الشارقة بتوجيهات سلطان ماضية في دعم الكتاب العربي

أخبار

لدى الشارقة مشروع ثقافي عام وشامل، تتفرع عنه روافد كثيرة، تلقى الرعاية والتشجيع من قبل صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة.

ولم يعد هذا المشروع يقف عند حدود الوطن، بل تخطاه إلى فضاءات أرحب في الوطن العربي، وفي أرجاء أخرى من المعمورة.

ومن أهم روافد مشروع الشارقة الثقافي، ومن أبرز أركانه، ومن أهم منتجاته الكتاب. سواء على صعيد تشجيع المؤلفين لتقديم ما تجود به قريحتهم، ليرى النور مطبوعاً في حلة قشيبة، تجذب القارئ، ومن ثم نشر ما تتم طباعته على أوسع نطاق.

والأمر هنا لا يقف عند مجال دون آخر، فتارة تجد البحوث المقدمة لمؤتمر استضافته إحدى مؤسسات الشارقة، وقد ضمته دفتا كتاب، وبات مرجعاً للباحثين. وتارة تجد كتباً للأطفال واليافعين، وتارة تجد دوريات تصدر من رحاب مؤسسات الشارقة الثقافية كالرافد، ومؤخراً الشارقة الثقافية، أو من مؤسسات تحتضنها الشارقة مثل مجلة شؤون اجتماعية. واتفاقيات تبرم مع دور نشر عالمية، لنشر كتب عربية بلغات أجنبية، أو لترجمة كتب أجنبية إلى العربية.

ومن ثم يأتي معرض الشارقة للكتاب الذي وصل إلى دورته الخامسة والثلاثين هذا العام، حيث التسهيلات تقدم للناشرين، وتتم استضافة كبار المؤلفين، وتخصص الميزانيات للمؤسسات المحلية لزيادة حصيلة ما تقتنيه من ذخائر الكتب، فضلاً عن مبادرة صاحب السمو حاكم الشارقة بتخصيص مكتبة لكل مواطن بالإمارة، وكذلك مبادرة مكتبات المساجد التي أطلقها سموه مؤخراً.

جهود تبذل، وميزانيات ترصد، ومنتج ثقافي يرى النور في الشارقة أو بدعم منها. يستوي في ذلك أن يكون الكتاب ورقياً أو إلكترونياً.

مركز الخليج للدراسات يناقش دور الشارقة في دعم الكتاب العربي، عبر المحاور الآتية:

أولاً: مكانة الكتاب في مشروع الشارقة الثقافي.

ثانياً: معرض الشارقة ودوره في دعم الكتاب العربي.

ثالثاً: الشارقة ومستقبل الكتاب العربي.

تدعم الثقافة العربية

حبيب الصايغ يقول: ما من شك أن الشارقة لا تدعم الكتاب العربي فحسب، وإنما تدعم أيضاً الثقافة العربية، ومن متابعتي لتجربة الشارقة في الثقافة، يلفت النظر أن صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي اهتم بالثقافة أولاً، وجعل التنمية الثقافية طريقاً إلى التنمية المتوازنة والشاملة، التي أخذت بعد ذلك سمة الاستدامة، وهذه ظاهرة غريبة؛ إذ عادةً يُبدأ بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية، يرافقها بالضرورة التنمية السياسية، وبعد ذلك تتحقق التنمية الثقافية، لكن الطريق في الشارقة كان معكوساً؛ حيث فاجأ الشيخ سلطان الجميع بأن ما حصل يؤسس لظاهرة «عالمية» جديدة، وبعد ذلك اكتسبت التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الشارقة بعداً ثقافياً، وهذا أيضاً كان مذهلاً؛ حيث يهتم صاحب السمو حاكم الشارقة بتفاصيل حياة المواطن.

وعلى سبيل المثال هنالك قرار في دولة الإمارات بضرورة وجود حضانات في الدوائر والوزارات، وهذا القانون لم ينفذ بالكامل، وبجهود صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان نُفذ في الشارقة وتدخل في تفاصيله، بحيث تكون هناك أجهزة وثلاجات لحفظ حليب الأم، وحرص أن يكون في كل دائرة حاضنات متعلمات ويمتلكن شهادات جامعية، وهنا نلاحظ تدخل البعد الثقافي لتثقيف التنمية، ومثلٌ آخر حين يوعز الشيخ سلطان بإنشاء بحيرة خالد في الشارقة، ثم بعد ذلك تركد المياه في هذه البحيرة، ويقترح المهندسون أن يفتح لها قناة حتى يتسرب الركود، ويتدخل صاحب السمو لإنشاء مبنيين جميلين يطلان على القناة التي سميت بالقصباء، ويخصص هذان المبنيان لجمعيات النفع العام ومنظمات المجتمع المدني في دولة الإمارات، وأتحدث هنا عن مقارّ مجانية لهذه الجمعيات، وبالتالي تدخل أيضاً البعد الثقافي، وهو يضاف إلى البعد التنموي بمعناه الشامل والمتوازن والمستدام.

