ناصر الظاهري
ناصر الظاهري
كاتب إماراتي

الرياضة فن وذوق وأخلاق

آراء

– لماذا ارتبطت الرياضة بنوع من التعصب؟ حتى اخترعوا لها مصطلحاً للتقليل من هذه الغوغائية مثل: «خليك رياضي» أو «خل عندك روح رياضية» أو تحلَّ بالروح الرياضية، كل ذلك من أجل ألا يتحول اللعب إلى الضرب تحت الحزام أو استعمال كتف غير قانوني، أو خروج اللعبة عن أهدافها الحقيقية، وأصبح الركل والرفس وتوجيه ضربة رأسية أو استعمال قبضة اليد في كرة القدم، وانتقل كل ذلك من أرض الملعب إلى المدرجات وجماهيرها، واختلط الحابل بالنابل، وتحولت مباراة كرة القدم إلى لعبة المصارعة الحرة، الغريب أن تلك المباراة في العراك والاشتباك تجد لها مشجعين ومتفرجين.

– يعني مثلاً ما شفنا جمهور الحفلة الموسيقية الأوركسترالية خرجوا عن السلم الموسيقي ونشّزوا، واستعملوا آلاتهم الموسيقية والنحاسية منها بالذات في إيذاء الطرف الآخر أو سمعنا مرة وبعد انتهاء الوصلة الموسيقية، أنهم تخلوا عن التصفيق والتشجيع، وحين همّوا بالخروج من الأوبرا تحولوا فجأة إلى مصارعين وملاكمين أو اعتدوا على «المايسترو» لأنهم يعرفون أن عصاه قصيرة، ولا تؤذي أحداً!

– لماذا بعض المشجعين المتعصبين يريدون أن يرجعونا لأيام دوري «السكيك»؟ أيام يرمي الفريق المهزوم باص النادي الفائز بالحصى أو يتعمدون أن يرسلوا مشجعاً قصيراً ونحيفاً، ولا يبدو من هيئته أنه رياضي أو قد مارس الرياضة فعلاً، هذا القصير البصير لا يهمه اللعب، ولا يتفرج على اللعب مطلقاً، فقط شغله أن «يفش تواير» سيارات مشجعي النادي الذي هزمهم، نكاية، وغيظاً، وحباً للأذى.

– ما هي قصة هذا الحكم الهولندي الدولي «داني ماكيلي» الذي ترافقه الأحداث غير الرياضية بعد كل مباراة كروية يديرها من مباراة «الريال» و«باريس سان جيرمان» ويا قلبي لا تحزن إلى مباراة الوحدة والعين، ويا عين هلّي الدمع.

– يفترض من اتحاد الكرة عندنا أن يسنّ قانوناً أن حضور أي مباراة لا بد وأن يكون بالملابس الرسمية والغالية، كأنه مصبّح عليهم العيد، تدرون ليش؟ لأن الملابس عادة ما تفرض هيبتها، وجلالها على الحضور، نرد إلى الجوقة الموسيقية، يعني معقول واحد لابس بدلة سوداء «تكستيدو» حريرية من الغالي، ولها ذائل طويل قليلاً، مع ربطة الفراشة «بيبيون» وحذاء جلدي لامع «سينييه» بيدخل في عراك مع واحد آخر يشبه العريس ساعة زفته بكل ذلك الهندام، الملابس تخلق تباعداً، وتجعل مسافة لكي لا تلتقي اليدان، ولا يتشابك الحاضران، نحن في ملاعبنا «اللي هاضل ببيجامه مخططة، تقول سروال خبّاز، والذي بهاف وكاب وفانيلة أمهات ثلاث بسعر واحد، وتلقاها مشبكات مع بعض، والذي ببدلة رياضية «ترينغ سوت» متهدلة من التي تباع في قسم الملابس البلاستيكية في السوبر ماركت، وحتى الكنادير.. لك عليها»، لذا يكثر ويسهل العراك، ولنا في الكثير من جماهير الأندية الإنجليزية، ما عليكم من الجالسين في المقصورة، تقول حاضرين سباق الخيول، شوف الغوغاء في الشارع، وكلهم بـ«هافات وفانيله أو أجرد» وما يصنعون من تحطيم وتكسير وعراك وشجار بعد كل مباراة، حاشا أهل المشارب والحانات لا يفعلونه!

المصدر: الاتحاد