المسماري (3): شاهدتُ السيدتين المغتصبتين وخَجِلت وكانت ارتكابات القائد تُغطى بتعويضات …

مقابلات

المسماري: شاهدتُ السيدتين المغتصبتين وخَجِلت وكانت ارتكابات القائد تُغطى بتعويضات … استغربتُ المشهد فأجابني القذافي: أنت لا تعرف فوائد غسل اليدين بالدم الساخن (3)

الحاكم إنسان. يصيب ويخطئ. يُسامح ويَحقد. يبالغ ويرتكب. يخطئ في السياسة ويخطئ في السلوك الشخصي. يناور ويكذب. عاقب الأميركيون رئيسهم ريتشارد نيكسون على فضيحة «ووترغيت». اعتبروا انه انتهك القانون وكذب على مواطنيه وأخلّ بثقتهم. قبلها تسلّى الأميركيون بقراءة مغامرات الرئيس جون كينيدي وحديث المتسللات الى البيت الأبيض من باب سري، خلال غياب السيدة الأولى. انتسب الرئيس بيل كلينتون لاحقاً الى نادي مثيري الفضائح وحفظ العالم اسم صبية عادية أو أقل اسمها مونيكا لوينسكي. الرؤساء الفرنسيون لم يكونوا كلهم من قماشة شارل ديغول المهجوس بصناعة التاريخ ثم كتابته. تسلّى الفرنسيون بأخبار الرئيس فاليري جيسكار ديستان وقصة اصطدامه بسيارة بائع الحليب لدى عودته فجراً الى الإليزيه من زيارة ليلية غامضة. جاك شيراك لم تعوزه الجاذبية ولا الإشاعات. وفرنسوا ميتران كان جذاباً يجيد نصب الفخاخ، ومشت في جنازته زوجته وابنته من صديقته. هذه قصص حب وخيانات لم تغب عن سير قادة كثيرين بينهم ماوتسي تونغ الذي توهّم أنصاره ان وقته لا يتسع للمراهقات والمغامرات. لكن تلك القصص لم يخالطها العنف والقسر والسلوك السادي الفاحش.

القائد الليبي كان من قماشـة أخرى. كان عنيـفاً ومـريضاً. هذا ما يُظـهره حـديث نوري المسماري أمين جهاز المراسم عن سلوك معمر القذافي. كانت المناسبات تُفتـعل وتُلـتقط صـور الحاضرات. ثم يتم الاختيار وتُوكَل الى محترفات مهمة استدراج من وقع عليـهنّ الـخيار. لا ينقـل المـسماري عن آخـرين. ينـقل ما شـاهد وهـو فـظيع.

قصة أخرى كان يستحيل تصديقها لو لم يكن المسماري شاهداً عليها. إنها قصة إقحام القذافي يديه في صدر الغزال الذي اصطاده في رومانيا، وحديثه عن فوائد الدم الساخن. لم أعتد تسجيل هذه الجوانب في سلسلة «يتذكر»، لكنني رأيتُ أن نشرها يعطي فكرة واضحة عن شخصية رجل أدمى بلاده والعالم، منتهكاً كل القواعد والأعراف. وهنا نص الحلقة الثالثة من شهادة كاتم أسرار العقيد:

– من هم الرؤساء الذين كانت للقذافي علاقة جيدة معهم؟
– كانت علاقته بأمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني جيدة آنذاك. الأمير كان الوسيط في إعادة العلاقات بين القذافي والعاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز. حصلت هذه الوساطة في بيت الشيخ حمد في الدوحة، خلال عقد القمة العربية هناك وكنت موجوداً.

– هل قال السنوسي للملك عبدالله في اللقاء: «أنا خططت لاغتيالك ولكن من دون علم القائد؟».
– نعم، وفي الحقيقة كان اللقاء جيداً وفق ما شاهدت.

– هل كنت موجوداً في شرم الشيخ؟
– طبعاً.