كما تتميز الشارقة بأسماء شوارعها وميادينها، وهناك شوارع بأسماء أعلام الشارقة والإمارات من الشخصيات البارزة، وآمن صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بأن الثقافة، والثقافة وحدها، هي التي يمكن أن توحّد العالم، وامتد الدور الثقافي من المحلي إلى العربي، حيث أمر بتأسيس 1000 بيت شعر على امتداد الوطن العربي، ناهيك عن دعم الكتّاب العرب وأولئك الذين يمرضون أو يعيشون ظروفاً صعبة، وبالتالي فإن مشروع الشارقة الثقافي هو مشروع مهم ومتكامل، وبالطبع الكتاب في صميم هذا المشروع، وصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان باعتباره مبدعاً على الصعيد الشخصي، ومؤرخاً ومفكراً مسرحياً، لديه شغف بالكتاب، ويشتغل على الكتاب من أجل الآخرين، وليس من أجل نفسه فقط، وأضرب هنا مثلاً في البعد الثقافي التنموي، وهو أن صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي هو الشخصية الوحيدة في الوطن العربي الذي يتابع معرض الكتاب بنفسه، وتجده يحرص من عصر يوم ما قبل الافتتاح على الوقوف على التجهيزات والاستعدادات للمعرض، وتجد أيضاً أن الاشتغال على معرض الشارقة في دورته المقبلة يبدأ منذ الآن، وهذه ميزة إلى جانب النشاط المصاحب المتنوع، ويدرك صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان معنى أن يكون هناك معرض كتاب يصنف اليوم ثالثاً أو رابعاً على مستوى العالم، وأعتقد أنه في وقت قريب سيكون المعرض الأول على العالم؛ لأن وراءه صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان، وفريق عمل يختاره هو شخصياً.

دعم الكتاب العربي

د. خالد عمر المدفع يتابع: لعبت الشارقة دوراً مهماً ولا تزال في دعم الكتاب العربي، وكما تفضل الأستاذ حبيب الصايغ، فإن هذه الدور لم يكن ليحضر لولا التوجيهات المباشرة من صاحب السمو حاكم الشارقة، الذي يعد أحد رعاة الثقافة والأدب على مستوى المنطقة العربية، وحرصه هذا قوّى وضع الكتاب والثقافة في إمارة الشارقة، وذلك لإيمانه الشديد بأن الكتاب هو السبيل الوحيد لنا للانتقال إلى مصاف الدول المتقدمة، وبفضل رؤيته تحولت الشارقة إلى منارة علم وثقافة، وكان توجه مؤسسة الشارقة للإعلام يصب في هذا المجال ودعم الثقافة وتغطية المجالات الثقافية التي تحصل داخل وخارج إمارة الشارقة، ومؤسسة الشارقة للإعلام لم تدخر جهداً في دعم مجالات الثقافة والأدب، وحرصت المؤسسة عن طريق برامجها المختلفة على منح الكتاب ومؤلفيه والأدباء مساحة جيدة في مختلف الدورات البرامجية التي تقدمها قنوات المؤسسة، وأعطي هذه الأمثلة لأوضح كيف تدعم إمارة الشارقة الكتاب العربي، ولدينا في تلفزيون الشارقة كمثالٍ برنامجان أساسيان، هناك برنامج في حضرة الكتاب، وبرنامج آخر اسمه ساعة كتاب، كما أننا نغطي فعاليات معارض الشارقة للكتاب من ألفها إلى يائها، ولدينا جناح لمؤسسة الشارقة للإعلام، وهو يركز على إبراز معرض الشارقة للكتاب، والحراك الذي يحصل عن طريقه، واستضافة ضيوف المعرض في برامج المؤسسة المختلفة، ويُجنّد فريق كبير من منتسبي المؤسسة لتغطية أحداث هذا المعرض، ونلاحظ أن هناك زيادة في الإقبال والحضور والتفاعل مع المعرض، ونجد أن هناك نجاحاً في إيصال رسالة المعرض من خلال قنوات المؤسسة.

