق بمنطقة النيل الأزرق وجنوب كردفان بروتوكول للمنطقتين الذي كان مضمناً في اتفاقية السلام الشامل التي تبقى منها المشورة الشعبية، والمسار الثاني هو الحوار الوطني والحكومة ملتزمة بقبول أي جهة للانضمام لركب الحوار الوطني تحت أي مسمى، لكننا لا نقبل تحت مسمى الدخول في المفاوضات السياسية.

* البعض يتحدث عن غلاء المعيشة وضيق ذات اليد، وانتشار ظاهرة الفساد المالي والإداري.. هل يكفي الحوار لحل هذه المشاكل؟

– غلاء المعيشة يضرب العالم كله ولا ينكره أحد، لا نخفي ذلك، ولكن بالمقابل توجد أسباب تختلف وتتباين وتتداخل أحياناًَ، لكن أبرزها على الإطلاق الحالة الحرجة التي مر بها الاقتصاد طوال الفترة الماضية، حيث إنه فقد النفط من ميزانيته بعد انفصال جنوب السودان وانسحب على دعمه، وتلا ذلك التضخم مع عدم زيادة الدخل في ظل الأزمة الاقتصادية التي ولدت تحت رحم تلك التداخلات، لكن البرنامج الذي أطلقته الحكومة لتخفيف الصدمة، وإعادة التوازن للاقتصاد السوداني بدأ يثمر نتائج إيجابية الآن ويتم تطبيق البرنامج الخماسي، وهو واعد يشتمل على عملية واقعية ليست مجرد أمنيات وكلمات وتطلعات جوفاء، نعمل على خلق توازن واضح وسد العجز في الموازنة، وسيكون ذلك أفضل معين لمحاربة غلاء المعيشة.

نفذنا عملاً في غاية النزاهة والشفافية، ربما نكون الدولة الوحيدة التي تمتلك مراجعاً عاماً وديواناً للمراجعة العامة يقومان بمراجعة حسابات الدولة وتقديمها للرأي العام، وهذا لم تقم به حكومة من قبلنا، ليس لدينا ما نخفيه، أؤكد لكم ليس من قضية فساد نحن نعلم بها وتجاوزناها على الإطلاق.

* دعنا نتحدث عن وضعكم كرئيس للجمهورية، حيث أعلنتم أنكم لن تترشحوا مجدداً لفترة رئاسية مقبلة.. هل هذا موقف ثابت لن يتغير.. ولن يتغير الدستور..وكيف سيتم اختيار الرئيس القادم؟

– إنه موقف ثابت، إن شاء الله، توجد مدتان وستنتهيان عام 2020، ولن أجدد بالدستور ولن يتغير الدستور، إن شاء الله، لقد أمضيت أكثر من عشرين عاماً، وهذه أكثر من كافية في ظروف السودان، والناس تريد دماء جديدة ودفعة جديدة كي تواصل السير والبناء والإعمار والتنمية، إن شاء الله، ونحن لدينا حزب ومؤسسات دستورية، ومن يسمى رئيساً للمؤتمر الوطني قطعاً سيكون مرشحاً للرئاسة، وقتها سأترك مقر الرئاسة، وأبتعد عن عالم السياسة.

المصدر: الخليج