– ما الذي حصل هناك؟
– القذافي ليس شخصاً سهلاً. فهو يتكلم أحياناً عن أمر بينما يقصد أمراً آخر. وكلامه يمكن أن يكون له تفسيران. منذ زمن كان القذافي يشتم اهل الخليج وبعبارات بالغة القسوة. في مؤتمر القمة كان يتحدث عن العراق، وقال: «انتم فرضتم على الأميركيين أن يأتوا الى الكويت. صدام اجتاح الكويت، والكويتيون «كويسين» وبأموالهم اشتروا الاميركيين وأحضروهم ليدافعوا عنهم – كلامه هذا كان فيه نوع من الشتيمة – ووضعتمونا امام الأمر الواقع، مثلما حصل في خليج الخنازير»، يقصد خليج الخنازير عندما اتى الأميركيون أيام كينيدي الى كوبا من أجل الصواريخ السوفياتية. وهنا حصل الإشكال بينه وبين الملك عبدالله الذي حمل على القذافي. أنا كنت أجلس وراءه كما افعل دائماً. حاولت ان اتحدث الى عبدالسلام التريكي الذي كان وزيراً للخارجية وخرج ورُفِعت الجلسة. حاول الرئيس علي عبدالله صالح تهدئة القذافي وطلب منه الدخول الى القاعة للتفاهم، فدفع القذافي علي صالح وكاد أن يطرحه أرضاً. حصل الإشكال لكنهم أصروا على دخول القذافي الى القاعة، فدخل إلى صالون الاستقبال وحاولوا تهدئة الموقف لكن العداء كان قد وقع. حاول القذافي إيجاد تبريرات وأنه كان يقصد خليج كوبا. قال إن اللوم كان يجب أن يقع عليه من جانب العراقيين لا من غيرهم. في ذلك اليوم كان جالساً على يساره أمير الكويت الحالي الشيخ صباح الأحمد الصباح، وكان آنذاك وزيراً للخارجية. التفت اليه القذافي لكن صباح الأحمد أخذها بهدوء.

– حصل الحادث وقرر القذافي التآمر لاغتيال الملك عبدالله؟
– لم أكن جزءاً من الدائرة الأمنية لأقول إنني شاهدت او سمعت.

– لكن متورطين اعتُقلوا في السعودية.
– طبعاً هناك أشخاص اعتُقلوا، أحدهم من مكتب سيف الإسلام القذافي وآخر من مكتب الساعدي القذافي.

– في رأيك هل يمكن أن ينفذوا عملية قتل بهذا الحجم من دون العودة الى القذافي؟
– الإساءة نعم، لكن القتل لا. لا بد من أمر من القذافي.

– هل سمعته مرة يتحدث عن السعودية؟
– نعم.

– لماذا كان يكرهها؟
– القذافي تربّى في بيئة فقيرة جداً. وأبوه كان راعي غنم عند والي فزّان أيام بداية الاستقلال الليبي، وكانت ليبيا مقسمة ثلاث ولايات: طرابلس الغرب وولاية برقة وولاية فزّان. وكان ولداً مشاغباً، يكره أي شخص ميسور الحال. ووالد قريبه أحمد قذاف الدم كان برتبة مقدم في القوة المتحركة، وكانوا ميسوري الحال ويساعدون عائلة معمر. معمر القذافي كان يحمل في نفسه كراهية لميسوري الحال، بخاصة الأنظمة الملكية. ثم هناك ثقل السعودية السياسي والاقتصادي والإسلامي. والقذافي علاوة على ذلك نزق وعنيف ويحب الدم كثيراً.

– اعطِنا دليلاً جديداً على دمويته.
– كنا في رحلة صيد في رومانيا، خلالها قُتل صالح بو فروة بالرصاص، وهو أحد الضباط الأحرار المقربين من القذافي، لكن هذه قصة طويلة.

– هل كانت عملية قتل مقصودة، أي هل اغتنموا رحلة الصيد لقتله؟
– نعم.

– مَنْ قتله، جماعة القذافي؟
– نعم. لعملية القتل هذه قصة تتعلق بموضوع أن والدة القذافي يهودية.

– صالح بو فروة قال إن أم القذافي يهودية؟
– وصلته معلومة من ايطاليا مع اوراق ومستندات متصلة تفيد بأن أم القذافي يهودية.