وبرأيي، أن الشارقة ماضية في استثمار مقدراتها ودعم الكتاب العربي، وكما تعلمون، هيئة الشارقة للكتاب تنظم معرض الكتاب والمشاركات الخارجية، والمشروع الجديد هو إنشاء مدينة الشارقة للنشر، وخلال الفترة المقبلة سيرى النور.

معرض الشارقة للكتاب

وتقول د. مريم الشناصي: صاحب السمو حاكم الشارقة تلمّس حاجة تطور الكتاب وحاجة المنطقة والمجتمع إلى التعرف أكثر إلى الكتاب، وبالتالي كان وجود معرض الشارقة للكتاب، وفي حين كان البعض منشغلاً في التخطيط الاقتصادي والتنموي، كان الانكباب في إمارة الشارقة على معرض الكتاب، وعلى الكتاب والثقافة بكل ألوان الطيف الثقافية المختلفة، ومما لاشك فيه أن معرض الشارقة للكتاب يتصدر المركز الثالث على مستوى العالم، ولم يكن ذلك ليتحقق لولا جهود شخصية مبذولة من سمو الحاكم، تبعته في ذلك ابنته الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي الرئيس الفخري لجمعية الناشرين الإماراتيين.

سأتحدث هنا عن الكتاب والنشر، حيث يجوز القول إن الإمارات تمتلك بنية تحتية مناسبة وأخرى تشريعية تساعد على النهوض بالنشر، وما يُميّز الشيخة بدور أنها ترتكز في عملية النشر على أن تكون هناك إحصائيات وأرقام لدراسة الجدوى الاقتصادية لمعرفة الحاجة ونقاط الضعف، ومنها كان أن أصدرت جمعية الناشرين الإماراتيين رؤية مستقبلية لتطوير صناعة النشر، وتحولت إلى الدخول في صناعة النشر.

وكانت استضافة الشيخة بدور لمؤتمر الناشرين العرب الذي يعد أحد المؤتمرات المهمة، قد أضافت لمسات متميزة بوجود ناشرين أجانب، وهي قامت بجهد شخصي في موضوع مبادرة رئيسية وهي «أنشر»، تستهدف التعاون مع بعض الجهات لإيجاد صندوق لدعم الناشر الإماراتي الجديد الذي لم ينشر سابقاً، أو لا تتعدى كتبه الخمسة، وكان من نتائج هذه المبادرة أن استمر عدد كبير من الناشرين، وجرى تبادل في الخبرات؛ لكون أن المبادرة تركز على نقل الخبرات العالمية في النشر، وعقب ذلك خرجت مبادرة «1001» عنوان؛ حيث تعني بأن يبحث الناشر عن الكاتب الجيد والمصمم الجيد والمحتوى الجيد، ويتقدم بهذا المشروع ويتم دراسته، حيث يقوم المسؤولون عن المبادرة بتسهيل إجراءات التسجيل، والدعم والمتابعة في المحتوى الإعلامي، وتحمّل جزء من النفقات، حتى يتشجع الناشر ويستمر، وهدف الشيخة بدور أن يستمر الناشرون الإماراتيون في الساحة الثقافية، وهي متشجعة لكل الأفكار والاقتراحات بهدف التطوير، وخلال العام المقبل هناك العديد من المبادرات لاستمرار عمل الناشر الإماراتي.

قانون جمعيات جديد كلياً

حبيب الصايغ: ندعو عبر هذه الندوة إلى قانون جمعيات جديد كلياً، يخدم أغراض الجمعيات، بما في ذلك الجمعيات الثقافية مثل اتحاد الكتاب واتحاد الناشرين وجمعيات الملكية الفكرية، بحيث نستطيع أن نقوم بشيء يوازي العمل الحكومي المتقدم والطموح؛ حيث إن الحكومة تحلم بأن يصل مسبار الأمل إلى المريخ في العام 2021، وأن تكون واحدة من أفضل خمس حكومات في العالم، ولا يمكن أن تُحلّق وحدها بدون مجتمع مدني، ولذلك يجب أن يكون هناك تعديل على أنظمتنا، وعلى قانون الجمعيات ذات النفع العام، كما يجب أن يكون هناك تعاون من أعضاء الجمعيات لخدمة هذه الأغراض. وفي موضوع الملكية الفكرية ندعو إلى عودتها إلى وزارة الثقافة وتنمية المعرفة.

