سامي الريامي
سامي الريامي
رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم

المال ليس وحده سبب التطور

آراء

مخطئ من يعتقد أن التغيير والتطوير في دولة الإمارات مرتبطان بالوفرة المالية فقط، فوجود المال ليس حكراً على الإمارات وحدها، ولكن تطور الدولة المتسارع سببه الحقيقي يكمن في العقول، والتغيير في نمط التفكير، والابتعاد عن النمطية والتقليدية، وتوجيه الأفكار وتركيزها لخدمة الناس وضمان سعادتهم ورخائهم.

هذا هو التوجه العام الذي يلاحظه كل من يزور قاعة الخدمات الحكومية في معرض جيتكس العالمي، الذي افتتحه، أمس، صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، فجميع الدوائر الحكومية والوزارات الاتحادية تتنافس بشدة في سبيل تقديم الخدمات الإلكترونية والذكية لخدمة المتعاملين والتسهيل عليهم، هذا التسهيل يتم في كثير من الأحيان بطرق خيالية لم تكن تدور في خيال أكثر المتفائلين.

عندما تكون هناك رؤية واضحة، وقيادة تعرف بالضبط كيف تضع الأهداف والخطط الاستراتيجية، وكيف تجعل المسؤولين التنفيذيين يطبقونها بدقة، فالنجاح لابد أن يكون حليف الجميع، وهذا هو ما يحدث هنا، وبفضل ذلك صنعت الإمارات، بشكل عام، ومدينة دبي بشكل خاص، الفرق، وتميزت في تقديم خدمات سهلة مميزة بطرق راقية لا يستطيع كثيرون منافستها فيها، وهذا ما استطاع محمد بن راشد آل مكتوم أن يفعله، عندما استطاع تغيير العقليات، وتغيير المفاهيم، وقلب المصطلحات لمصلحة المتعاملين والمراجعين، فأصبحت جميع الدوائر، ومعها جميع المديرين، يبحثون عن رضا المتعاملين، ويقضون الساعات الطويلة لبحث أفضل وأسهل وأحدث طرق تقديم الخدمات إليهم!

لم يكتفِ سموّه بالحكومة الإلكترونية، والخدمات المقدمة عبر الإنترنت، فدخل في مرحلة الخدمات الذكية، واستطاع تغيير توجه جميع الدوائر والوزارات نحو الأفضل في هذا المجال، ثم أعلن فجأة عن تحويل مدينة دبي بأكملها إلى مدينة ذكية، ولأنه يعرف ماذا يريد، ومتى يحصل على ما أراد، فإن التحول نحو المدينة الذكية لن يستغرق زمناً طويلاً، وفقاً لما شاهدناه من الجهود الضخمة المبذولة من الدوائر المحلية، لذا فمن الضروري جداً أن تبدأ الوزارات الاتحادية العمل من الآن، لأن «الدولة الذكية» ليست بعيدة عن تفكير محمد بن راشد!

ما يحدث من تطور تقني في تقديم الخدمات في دبي شيء مذهل ومفرح، يحق لنا جميعاً أن نفخر به، فالتنافس الحالي لتقديم الأفضل يصب في نهاية الأمر في مصلحة المواطنين والمقيمين في المدينة، فالجميع يبحث عن رضاهم وراحتهم.

من يزُر قاعة الشيخ سعيد في المركز التجاري في دبي سيرى آفاق الخيال المستقبلي الذي يفكر به مسؤولو الدوائر المحلية، فدائرة مثل المحاكم التي تحمل إرثاً من التقاليد العريقة لعمل المحاكم والقضاة حالها بذلك حال جميع محاكم العالم، حيث يصعب التغيير مع وجود قواعد ومحرمات إدارية كثيرة؛ قررت كسر جميع «التابوهات» وتوجهت نحو العميل لتقدم أكثر من 50 خدمة عبر الإنترنت والهاتف من دون الحاجة إلى مراجعة مبنى المحاكم، وهي تسعى لتطبيق مشروع المحكمة الذكية التي يتم التواصل فيها مع المحامين والقضاء إلكترونياً من المنازل!

ومسؤول مثل اللواء محمد المري، مدير الإدارة العامة للإقامة وشؤون الأجانب، يعرض مشروعاً يتيح للمسافرين مغادرة المطار ذاتياً من دون أن يمروا على موظفي الجوازات، في عملية لا تستغرق أكثر من خمس ثوانٍ!

وغير ذلك كثير من الأفكار التي كنا نعتقد أنها خيالية، لكنها ستصبح واقعاً خلال المستقبل القريب، كل ذلك لا يشتريه المال فقط، فالعقل والرؤية والتوجه العام، والتحفيز والحساب والعقاب، هي أسباب التطور قبل توافر المال!

المصدر: الإمارات اليوم