– وهل هي يهودية؟
– نعم.

– أنت تجزم بالأمر، فما السبب؟
– عمار ضو الذي كان سفيراً في ايطاليا وصلت اليه المعلومة ذاتها مع مستندات وغيرها، وبعد مغادرته ليبيا الى ايطاليا اغتيل ولفّقت التهمة بأن وراء تصفيته مَنْ كان يسميهم القذافي «الكلاب الضالة»، أي المعارضة الليبية، وهذا غير صحيح. كذلك الملحق الإعلامي اغتيل، لأنه كان على علم بهذه القضية.

– كل مَنْ كان على علم بأن والدة القذافي يهودية قُتِل؟
– نعم تمت تصفيتهم.

– هذا كان في رحلة الصيد في رومانيا، لكن في أي عام؟
– في الثمانين كما اعتقد، ايام تشاوشيسكو.

– هل كانت علاقة القذافي بتشاوشيسكو قوية؟
– نعم كانت قوية جداً، على رغم انه كانت هناك كراهية بين زوجة تشاوشيسكو والقذافي.

– ولماذا كانت تكرهه؟
– لا اعرف.

– قلتَ ان القذافي كان دموياً، كيف؟
– في تلك الرحلة أذكر انهم أتوا بالغزال الذي اصطاده القذافي. فلما فتحوا بطنه، أدخل القذافي يديه وراح يغسلهما بدم الغزال. كان المنظر رهيباً وغريباً. الصور لا تزال موجودة في ليبيا.

– غسلَ يديه بدم الغزال؟
– وضع كلتا يديه داخل بطن الغزال، وراح يغسلهما بالدم. انا من دون قصد سألته: لماذا تغسل يديك بالدم الوسخ؟ فقال: انت لا تعرف فوائد غسل اليدين بالدم وهو ساخن.

– هل تعتقد بأنه قتل أحداً بيده؟
– أعتقد.

– مثل مَنْ؟
– لا أريد ان أجزم في أحداث لم أكن شاهداً عليها، لكنه كان بلا شفقة.

– دليل آخر على غرابة القذافي…
– كان يعاني شذوذاً جنسياً رهيباً… غلمان وغيرهم.

– بما انك كنت مدير المراسم لديه، هل كانوا يحضرون له غلماناً إلى الخيمة؟
– كان معه غلمانه. كثيرون ممن كانوا معه كانوا غلماناً ويسمونهم «مجموعة الخدمات». هؤلاء كلهم كانوا غلماناً وضابطات وحريماً.

– كان يحب النساء كثيراً؟
– اعتقد بأنها كانت عملية سادية. أذكر مرة حين كنتُ في المكتب وردتني مكالمة من مسؤول امن الفندق يقول فيها ان ضيفة أفريقية مريضة وتريد أن تقابلني، فقلت للمتصل انني لست طبيباً ولا افهم بهذه الأمور. الفندق كان يتبع للمراسم. قلت له أن يتصل بطبيب ليراها. فقال: اعتقد يا سيد نوري ان من الأفضل أن تأتي. قلت له: ما قصتك أنت، هل تعطيني تعليمات؟ فقال: أنا لا أعطي تعليمات، أنصح بأن تراها أنت قبل أن يراها الطبيب.
عندها استقليت السيارة وتوجهت الى الفندق. ولما وصلت سألت الشخص الذي اتصل بي، ما حصل؟ فقال: اصعد الى الغرفة لترى بنفسك. دخلت على هذه السيدة وهي من نيجيريا وأذكر ان اسمها كان الدكتورة (…)، وكانت في حال يرثى لها. كانت في حال رهيبة، تعرضت للعض والنتش والدم يسيل، وآثار كدمات ظاهرة على جسدها، وكانت تبكي. سألتها ما بها، فقالت: هجم عليّ.
قلت لها: مَن هاجمك… في الفندق؟ فأجابت: لا. ذهبت لمقابلة القذافي وهجم عليَّ.

