العلاج النفسي بأسلوب «يونج»

آراء

تستهويني القراءة في علم النفس، وأتمنى أن يتم إدراج كتاب مقدمة في علم النفس في المراحل التعليمية كافة، فمعرفة النفس البشرية وفهم الإنسان لذاته يساعد بدرجة كبيرة جداً في حل المشكلات، بل تلافي وقوعها من الأساس، حيث يحدث تقارب وتفاهم بين الناس، ولاشك أن أغلب مشكلاتنا الحياتية ناتجة عن مشكلات في التواصل والتعبير، ونقص الوعي بطبيعة الشخصيات التي نتعامل معها.

إن معرفة المرِء ذاتَه هي أساس معرفة العالم ومعرفة المولى عز وجل، وقد صاغها الفيلسوف إيكارت ميستر بأن سبيل المرء الوحيد إلى معرفة الله هو أن يعرف نفسه. وقال تعالى في سورة فصلت (53) «سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الآْفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ».

لقد أسّس المفكر السويسري كارل يونج علم النفس التحليلي، وهو نهج تحليلي شامل للعلاج يسعى إلى تحقيق التوازن والاتحاد بين الأجزاء الواعية وغير الواعية من العقل، وقد أطلق على هذا الفرع من علم النفس «علاج يونج»، وهو مبني على فكرة أن اللاوعي هو مصدر الحكمة والإرشاد الذي يمكن أن يساعد في تشجيع النمو النفسي. وبالطبع لا يمكن ممارسة التحليل اليونجي Jungian إلا من قبل محللين مؤهلين.

يساعد علم النفس التحليلي أولئك الذين يعانون مشكلات القلق، الإدمان، الصدمات النفسية، وتقلبات الشخصية، ويتم ذلك من خلال استكشاف النمو الشخصي، وتحديد الأسباب التاريخية للمشكلات النفسية، مثل صدمات الطفولة.

وبدلاً من التركيز على أعراض محددة، مثل القلق، يستخدم العلاج «اليونجي» نهجاً شاملاً لتنمية الصحة النفسية للشخصية بأكملها، ويساعد العلاج المرضى على التعرف إلى الإمكانات الكامنة في أنفسهم، والمساهمة في النمو والتطوير الشخصي. ونظراً لشمولية وعمق ذلك العلاج واحتوائه على جانب روحي فقد ساعد الملايين حول العالم على معرفة العقبات التي تمنعهم من عيش حياة مُرضية وسعيدة، والتغلب على تلك العقبات.

يحتوي علم النفس التحليلي على ثلاثة مفاهيم، أولاً: نموذج «يونج» للنفسية، حيث افترض «يونج» أن هناك ثلاثة مكونات تشكل نفسية الإنسان هي الأنا، اللاوعي الشخصي، واللاوعي الجماعي. وتمثل الأنا العقل الواعي الذي يحتوي على الوعي بالوجود والشعور بالهوية الشخصية. وهذه هي المنطقة التي توجد فيها الشخصية، ويتم فيها تنظيم الأفكار والحدس والمشاعر والأحاسيس.

أما اللاوعي الشخصي فيتكون من ذكريات لا شعورية ومنسية أو مكبوتة. ويمكن استدعاء بعض اللاوعي الشخصي للعقل الواعي. أما اللاوعي الجماعي، فهو افتراض أن هناك نسخة عالمية من اللاوعي الشخصي، أو بمعنى أقرب هي ذكريات مشتركة لأسلافنا، وهي قواسم مشتركة تظهر في ثقافات مختلفة، مثل الخوف من الظلام أو العناكب.

ثانياً: التفرد، وفقاً لجمعية علم النفس الأميركية، فإن التفرد هو «التطور التدريجي لشخصية موحدة ومتكاملة تضم كميات أكبر وأكبر من اللاوعي على الصعيدين الشخصي والجماعي» وفي الأساس، فالتفرد هو العملية التي من خلالها يصبح الشخص مدركاً لقيمته الذاتية وتفرّده. ثالثاً: النماذج وهي مستمدة من اللاوعي الجماعي، تم تصوير النماذج البدائية على أنها صور وموضوعات ذات معانٍ عالمية عبر مجموعة واسعة من الثقافات، وقد تظهر هذه النماذج في الأحلام أو الأدب أو الدين أو الفن.

المصدر: الامارات اليوم