العهد الجديد

آراء

أزمة بعض الحكومات العربية اليوم أنها لم تستوعب بعد حجم التغيير الذي تمر به المنطقة حالياً. هذا التغيير يشمل تفكير الناس ونظرتها لحقوقها وواجبات حكوماتها تجاهها. حتى الإنسان الذي لا يفهم في السياسة أو لا يحب الدخول في عالمها المعقد لا بد أن يتأثر بما يدور في محيطه من أحداث وتطورات. وإن كانت واحدة من أسباب أزماتنا، على أكثر من صعيد، تأتي في الإصرار على التعاطي مع الأزمات وفق العقلية القديمة، التي يأمر فيها المسؤول فيطاع، ويخطئ فيها المدير فلا يحاسب، فإن الأزمة ستزداد تعقيداً ما دام بيننا من لم يدرك بعد أن اليوم غير الأمس.

أغلب مطالب الناس في العالم العربي، من قبل الربيع ومن بعده، كانت وما زالت في دائرة الممكن تحقيقه. بل هي مطالب لإصلاح أوضاع خاطئة في الأصل. إنها في حدود الحد الأدنى من حقوق الناس وواجبات حكوماتها. ولهذا يأتي التعاطي مع هذه المطالب، بواقعية وتواضع واعتراف بالتقصير، حكمة في احتواء الأزمات وقطع الطريق أمام ما لا يحمد عقباه.

فليس كل من ينشد الإصلاح طامع في سلطة. وليست الاستجابة لمطالب الناس وفهم ظروفها ومشكلاتها سقوط لـ«هيبة» الدولة. بل إنها على العكس من ذلك. إذ سنحمي المجتمع، بقيادته السياسة، من تبعات خطيرة لتراكم الغضب أو استغلاله.

صانع القرار في منطقتنا معني أولاً بفهم جاد لما يجري اليوم في ساحته. وهو معني أيضاً أن يدرك ويفهم حجم التحولات المهولة في محيطة. كتبنا كثيراً ونُذكّر دائماً بحقيقة أن أمس قد غادر – بسلامته – وأن اليوم ليس كالأمس وأن غداً حقيقة مختلفة.

نحن أمام أجيال مختلفة في رؤيتها لمستقبلها وعلاقاتها مع محيطها. وإن لم نستوعب هذه الحقيقة، ونستجيب مباشرة لظروف المرحلة وتحدياتها، فإنما نفتح الاحتمالات – والأبواب – أمام كل المخاطر، المعروف منها والمجهول!

نشرت هذه المادة في صحيفة الشرق المطبوعة العدد رقم (١٨٧) صفحة (٣٦) بتاريخ (٠٨-٠٦-٢٠١٢)