المناسبات الوطنية والإنجازات العظيمة

آراء

كلما تجددت المناسبات الوطنية العظيمة تجددت آمال عظيمة في الأمة الإماراتية رئيساً وحكومة وشعباً في أن تستمر هذه المناسبات ليتجدد معها العطاء والرخاء والتقدم الحضاري في مختلف الميادين، وهي الآمال التي ينشدها شيوخنا الأكارم، فقد آلَوا على نفوسهم ألا يكونوا وشعبهم أقل من الرقم 1.

ويأتي هذا العام الـ47 من عمر الدولة مليئاً بإنجازات عظيمة ليس أكبرها الوصول إلى المريخ، بل من أكبرها هذا الحب المتبادل بين الشعب الوفي وقيادته الحكيمة الحميمة، ما أتاح للتقدم الحضاري والإنساني أن يسابق الزمن، فإذا كانت الإنجازات تحتاج عادةً عشرات العقود من الزمن؛ فإنها في الإمارات تطوي العقود بفضل الله تعالى وفضل الهمة العالية التي لا تعرف المستحيل ولا تتوقف عند الممكن، فتحقق التقدم التكنولوجي صناعة وتقنية، والسياسي تأثيراً، والإنساني عطاءً، والمعرفي تمكيناً، والأمني ثباتاً، والعدلي انضباطاً ومساواة.. وغير ذلك مما تفاخر الأمم الراقية ببعضه فضلاً عن كله.

إن الاحتفال السابع والأربعين لدولة الإمارات لم يعد فلكلورياً تستعرض فيه القوة العسكرية والفنون الشعبية – على أهميتهما – بل احتفال بالإنجازات العظيمة التي أرسى قواعد انطلاقها مؤسس الدولة الشيخ زايد، طيب الله ثراه، وهي الإنجازات التي أشار إليها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، حفظه الله ورعاه، بقوله: «نحتفل هذا العام بأوائل الإمارات بشكل مختلف.. سنحتفل بمشاريع ستترك بصمتها في تاريخ الإمارات.. مشاريع أقامتها دولتنا.. سيفرح بها زايد لو كان معنا.. مشاريع ثقافية واجتماعية واقتصادية وعلمية وبنية تحتية ستترك أثرها في مسيرة بلدنا».

نعم هكذا يكون الاحتفال بالإنجازات لا بالأمنيات، وبالأفعال لا بالأقوال، وبالكبار لا بالصغار؛ لأن ذلك هو اللائق بدولة رائدة كدولتنا المباركة ذات العيشة الرضية والهمة العلية.

ولئن كان احتفالها بإنجازاتها الحضارية الداخلية؛ فلأن تحتفل بإنجازاتها الإنسانية العظيمة التي اخترقت حواجز الجغرافيا من أجل تصحيح الصورة المشوشَة التي شاعت عند الآخرين للإسلام والمسلمين، حتى ظهر ما يسمى بـ«الإسلام فوبيا»، أي الخوف من الإسلام لتصوير المسلمين على أنهم أدوات دمار للبشر والحجر، فقدمت الدولة صورة مُثلى بحقيقة الإسلام السمح المحب المتراحم المتعاون، من خلال الأنشطة العظيمة لمنتدى تعزيز السلم ومجلس حكماء المسلمين والمجلس العالمي للمجتمعات المسلمة والقمة العالمية للتسامح وغيرها، التي جابت المشارق والمغارب تحمل الصورة الحقيقية للإسلام، فأسمعت من به صمم، أن الأمة الإسلامية ليست كما صورها الإعلام المعادي أو جَهَلة أهله، بل سلوك حضاري يعيش مع الآخر كما يعيش مع نفسه، ويؤمن بالمشاركة في القيم الإنسانية ويدعو إليها، فضلاً عن مؤسسات النفع العام الخيرية العامة والخاصة التي تغذي وتغيث وتكسو وتداوي وتؤوي وتعلم.. في مختلف البلدان التي تحتاج لمثل هذا العطاء الإنساني، عطاء عز أن يوجد له نظير في العالم، وتبذل لأجل ذلك مبالغ خيالية وتترك آثاراً مشهودة.

كل هذا يعبر عن سماحة مؤسس هذه الدولة الذي تمثَّل معاني الإسلام فجعل هذه المبادرات إحدى تكوينها القِيَمي لتعبر بصدق عن أن هذه الدولة ليست دولة اقتصادية وحضارية مادية فقط، بل هي كذلك دولة أخلاقية تعرف أن للإنسان حقاً في كريم الحياة أياً كان وأين كان، ومثل هذه المعاني العظيمة تجعل الدولة ذات مكانة عظيمة بين الدول.

إن المنجزات العالمية لا تقل عن الإنجازات الحضارية على ثرى أرضنا الطيبة، إن لم تكن أهم منها، لذلك يتعين على كل محب للإمارات أن يكون جزءاً من أخلاقيات قادتها الأكارم الذين ارتسموا خطة المؤسسين في مثل هذا العطاء من أجل الإنسانية، وأن يكونوا صوراً حقيقية لمعاني الإسلام الذي ارتضاه الله لعباده حتى يعيشوا به وله عابدين ولدنياهم عامرين.

أدام الله عز الوطن إنساناً وأرضاً.

المصدر: الإمارات اليوم