– ماذا فعلت؟
– طلبت ان يأتوا إليها بطبيب. اتصلت بأحمد رمضان وهو كان مدير مكتب القذافي لكنه أقرب من بشير صالح، وطلبت منه أن يرسل طبيب القيادة. تململ اولاً، لكنني أعدت الطلب. فقال: حاضر. ثم سألني لماذا طلبت طبيب القيادة، إذا كان بإمكانك احضار أي طبيب. فشرحت له الموضوع. ثم قابلت معمر القذافي وأخبرته بما حصل، فقال: فضّك منها. وقال ان هذه السيدة تكذب وأن المسألة عملية ابتزاز.

– قلتَ للقذافي ما حصل؟
– طبعاً. قلت ان المرأة موجودة وتدّعي كذا وكذا. فقال انها ربما فعلت ذلك بنفسها لتبتزّه. أجبتُ أن الموضوع يجب أن يُعالَج. فقال: حسناً اعطوها أي مبلغ… أذكر أن أحمد رمضان أرسل إليها مئة ألف دولار، فأقفل الموضوع.

– وهي قابلته بأي صفة؟
– كانت تقول انها دكتورة. عدا ذلك لا اعرف شيئاً.

– كانت طبيبة؟
– لا اعرف، لكنهم كانوا يسمونها الدكتورة. كان هناك شيء اسمه «الضيف الخاص» للقائد وهؤلاء لم تكن لي علاقة بهم باستثناء دفع تكاليف الفندق وغيره.

– كان هناك فندق تابع للمراسم؟
– في البداية كان «المهاري» تابعاً للمراسم، ثم صرنا نتعامل مع كل الفنادق.

– هل تذكر حوادث اخرى مماثلة؟
– حصلت اشياء كثيرة. الحادثة الثانية حصلت لزوجة رجل اعمال سويسري، وكادت أن تتحول كارثة كبرى، لكنها لاحقاً تلاشت وانتهت ذيولها.

– ما موضوع هذه الحادثة؟
– هذه سيدة ايرانية زوجة رجل سويسري مشارك في وفد من شركة إيرانية لتوظيف الأموال، قابَلَتْ السيدة القذافي ليلاً واعتدى عليها بعنف. عرفتُ الأمر بينما كنا عائدين في طائرة الوفد ولاحظنا ان الأمن المرافق للوفد اعتقل سيدة على الطائرة. كان معنا ايضاً محمد الحويج الذي تولى لاحقاً حقيبة المال.

– اين حصلت الحادثة؟
– في سرت، ولها تفاصيل ثانية. دخلت معهم في تفاوض على الطائرة، وعلى الطائرة عرفتُ ان زوجة السويسري هجم عليها القذافي وكانت في حال يرثى لها.

– كانت معكم على الطائرة؟
– نعم. كانت في غرفة النوم في الطائرة. أدخلني إليها زوجها، ووجدتها في حال يرثى لها، الدم يسيل منها، فأخبرتني بما حصل. قالت ان سيدة جاءت إليها واستدعتها للمقابلة، وكانت برفقتها ضابطة اسمها سالمة. وذهبوا الى المقابلة، وكانوا في البداية اخبروها بأنها دعوة، ولكن لاحقاً دخل القذافي ودعاها الى المكتب و «هجم» عليها بعنف. عندما دخلتُ للتحدث مع زوجة السويسري، دخل رجال الأمن (الذين كانوا بصحبة الوفد) وقبضوا على السيدة التي كانت برفقتنا وهي الوسيطة التي أحضرت الوفد.

– اعتقلوها في الجو؟
– نعم وكأنها عملية خطف. عندها قلت لهم: ما تفعلونه خطر، لأن الأمن والمخابرات يعرفون اننا غادرنا المطار بطائرتكم. وحصلت بيني وبين الزوج السويسري مشادّة. وقلت له ان ما تفعله خطأ، فقبل أن تخرج من الأجواء الليبية ستجد الطائرات الحربية تلاحقك.

– كان هناك حراس مع السويسريين؟
– نعم. كان معهم عناصر من الأمن الخاص بهم.

– هؤلاء العناصر هم من اعتقل المرأة الوسيطة؟
– نعم. المرأة التي كانت السبب في الاعتداء.

