مازن العليوي
مازن العليوي
كاتب سوري في صحيفة الرؤية الإماراتية، ويعمل حاليا في مجال إعداد البرامج الحوارية الفضائية ، رئيس قسمي الثقافة والرأي في صحيفة "الوطن" السعودية اعتبارا من عام 2001 ولغاية 2010 ، عضو اتحاد الكتاب العرب (جمعية الشعر)، واتحاد الصحفيين العرب، بكالوريوس في الهندسة الكهربائية والإلكترونية، وبكالوريوس في اللغة العربية وآدابها، لديه 3 مجموعات شعرية مطبوعة

اللغة العربية على الهامش

آراء

غابت اللغة العربية ونقلت للحضور مترجمة مطلع هذا الأسبوع في ملتقى كبير نظمته مؤسسة عربية في دبي. شارك في الجلسة الأخيرة ثمانية متحدثين، خمسة منهم عرب يشغلون مناصب هامة في مؤسساتهم الإعلامية أو وظائفهم الرسمية.. حتى هؤلاء العرب نأوا بأنفسهم عن التكلم بالعربية وهم يطرحون أفكارهم أو يحاورون الحضور على الرغم من أن “إنجليزية” بعضهم ليست على ما يرام. ولولا المترجمتين الفوريتين اللتين ترجمتا حديث المشاركين للحضور العرب لغابت اللغة العربية تماما عن اليوم الثاني من ملتقى عرب سات السنوي. وليت مؤسسة “عرب سات” انطلقت من اسمها، وجعلت اللغة العربية هي الرئيسية في ملتقاها، ولن يضيرها ذلك في شيء، فمدينة دبي عربية، والمؤسسة المنظمة عربية، ومعظم الحضور عرب، والمشاهدون العرب هم المستهدفون من الملتقى.. لكنه الخلل.
بغض النظر عن كل منجز دبي، لكن “العربي” يشعر أنه غريب فيها لأن أهم ما يقربه منها مفقود، إن ذهب إلى أي محل ليشتري شيئا من البائع وخاطبه باللغة العربية، فأول رد من البائع يكون “نو أرابيك”، فتضطر لمخاطبته بـ”الإنجليزية”، وإن قلت له لماذا لا تتعلم العربية وأنت في دولة عربية، فالإجابة حاضرة وهي أنه لا يحتاج ذلك، فالإنجليزية أغنته عن تعلمها.
كان معي في المصعد منذ أيام ثلاثة عرب، شابان وشابة، صعدنا الأدوار الثلاثة، ولم أسمع من أي منهم أي مفردة عربية برغم أنهم لم يتوقفوا لحظة عن الكلام.
بعض المطاعم تقدم لك لائحة الطعام، تقلب الصفحات بحثا عن كلمة عربية فلا تجد.. تسأل العامل عن اللائحة العربية فيخبرك أنها غير موجودة لأنهم لا يحتاجونها.
تجلس مع أحدهم للحديث عن العمل أو أي شي آخر، فتتفاجأ بأن نصف عباراته باللغة الإنجليزية، ترد عليه بالعربية لعله يفهم أنك تريد لغتك الأم، فيصر على الإنجليزية.. وما من حل تستطيع أن توضح له فيه أنك تريد الحديث بلغتك. حتى لو قلت له ذلك بصراحة وخجل منك وحاول أن يلبي رغبتك، فإنه لن يستطيع لأنه تاقلم مع حالته تلك.
التقيت منذ فترة شابا بلجيكيا في العقد الرابع من عمره، مضى عليه ربع قرن وهو مقيم في دبي، ولم يتعلم لغة البلد التي يسكنها، فأسرته ومدرسته والمحلات والأصدقاء والعمل… كلها لا تتعامل معه إلا بالإنجليزية، فلم يشعر بحاجة لأن يتعلم لغة قد تربكه.
أخيرا وبكل أسف، حتى خطابات الجهات الرسمية تصل إليك بالبريد الإلكتروني باللغة الإنجليزية.. ما يعني أن الغالبية قد وضعت “العربية” على الهامش. وأحسب أن المقبل لن يكون أفضل بالنسبة للغتنا إن لم تتغير الحالة.

نشرت هذه المادة بموقع الوطن أون لاين بتاريخ (٠١-٠٣-٢٠١٢)