ريم الكمالي
ريم الكمالي
كاتبة في صحيفة البيان

الكَاتِب والدفاع عن نُصُوصهِ

آراء

بلا شك أنه بعد انتهاء المؤلف من نصوصه، سواء الفكرية أو الإبداعية، وإرسالها إلى دور النشر والطباعة، تقوم المؤسسات الثقافية والنوادي الفكرية ومعارض الكتب الأدبية بالاهتمام به ودعوته من أجل نقاشه، ونوع من الاحتفاء به، ولعلنا نعلم بأنه لم يكن فيما سبق من تاريخ الإنسان العلمي والأدبي أن يُدعى الكاتب كما هو اليوم، خاصة أنه لم يعد في حقيقة الأمر مسؤولاً عن مؤلفته بعد النشر، بوصف النص المطبوع هو مِلكٌ للقارئ، أي ملكيةٌ تخرج من حوزة المالك إلى حوزة المطلع عليه.

نحن حيال تحويل شائك في مفهوم الملكية الفكرية في الكتب، والتي تُحول الكتاب إلى اسم فقط، ويستقر إلى الأبد بين يدي القارئ، وترحل نصوصه إلى التفسير، وتطوى في إطار نقدي سواء النقد الإقصائي أو الوظيفي، ومن هنا يتساءل الموظفين في المؤسسات الثقافية، أليس مطلوبًا من المؤلف الدفاع عن نصوصه في ندوة أو لقاء من أجل نقاشه، وعن ماهية فكره ونصوصه وعما يرمي إليه، وهذا الأمر في حقيقته فادح الخطأ، قد وقعت فيه المجتمعات المعاصرة خاصة أن أغلب المؤسسات تتبنى استضافة المؤلف والباحث أو المبدع، للاجتماع به أمام جمهرة المطلعين، والحديث معه بتوجيههم الأسئلة حول ما كتب، بالرغم من علمهم أن النص لا يمكن تغييره، بعد أن أصبح بيد القراء ودائرة ملكياتهم، كما أن النقاش في كتاب مكتمل الفكرة وواضح اللغة لا بد أن يكون مفهوماً لقارئه، ومع ذلك يدعى المؤلف لإحراجه ببعض الأسئلة التي لا تليق، ومحاصرته وكأنه في محكمة ولا بد من الدفاع عن نفسه ونصوصه، نتيجته استنزاف طاقته وكسر عزلته، وكشف ثقته وإرهاقه، فالمبدع أو الباحث أو الكاتب مثله مثل أي إنسان لديه مهارات ويفتقر إلى غيرها، وهو بتأليفه يقدم مهارته الكتابية القائمة على خياله الخصب أو مهارته البحثية الفكرية، وليس من الحقيقة في شيء ليتم إحضاره ونقاشه حول باطن الفكرة أو نيته الداخلية.

وأخيرًا فإن الرأي في هذا الشأن من بعض الباحثين والمبدعين أنه لا ضرورة دعوتهم هذه الدعوات بعد أن يذهب الكِتاب إلى سوق الكتب، خاصة بعد قراءتها بعدة قراءات شكلية وتأويلية،

تمامًا كما قرأ الإنسان المعاصر كل الكتب الكلاسيكية التي كُتبت منذ قرون وفندها وناقشها وبنى عليها دراسات وتأويلات مختلفة من دون حضور مؤلفه الراحل، ليبقى سداد الرأي عند بعض الباحثين، أن يبقى الكتاب كما هو في حضرة القارئ، دون الخوض في المؤلف بشكل شخصي.

المصدر: إيلاف