الطفلة المعنفة

آراء

تداول الناس على وسائل التواصل الاجتماعي فيديو لرجل في منتصف العمر يعنف طفلة بطريقة تخلو من الرحمة، وفي فيديو آخر ظهر الرجل مرة أخرى يعتذر، لا أظن أن أحداً اختلف على تجريم هذا الفعل الشنيع ولكن قد نختلف في الأسباب، يدعي في فيديو آخر أنه كان في حالة نفسية سيئة ويعلن في الوقت نفسه اعتذاره ثم يحاول أن يرمي القضية على زوجته التي هجرته قبل عشرة أيام، لا أعلم يعتذر ممّن؟

هل كانت حادثة تعنيف الطفلة تلك هي المرة الأولى والأخيرة، الملاحظ على الصورة أن الرجل لا يظهر أي تعاطف مع الطفلة، يحرك الطفلة بهدوء ومقدرة وبحياد وكأنه يحرك لعبة.

شاهدت قبل سنوات قليلة على اليوتيوب مقابلة مع رجل أميركي محكوم بالإعدام، يقص جريمته على أحد الباحثين مؤكداً أنه يستحق عقوبة الإعدام.

في أحد الأيام كان يسير في الأحياء خارج زحمة المدينة، احتاج أن يجري مكالمة تلفونية فقرع أحد الأبواب، فتحت الباب طفلة في السابعة من عمرها، أنهى لها رغبته فأخبرت الطفلة أمها فسمحت له الأم. أعجبته الأم وبعد أن أنهى المكالمة اعتدى على الأم ثم قتلها خنقاً، قبل أن يخرج من البيت تذكر أن ابنتها الطفلة شاهدته فعاد مجدداً و(خنق) الطفلة حتى الموت.

يطلق على هذا النوع من البشر سيكوباثي، وهو الإنسان الذي يخلو من العاطفة بالمعنى الحرفي للكلمة. لا يملك في قلبه أي شكل من أشكال التعاطف مع الآخرين. لا يحمي المجتمع منه إلا مصالحه، خوفه على نفسه وخوفه من الانكشاف وخوفه من الفشل في تحقيق أهدافه وأطماعه هي الضمانة الوحيدة التي تمنعه من ارتكاب أشنع الجرائم، هذه النوعية لا علاج لها إلا العزل عن المجتمع، هؤلاء لا يتمتعون بالقسوة فقط ولكن بالقدرة على الخداع والتظاهر والنفاق، تتملكهم رغبة في الإيقاع بين الآخرين، سرعة تحديد هؤلاء والتعرف عليهم ضرورة أمنية قصوى، المشكلة الكبيرة التي تواجه الباحثين أن التعرف على هؤلاء وتنميطهم نفسياً لا يتم إلا في السجون، حيث يسهل وضعهم تحت الرقابة وتتبع سلوكهم، المشكلة الأخرى أن عزلهم عن المجتمع لا يتم إلا بجريمة ولكل جريمة عقوبة محددة عندما تنقضي يتوجب إطلاق سراحهم.

ما شاهدناه في الفيديو أمر خطير جداً، التعبير عن الندم الذي أبداه الرجل يجب ألا يثير الشفقة أو التعاطف معه، المسكنة وإبداء الندم من أقوى أسلحة السيكوباثي، قضية كهذه يجب أن تتصدى لها جهتان، القضاء والباحثون الاجتماعيون.

المصدر: الرياض