أضف إلى ذلك أن دور وزارة الثقافة مهم في التعريف بالكاتب المحلي، لكن مهم أيضاً الترويج له عبر منافذ البيع، كما نوصي بأهمية وجود قانون جديد للأنشطة الإعلامية يواكب نهضة الإمارات الحاضرة وطموحها المستقبلي، ونحن بحاجة إلى وجود دراسات وإحصائيات لمعرفة نسبة الأمية والتحصيل الدراسي وقضايا يمكنها الإفادة في عملية نشر الكتب.

مبادرات معرض الشارقة

د. محمد صالح المعالج يقول: حين نتحدث عن الثقافة والكتاب، فآلياً نتحدث في المنطقة العربية عن الشارقة، وحين نقول الشارقة نقول صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، وهذا الأمر أصبح لا يخفى على أي مثقف أو حتى مواطن عربي، وحين نجد حاكم الشارقة يحضر ويتابع المعارض بكل تواضع وبدون حراسات فهذه ميزة، ولو تحدثنا كل اليوم عن الشارقة وصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان، ودعمه للكتاب فهذا لا يكفي، وتقريباً يمكن القول إن معرض الشارقة متواجد في المعارض العالمية، فهو بذلك لا يمثل الكاتب والناشر الإماراتي، وإنما الكاتب والناشر العربي، واليوم معرض الشارقة يصنف الثالث عالمياً، وهذا يعني تقدم الكتاب العربي الذي كان يصنف من حيث النشر العالمي في مواقع متأخرة، والناشر الأجنبي أصبح يتواجد في الشارقة، وهناك شراء حقوق من اللغة العربية إلى لغات أجنبية.

وكما نعلم فإن المبادرات التي قام بها معرض الشارقة، هي التي رفعت من شأن الكتاب العربي، وأقصد بذلك البرنامج المهني للمعرض، واحتكاك الناشر العربي بالأجنبي، وهذا لو لم يكن في معرض الشارقة لما لمسنا مثل هذه الإنجازات، ولذلك فإن المبادرات التي تحضرني هنا، مثلاً مبادرة ثقافة بلا حدود التي استفاد منها العديد من الناشرين العرب، ونفخر بأن تكون كتبنا العربية في المكتبات الإماراتية، فضلاً عن وجود مبادرة أخرى «ألف عنوان وعنوان» وهذا يعني التشجيع على نشر الكتب، ونجد في المقابل مبادرات ودعماً لنشر الكتب العربية.

ولا ننسى دور الشيخة بدور الفعّال في جميع المبادرات، وفي الاتحاد الدولي للناشرين، وما فعلته للدول العربية، فقبل دخولها للاتحاد الدولي للناشرين، كان عدد الدول العربية المنخرطة فيه حوالي دولتين: مصر ولبنان، وبدخولها تمكنت العديد من الدول الانخراط في الاتحاد مثل الإمارات وتونس وعمان وموريتانيا… إلخ.

بيت للشعر في كل دولة عربية

أسماء الزرعوني: عرفنا الشارقة، وعرفنا صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، الذي يحمل هم الثقافة العربية وليس هم الثقافة في الإمارات فقط، وحاول بكل الطرق أن يوصل الكلمة المقروءة والكتاب إلى العديد من الدول العربية، وخاصةً إذا تتبعنا الأخبار الثقافية في الشارقة، فيجوز القول، إنه أول حاكم فكّر في تأسيس بيت للشعر في كل دولة عربية، وهذا يدل على أن همه الثقافة، وسمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي أواخر العام 1989 أو 1990، أسست لنا رابطة للأديبات على مستوى الوطن العربي، وتعد أول رابطة لتجمع الأخوات اللاتي كنّ يكتبن الشعر الشعبي، أو لم يكن لهن عضوية في اتحاد الكتاب، ولذلك أسست هذه الرابطة لتجمعهن، ومنها انطلقنا إلى اتحاد كتاب وأدباء الإمارات.

كما يمكن القول، إن إمارة الشارقة من الإمارات التي كانت ولا تزال تزود المكتبات المدرسية سنوياً بآلاف الكتب، وخاصةً في أوقات المعارض، لدعم الطلاب في المدارس وإيصال الكتب لهم بسهولة، ثم إن هناك في كل حي مركزاً للطفولة مزوداً بأفضل المكتبات والكتب، والشارقة أقامت معرضاً للكتب المستعملة؛ حتى يصل إليها الجميع، أضف إلى ذلك أن الشيخة جميلة بنت محمد القاسمي أشرفت على مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية، وكان الهدف بالعموم يصب في إيصال الكتاب إلى الطلاب والأطفال. انطلاقاً من كل ذلك فإن الحديث عن معرض الشارقة للكتاب هو حديث مطول؛ لأن إقامة المعرض سنوياً هي سنة حسنة، خاصةً أن هناك آلاف المراجع والكتب المتنوعة التي تخدم الصغير والكبير، إلى جانب الفعاليات والبرامج الثقافية التي تصب كلها في خدمة تعزيز الثقافة.