– كيف عالجتم الأمر؟
– قلت للزوج أولاً نحن لن نقبل التفاهم معك، قبل ان تفكوا الأغلال من يدي السيدة.

– هل كانت هذه السيدة ليبية؟
– عربية. قلت: ما ذنبها. هي عبد المأمور، ولا علاقة لها. وسألت زوجة السويسري، هل حاولت هذه السيدة إقناعك؟ فقالت لا. وسألتُ السيدة: هل قالوا لك انها دعوة، فقالت نعم. يعني ان لا علاقة لها بالأمر. ففكوا الأغلال. محمد الحويج كان خائفاً وجباناً وشبه ميت على الطائرة. حتى انه أشاد بي، وقال: بعمري لم أر بمثل شجاعة نوري في هذا الموقف. أقنعت الرجل بأن هذا خطأ، وبأن الطائرة ستلاحَق لأن شخصين ليبيين مهمَّين على متنها ولم تدخل أجواء طرابلس.

– لمَنْ كانت الطائرة؟
– لهم. نحن كانت لدينا طائرة، لكنهم أصروا على أن نرافقهم على متن طائرتهم لغاية في نفس يعقوب.

– الطائرة كانت سويسرية؟
– نعم. قلت له انت حر. اذا أردت ان تذهب فاذهب، لكن هذا سيسبب لك فضيحة في بلادك، وستتهم بعملية خطف ولن تستفيد. توصلنا الى حل. قال: أتعدني بأنكم لن تقبضوا عليّ في طرابلس. قلت: أعطيك كلمة شرف بألا يتم التعرض لك ولا لزوجتك ولا لأي شخص معك، وهذه الحادثة ستكون بيني وبينك. وقلت لحويج: إذا صدرت منك أي كلمة ستنتهي، فقال انه موافق على كل ما أقرره. نزلنا في مطار المعيتيقة ونزل الوفد وغادر السويسري وزوجته وكان خائفاً. وراح الوفد. كانوا احضروا لي هدية ساعة سويسرية، فقلت انني لا أتسلم الهدايا.

– هل طلبوا أموالاً؟
– هو طلب 20 مليون دولار تعويضاً عما تعرضت له زوجته. قلت له انني لا أتدخل في هذه الأمور.

– لم يقبض أموالاً؟
– لاحقاً، الحويج تابع العملية. والسيدة التي كانت معنا أخبرت القذافي بما حصل. وقالت: نوري تصرف وقام بكذا وكذا. وأعتقد بأن السيد عبدالحفيظ الزليطني الذي كان وزيراً للاقتصاد نظّم تعاوناً بين هذه المجموعة السويسرية وليبيا.

– هذا عملياً يعني انهم حصلوا على تعويض؟
– كان تعويضاً على شكل استثمار، وكانت للقذافي مواقف كثيرة في هذا الإطار. هو كان يحب الانتقام من الشخصيات من طريق زوجاتهم. أنا أستغرب كيف ان بـشير صالـح لم يـنـشق عن الـقذافي، وحتى عزالدين الهنشـيري الـذي كان وزيراً للأمـن الـعـام وكان في المخابرات ورئـيساً للحرس الثوري ثم رئيساً للحرس الخـاص. أستغرب كيف أنهـمـا لـم ينشقّا عنه، لأنني عـندما كنت أتخاصم مع القذافي وأُسجَن وأخرُج من السجن، كنت آتي الى مكتب بشير صالح وأكتب استقالتي وأقول انني سأغادر. كان بشير صالح والهنشيري يوصياني بالهدوء والتمهل ويقولان: عندما ستأتي اللحظة لهذا سنبلغك. كان هناك مخطط لدى الاثنين لكنهما لم يبلغاني به. وكانا يقولان انني مندفع ودائم الغضب، ويطلبان مني الهدوء، ويقولان ان الوقت لم يحِن بعد. لم أكن أعرف السبب. لكنني استغربتُ جداً عندما حصلت ثورة 17 فبراير المباركة ولم ينضما إليها.

