«الطب والتربية» من التخصصات الطاردة للمواطنين

أخبار

قال أكاديميون وطلبة، إن الطب والتربية أصبحا من التخصصات الطاردة، عازين عزوف طلبة مواطنين عنهما إلى تسعة أسباب، هي شروط القبول في كليات الطب، وطول فترة الدراسة، والعائد المالي، والالتزامات الوظيفية، والرغبة في المستقبل السريع، وظهور تخصصات منافسة ومطلوبة، وضعف الإرشاد المبكر للطلبة، وتأثير الأصدقاء في اختيار التخصص، والنظرة السلبية لمهنة المعلم.

وتفصيلاً، قال أستاذ الثقافة الإسلامية في الجامعة الكندية بدبي، الدكتور سيف الجابري، إن «طالب التخصصات الجامعية العادية يحتاج إلى بين ثلاث سنوات ونصف السنة إلى أربع سنوات للحصول على مؤهل، ثم العمل وبدء تكوين مستقبله الوظيفي والمجتمعي، بينما يحتاج طالب الطب إلى سبع سنوات للتخرج، وثلاث سنوات للحصول على تخصص».

وأضاف الجابري أن «عزوف المواطنين عن دراسة الطب والتربية أصبح ظاهرة عامة، بسبب قلة التحفيز، وعدم تسليط الضوء على القيمة المعنوية لهذين التخصصين، لذا لابد من توعية الطلبة منذ بداية الالتحاق بالتعليم بدور الطبيب والمعلم، والتركيز على طلاب المرحلة الثانوية وتوجيههم إلى احتياجات المجتمع».

وتابع أنه «يجب إيجاد توازن بين سوق العمل واحتياجات المجتمع المعنوية، وأن يكون لطلبة الطب والتربية رعاية خاصة، واختيارهم من الصف الأول الثانوي، وتبنيهم ورعايتهم ليستكملوا دراساتهم الجامعية في هذه التخصصات».

واقترح الجابري، أن تضع وزارتا الصحة ووقاية المجتمع والتربية والتعليم، برنامجاً لاختيار الطلبة من بداية التعليم الثانوي وتدريسهم مواد تؤهلهم للالتحاق بالتخصصات الطبية والتربوية المختلفة، لتكوين قاعدة كبيرة من الأطباء والمعلمين، مشيراً إلى ضرورة التركيز على مخرجات التعليم وربطها مع احتياجات الدولة.

من جانبها، أفادت مديرة إدارة شؤون الطلبة في كلية التطوير التربوي، الدكتورة سميرة النعيمي، بأن العزوف عن كليات التربية ليس جديداً، وسببه الرئيس النظرة المجتمعية لمهنة المعلم، وصورتها السلبية في وسائل الإعلام، وقلة الحوافز المادية للمهنة، مقابل كثرة أعبائها الوظيفية، مشيرة إلى أن التحديات التي تواجه الإقبال على دراسة التخصصات الطبية تختلف عن تلك في التخصصات التربوية، وأبرزها اشتراطات القبول في كليات الطب التي تناسب الحاصلين على معدلات تفوق الـ 90% في الشهادة الثانوية.

ولفتت النعيمي، إلى أن ظهور تخصصات أخرى جديدة تنافس الطب وتحتاج إليها الدولة، وسنوات دراستها أقل مثل الهندسة النووية والفيزيائية والطاقة المتجددة، أسهم في إقبال الطلبة المتفوقين عليها، وزاد من نسب العزوف عن كليات الطب، لافتة إلى أن التفكير في إنهاء الدراسة سريعاً، وبدء العمل وتكوين أسرة يرجح كفة التخصصات الأخرى عن تخصص الطب.

وأكدت ضرورة التدخل المبكر بوسائل إرشاد جديدة ومحفزة، وتوفير برامج تشجيعية لجذب الطلبة لهذه التخصصات المجتمعية المهمة، والاهتمام بالطلبة من الصغر واستكشاف ميولهم وتنميتها، وعقد شراكة بين القطاعين العام والخاص لتبني الطلبة ورعايتهم حتى الالتحاق بهذه التخصصات، والتوسع في المنح الدراسية الخاصة بهذه التخصصات.

وقالت: «بعض الدول تخصص رواتب شهرية مرتفعة لطلبة كليات التربية تصل إلى 15 ألف درهم شهرياً»، مشددة على ضرورة تحديد أعداد المعلمين والأطباء لمدة الـ 12 عاماً المقبلة وتحديد العدد المطلوب في كل عام، وتأهيل عدد كافٍ من الطلبة للالتحاق بهذه التخصصات عقب الحصول على الثانوية.

إلى ذلك، قال المدير التنفيذي لقطاع التعليم العالي في مجلس أبوظبي للتعليم، الدكتور محمد يوسف بني ياس، إن تخصصي التربية والطب يحتاجان إلى طلبة ذات قدرات معينة، يميلون إلى التعلم المستمر، مشيراً إلى أن المجلس يجري إرشاداً للطلبة في مراحل دراسية مبكرة لتعريفهم وترغيبهم في هذه التخصصات العلمية، وتماشيها مع خطط الدولة التنموية.

وأكد أن المجلس ربط المنح الدراسية بالتخصصات المطلوبة لـ 10 سنوات مقبلة، وعلى رأسها التخصصات الطبية.

فيما أكد الطلبة الجامعيون عمر حامد، وزايد سليمان، وبطي خلف، أن مهنة التدريس تتطلب مهارات خاصة لا يمتلكها كثيرون، فهي تتطلب ذكاءً اجتماعياً وقدرة على توصيل المعلومة، إضافة إلى طبيعة عمل المعلم، فإجازاته ثابتة وفي أوقات محددة من العام، في ما تطلب كليات الطب معايير قبول مختلفة عن بقية التخصصات، إضافة إلى طول سنوات الدراسة ومشقة المهنة والتزاماتها الأخلاقية والمهنية، التي تفرض على ممارسيها الوجود في أي وقت من اليوم.

وأضافوا أن الهندسة وإدارة الأعمال من أكثر التخصصات رواجاً بين الطلبة لأسباب عدة، منها كثرة الفرص الوظيفية، وسرعة الترقي، إضافة إلى أن عامل الأصدقاء والمعارف يلعب دوراً كبيراً في اختيار الطلبة لتخصصاتهم، ونادراً ما تجد وسط الأصدقاء طبيباً أو معلماً.

وأشاروا إلى ضرورة تكثيف التوعية بهذه التخصصات في المدارس قبل البحث عن عزوف الطلبة عن الالتحاق بها، لأن العديد من الطلبة يجهل مميزاتها وفرصها الوظيفية، لافتين إلى أن الصورة السلبية للمعلم المنتشرة في المجتمع أثرت كثيراً في رغبة الطلبة في هذه المهنة.

أمّا الطلبة في المرحلة الثانوية، محمد البلوشي، وحسن ناصر، ومعتز يونس، فقالوا إن مهنة الطب تؤدي إلى صعوبة التواصل الاجتماعي بسبب ظروف المهنة، وعدم السماح لطلبة الطب الذين يحصلون على البكالوريوس بمزاولة المهنة دون إشراف مباشر من طبيب آخر، الأمر الذي يؤدي إلى عزوف الطلبة عن الالتحاق بكليات الطب.

المصدر: الإمارات اليوم