الأسرة الحاكمة مثقفة

صالحة غابش: دائماً تكون الأسر الحاكمة في أية دولة عربية أو عالمية محط أنظار المجتمع الذي تدير أموره، وفي الشارقة فإن الأسرة الحاكمة مثقفة، وتحدثنا عن صاحب السمو حاكم الشارقة الذي يعتبر رائد الثقافة الإماراتية والعربية، وابنته الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي مثقفة وتركز على الثقافة والمعرفة، وهناك الأم الوالدة سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، وهي قرينة صاحب السمو حاكم الشارقة، التي أسست رابطة أديبات الإمارات التي تعتبر تجمعاً لعدد من الكاتبات الإماراتيات، في وقت كان فيه هناك بعض الحواجز لدخول المرأة بمشروعها الثقافي والاجتماعي إلى المجتمع، وكان هذا التجمع هو الجسر الذي أوصلنا إلى المجتمع، مع العلم أننا اكتشفنا أنه لم تكن هناك موانع اجتماعية بل نفسية، وحيث أصدرنا كتاباً اسمه نسمات من الشارقة، ويتألف من عدد من النصوص الإبداعية من شعر شعبي وقصة، ومنه انطلقنا إلى مشروعات نشر أخرى.

وفي الرابطة أنشأنا جائزة المرأة العربية للآداب والفنون، وهذه الجائزة وفّرت لنا العديد من الكتب على المستوى المحلي والعربي، وكل ذلك كان بدعم من سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي التي كانت تقف وراء هذا التجمع، وتقف وراء نشر كتاب المرأة، وبعد مرحلة الجائزة أصبحنا ننتقي بعض الكتب الإماراتية؛ لكي ننشرها خارج الإمارات، ومن أجل نشر الكتاب الإماراتي، ونشر الكتاب لم يعد حكراً على دور النشر أو المؤسسات الثقافية، فحتى المؤسسات الاجتماعية أصبح لها نافذة ثقافية، وكمجلس أعلى لشؤون الأسرة لدينا مراكز أطفال وناشئة ونادي سيدات الشارقة، وإدارات تثقيف صحي وتوعية صحية، وهناك أيضاً إدارة للثقافة.

التزوير الورقي والإلكتروني

بسام شبارو يقول: صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي يحب الكتاب، ويعمل على تجويده وتوسيع دائرة التواجد العربي في مختلف المعارض المحلية والدولية، ونجده شغوفاً ومهتماً بزيارة وتفقد المعارض وحريصاً على دعم الكتاب العربي.

ما أريد قوله في هذا المقام لكن في سياق آخر، هو أن هناك مشكلات تحصل معنا كدور نشر تتصل بالتزوير؛ من حيث التزوير في الورقي أو في النشر الإلكتروني، وهذه الآفة يجب أن نجد لها علاجاً وإلا فإنها ستدمر دور النشر، وما من شك أن دور النشر تربح، لكنها تربح في الدفتر، أما نقدياً فلم تحصل على المبالغ، والمعارض العربية مثل معرض الرياض والشارقة وأبوظبي تحرك سوق الكتاب بشكل عام، ونجاح النشر في العالم الغربي مبني على مكاتب الحقوق، ولولا هذه المكاتب لما كان هناك نشر، وبالتالي من المهم وجود مكاتب لحفظ حقوق المؤلفين والناشرين العرب، وأتمنى التعجيل بإنشاء منطقة حرة للنشر في الشارقة، وأتمنى الضغط على القائمين على محرك البحث «غوغل»، من أجل وقف تمرير الكتب الإلكترونية العربية المزورة.