– هل حاول القذافي ان يتحرش بوزيرة او غيرها؟ هو التقى كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الاميركية؟
– دعاها الى العشاء، ولمّا دخلت الى الجناح الخاص رأت صورتها وبألوان زيتية في إطار، معلّقة في جناحه. لمّا رأت الصورة فُجِعت. سألت ما هذا، فقال هذه صورتك بألوان زيتية. لكنني لا أعرف ماذا حصل. هذه واحدة. حاول القذافي التحرش بوزيرة خارجية إسبانيا باراسيو.

– وهل تسبب هذا الأمر في إشكال؟ هل حاول القذافي فعلاً التحرش بها؟
– العلاقة كانت متينة، لكن في الزيارات الخاصة أنا لا علاقة لي بها.

– هل هناك حوادث أخرى مماثلة لحادثتي النيجيرية والسويسرية؟
– الحوادث الأخلاقية دائماً كانت موجودة.

– وكان يدفع في النهاية؟
– نعم. مثلاً مرة استُدعِي بشير صالح الى الغابون من رئيسها عمر بونغو. كان صالح غير راضٍ، وحتى الهنشيري، عن تصرفات القذافي. قال لي بشير تعالَ أريد أن أراك في المكتب. فقلت له كيف تذهب الى الغابون وحدك، فأجاب انه لو لم يذهب لحصلت كارثة. وقال: حين دخلت على عمر بونغو أدار شريط تسجيل لمكالمة هاتفية بين القذافي المتصل وزوجته، وهي ابنة ساسو نغيسو رئيس كونغو- برازافيل. أصيبت المرأة لاحقاً بالجنون وانتقلت الى المغرب وماتت. وهي سيدة جميلة فعلاً. كان هناك كلام غزل بينها وبينه. فتُرت العلاقات بين البلدين وعادت لاحقاً بقدرة قادر. لم اسأل عن تفاصيل مكالمة الغزل. بشير صالح كان المسؤول. كان مسؤولاً اكثر من الآخرين في هذا الشأن، حتى لما حوّلوا الخارجية الليبية وقسموها الى الخارجية ووزارة الشؤون الأفريقية وكان التريكي وزير الخارجية للشؤون الأفريقية وعلاقته دائمة بالأفارقة، كان بشير متقدماً، وكان هناك دائماً صدام بين الرجلين في ما يتعلق بالعلاقات الأفريقية. كانت هناك أمور يقوم بها بشير صالح من دون علم التريكي، لأنه كان رئيس الديوان لدى القذافي، فيفعل ما يريد وعلاقته جيدة بالأفارقة ولونه أسمر مثلهم.

– كان القذافي يحب النساء والرجال؟
– طبعاً.

– عبدالمنعم الهوني قال سابقاً ان القذافي شاذ جنسياً؟
– هذا صحيح، وعبدالرحمن شلقم يقول إن القذافي سالب وموجب.

– هل حصل معه إشكال في موضوع الغلمان. هل اشتكى عليه أحد من الشبان؟
– سمعتُ، لكنني لم أكن حاضراً، لأن هذا الموضوع في قسم الخدمات، وما يدور حوله لا أعرفه.

– هل استقدموا له نساء من الخارج؟
– كانوا يأتون إليه بنساء أشكال ألوان، وهذه الأمور كانت مسؤولة عنها واحدة اسمها م.ا.

– تردد اسمها بعد سقوط القذافي؟
– هي كانت مسؤولة عن هذه الأمور. وصلت الى مرحلة انها أصبحت بمثابة مبعوث شخصي. كانت لها علاقة بسيسيليا ساركوزي وكانت واصلة في الإليزيه أكثر مني ومن وزير الخارجية ورئيس الحكومة، والسبب أن القذافي كان يعتبرها بمثابة المبعوث الشخصي له. بالغ القذافي في هذا الجانب، كان ينتقم من الأشخاص بالتعرّض لزوجاتهم. السيدة نفسها روت لي ان القذافي تحرش بشقيقة ساركوزي فاستاءت، وأن المقربين من القذافي حاولوا استرضاءها بعقد من الماس فرفضته.

(اضغط لقراءة الحلقة الرابعة كاملة)

المصدر: الحياة