جدلية ما بين النشر والقراءة

وتحدث سعيد البرغوثي قائلاً: إذا شئنا أن نتحدث عن الكتاب في الشارقة، فعنوان هذا الموضوع هو معرض الكتاب الذي مضى عليه الآن 35 عاماً، فنحن نحتفل اليوم بالعام 35 لمعرض الشارقة للكتاب، وهذا ليس بالأمر الهيّن، وكان لدار كنعان الشرف في انعقاد هذا المعرض منذ قيامه في الخيمة، والمتابع لنشاطات معرض الشارقة الدولي للكتاب يُفاجأ في كل عام بتطورات جديدة إيجابية تخص المعرض، وكل ذلك لا ينفي إطلاقاً أزمة الكتاب، فالمعرض لا يحل أزمة الكتاب عملياً، وإنما أزمته عميقة جداً في مجتمعاتنا وعلى امتداد الساحة العربية. وعملياً قيمة أي كتاب تنتفي ما دام موجوداً على الرف، وقيمته تبدأ عندما يصل إلى القارئ، وهناك جدلية ما بين النشر والقراءة، وعندما تنتعش القراءة ينتعش النشر والعكس كذلك.

ونحن متفقون على أن هناك أزمة قراءة قائمة، والتحديات كبيرة وتستلزم البحث عن حلول، أولها التوجه إلى الطفل، ونطالب الأب والأم بتخصيص عشر دقائق في اليوم للطفل قراءة، وعلى أن يتطور هذا الوقت حتى يصبح عادة ومطلباً عند الطفل، كما هناك ضرورة لوجود برامج تروّج للقراءة بين الأطفال.

حواضن عربية جديدة

خالد عمر بن ققة يقول: تقديم الفعل الثقافي على الفعل السياسي في الشارقة أنتج حاضنة ثقافية مهمة وقوية، وبشكل عام لا نقول، إن هناك حواضن انتهت في الوطن العربي، وإنما يمكن القول، تراجعت الحواضن في أدوارها طبقاً لظروف كل دولة، وبالتالي هناك حواضن عربية جديدة تنشأ نتيجة وجود رؤية ثقافية، وقد يكون لدينا في دولة ما أكثر من معرض، لكن أن يكون في دولة عربية معرضان دوليان في سنة واحدة، فهذا يؤكد ويرسخ مفهوم الحاضنات، والآن ما يطرحه الكتاب بعيداً عن النقاش حول مسألة الكمية، فإن النقاش على النوعي قليل، وهذا يطرح تساؤلات حول ما الترتيبات ليصبح الحديث عن الكتاب نوعياً، ثم إن معظم المنتوجات الثقافية التي حصلت على جوائز مُوّلت من قبل أصحابها، والآن أصبح ضرورياً النقاش حول إلى أي مدى للناشر أن يظل ناشراً، خاصةً أن الناشر في الوطن العربي يتراجع دوره، ولم يعد ذلك الناشر الذي يبحث عن كاتب مبدع، وهناك أعمال تنشر؛ لأنها مدفوعة من أصحابها. وعلى كل حال لدي توصية في هذا المقام، وهي أن يعاد النظر في تواريخ المعارض، بحيث تكون مبرمجة تباعاً، وليست متقاطعة مع بعضها.

دائرة الثقافة والإعلام

د. عمر عبدالعزيز: الأصل في المعادلة القائمة بدائرة الثقافة والإعلام بالشارقة فيما يتعلق بالنشر، هو ذات المرئيات والتوجيهات والحرص والرعاية والدعم المقدم من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، ودائرة الثقافة والإعلام كانت منصة الانطلاق للعمل المؤسسي الثقافي في الشارقة منذ عقود من الزمن، وهذه المنصة تتطور بتطور الشارقة وتتطور بتطور مرئيات وممارسات الحياة الثقافية المؤسسية، ومن هذه الزاوية نتحدث عن دائرة الثقافة والإعلام باعتبارها نقطة الانطلاق الأولى والنبع الأول لكل هذا البعد المؤسسي التشبيكي الكبير والواسع، وعلى مستوى النشر بدأنا النشر بكتاب واحد في العام، وهذا في الثمانينات من القرن الماضي، لكن اليوم نتحدث عن كتاب كل يومين، وتشمل هذه الكتب سلسلة من الإصدارات المترافقة مع الفعاليات الكبرى لدائرة الثقافة والإعلام، وفي أساس ما هو كمي هنالك كم كبير، لكنْ أيضاً هنالك نوع، ولكي نعزز البعد النوعي، فإننا نعتمد على قواعد معايير مهنية قدر الإمكان، فيها اجتهاد وتحولات دائمة، وعلى سبيل المثال لدينا الرافد الرقمي وهو ناجح جداً، وهناك كتب «مرقمنة» وهي نوعية أيضاً، لكن أعتقد أن قوانين الصحافة والمطبوعات والنشر في الإمارات والعالم عموماً تعاني الأمرّين؛ من جراء التسارع الكبير في الوسائط الاجتماعية التي تخلق فخاخاً ومصائد لكيفية ضبط الحق الأدبي، ومن الضروري بمكان إعادة النظر في بعض القوانين والترويج للكتاب، ثم إن طريقة عرض الكتب مهمة في المعارض لتحبيب القراء لشرائها.

برامج ثقافية متعلقة بالكتاب

شريف بكر يقول: محظوظة إمارة الشارقة حين يكون حاكمها مهتماً بالكتاب، وهذا ينعكس بطبيعة الحال على كل مرافق الدولة، ودور المرأة مفعّل حتى على مستوى الشباب، ودور الشيخة بدور في اتحاد الناشرين الدولي واضح وبارز، والحقيقة أن البرامج المهنية المصاحبة التي تسبق إقامة معرض الشارقة، هي برامج مهمة وتشكل فرصة للتواصل مع الناشرين الأجانب، ويا حبذا وجود برامج ثقافية متعلقة بالكتاب طوال العام، ووجود دورات تدريبية للناشرين على كيفية بيع حقوقهم في الخارج، ثم إن الاهتمام بطلبة المدارس أمر مهم، وهو خطوة متقدمة يوليها معرض الشارقة كل الاهتمام، ولو أنني لاحظت نقصاً في كتب اليافعين، وهناك أناس يشتغلون على هذا الأمر، كما أننا بحاجة إلى تهيئة بيئة سليمة لنشر الكتاب الرقمي، وهذا بتقديري يحتاج إلى تضافر كافة الجهود في فعل النشر.

ويا حبذا إيجاد مكتبات عامة في أحياء ومناطق متنوعة لتعزيز القراءة بين أفراد المجتمع، وترغيبهم باقتناء الكتب، ليس من باب الشراء فقط، بل الإعارة والاستعارة أيضاً.

الثقافة شأن سياسي

أمل فرح تواصل: برأيي أن الثقافة هي شأن سياسي بالدرجة الأولى، وهي حماية حقيقية لنا من كل شيء، وصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي أكد معنى الثقافة، واهتمامه بالكتب والقراءة حفّز أفراد المجتمع على طلب العلم والمعرفة، لكن الحديث عن النشر في الوطن العربي بالتحديد أمر صعب؛ ذلك أن هناك من يستغل نشر الكتاب في سبيل الكسب، والسعي وراء أسماء بعينها أكثر ربحية في البيع، وليست مشروعات ثقافية حقيقية قادرة على تغيير واقع مؤلم، وبالتالي أرجو أن تركز الندوات على معرض الشارقة المقبل، خاصةً أن الكتاب ليس له في أوطاننا علوم تُدرّس، وللأسف العديد من مقالات كتابنا لا تدخل في العمق.

وآمل أن تتوسع المكتبات العامة، ويتم التركيز عليها في المستقبل، ومن المهم أيضاً التركيز على اللغة العربية، وترغيب المجتمع بقراءة الكتب بهذه اللغة، وتنمية ولاء الأبناء للغتهم العربية والتمسك بها، ودعوة الإعلام لأن يكون شريكاً حقيقياً في التنمية، وفي ترغيب القراءة واقتناء الكتاب، فضلاً عن الاهتمام بكتب الأطفال، وأقصد بذلك الكتب العلمية، وأرجو من الأسرة الإماراتية أن تتبنى مفهوم الكتاب كهدية يمكن أن تقدم للأطفال، مثل اللعب والألبسة.

الداعم المباشر للثقافة والعلم

ناعمة الشرهان: حينما نتحدث عن الكتاب والثقافة، فإنهما يرتبطان بالشارقة؛ لكونها إمارة بارزة في مجال الثقافة والكتاب والاهتمام بالمثقفين، ولو تحدثنا عن الكتاب والعلم والثقافة، فإن ذلك يرتبط مباشرةً بصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، وهذه علامة بارزة في الوطن العربي، وعلامة بارزة في مجتمعنا وفي الثقافة العربية، وصاحب السمو هو المحرك الأساسي والداعم المباشر للثقافة والعلم، ولا يقتصر دوره على القراءة والثقافة، وإنما يتجاوز ذلك إلى المسرحيين والأدباء والطفل والكثير من الأبواب الثقافية والمعرفية، ونفتخر به كقائد ملهم في إنجازاته، خاصةً على صعيد تمكين المرأة.

والحقيقة حين نتحدث عن الكتاب، فهو ليس كما كان بالأمس، لكن قيادتنا الرشيدة أوعزت بتخصيص عام للقراءة، وهذا مرتبط بالكتاب، وهي أوجدت مبادرات كثيرة للاهتمام بالقراءة، والحمد لله نرى اليوم أن المؤسسات التربوية وغيرها، تضع زاوية للكتاب، وتُفعّل مفهوم القراءة بصور متعددة، ولو تحدثنا عن الشارقة ودورها في الاهتمام بالكتاب، فيجوز القول إن الفترة الزمنية الطويلة التي مرّت على معرض الشارقة للكتاب منذ بداية الثمانينات تؤكد مدى أهمية الكتاب والاحتفاء به، ودعم صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان للكتاب وإصراره على التواجد سنوياً في معارض الشارقة يعطيان مكانة وبصمة كبيرة للشارقة.

ومعرض الشارقة كان يسعى إلى تحقيق هدفين رئيسيين، هما الحرص على تشجيع الكُتّاب والشباب على القراءة، وإيصال الكتاب بسعر مقبول، فضلاً عن إمكانية الوصول إلى الكتاب المطلوب، ولذلك أعتبر معرض الشارقة للكتاب حدثاً جدّ رائع ومتميز، ويصب في خدمة تعزيز الثقافة في المجتمع، وحقيقةً نحن في المجلس الوطني الاتحادي معنيون بدعم الكتاب والقراءة واللغة العربية، ونحاول إعادة هيبة الكتاب.

توصيات الندوة

خرجت الندوة بعدد من التوصيات، جاء في مقدمتها:

التركيز على مبادرات خلاّقة تعكس التطور الذي تخطوه الشارقة في التنمية الثقافية.

مكاتب عربية داخل معرض الشارقة للكتاب، لحفظ الحقوق.

إعادة الملكية الفكرية إلى وزارة الثقافة وتنمية المعرفة.

تعديل قانون الجمعيات؛ حتى يواكب النمو والتطور اللذين تشهدهما الإمارات.

إصدار قانون جديد للأنشطة الإعلامية يعكس البنية التحتية الإعلامية والمعلوماتية التي تتميز بها الإمارات.

إعادة النظر في برمجة انعقاد المعارض العربية.

مكافحة القرصنة الإلكترونية والسيطرة على منابع الكتب الإلكترونية.

تأكيد الدور المهم والمسؤول لوزارة الثقافة وتنمية المعرفة في التعريف بالكاتب.

تدفق حركة النشر طوال العام، وعدم ارتهانها بأي فعالية ثقافية.

ربط نشر الكتب بتوفير قواعد بيانات وإحصائيات توضح حركة وواقع النشر في الإمارات.

توجيه الطفل نحو الفعل القرائي، سواء في المدرسة أو عن طريق الأسرة.

برنامج تعليمي يروج للقراءة واستهداف الطفل أساساً في الفعل القرائي.

تخصيص وقت للمعلم للحديث عن أهمية القراءة.

المشاركون في الندوة

شارك في ندوة مركز الخليج للدراسات حول دور الشارقة في دعم الكتاب العربي كل من:

ناعمة الشرهان عضو المجلس الوطني الاتحادي.

حبيب الصايغ: الأمين العام للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، رئيس التحرير المسؤول لـ «الخليج»

د. خالد عمر المدفع: مدير عام مؤسسة الشارقة للإعلام.

صالحة عبيد غابش: مدير عام المكتب الثقافي والإعلامي في المجلس الأعلى لشؤون الأسرة.

أسماء الزرعوني: رئيس الأمانة العامة لملتقى الإمارات للإبداع الخليجي.

د. مريم الشناصي: رئيس جمعية الناشرين الإماراتيين.

د. محمد صالح المعالج: رئيس اتحاد الناشرين التونسيين، رئيس لجنة المعارض باتحاد الناشرين العرب.

د. عمر عبدالعزيز: مدير إدارة الدراسات والنشر في دائرة الثقافة والإعلام بحكومة الشارقة.

خالد عمر بن ققة: المستشار الإعلامي رئيس تحرير مجلة الكاتب العربي.

سعيد البرغوثي: ناشر وإعلامي من دار كنعان في سوريا.

بسام صلاح الدين شبارو: الدار العربية للعلوم في لبنان.

شريف إسماعيل بكر: أمين عام اتحاد الناشرين المصريين.

أمل فرح: صاحبة دار شجرة للنشر.

المصدر: الخليج