المنصوري: طموح زايد غيّر شكل الحياة في المنطقة

أخبار

قال عبيد سعيد مبارك سالمين المنصوري إن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، كان نموذجاً للإنسان البدوي، بكل ما يحمله هذا الوصف من صفات الحكمة والشجاعة والذكاء الفطري، مشيراً إلى أن «الشيخ زايد استطاع أن يغيّر شكل وأسلوب الحياة في المنطقة، بفضل ما كان لديه من طموح ورغبة صادقة في تحسين الحياة».

نهج زايد

قال عبيد سعيد مبارك سالمين المنصوري إن «الشيخ زايد كان يعتبر الشعب كله أولاده، وكان مجلسه مفتوحاً للجميع في كل الأوقات، خصوصاً في الأعياد والمناسبات الوطنية والاجتماعية. وكان يشارك الناس في مناسباتهم المختلفة. كما كان كريماً مع الجميع، ولم يقتصر اهتمامه على منطقة معينة، بل كان يقوم بالكثير من الجولات للمناطق المختلفة، مثل ليوا والظفرة والمناطق الشمالية، وغيرها. وكان يستمع إلى الناس ويتناقش معهم ويلبّي طلباتهم، وهو النهج نفسه الذي يسير عليه أبناء الشيخ زايد حالياً».

عطاء

أكد عبيد المنصوري أن اهتمام الشيخ زايد وعطاءه لم يقتصرا على الإماراتيين، بل شملا المقيمين في الدولة، كما وصلا إلى العديد من الدول، حيث كان نهجه يعتمد على نجدة المحتاج، وهي صفة أصيلة في شخصيته.

وأكد لـ«الإمارات اليوم» أن «الشيخ زايد – مثل باقي شعب الإمارات – عاش الحياة قديماً بما كانت تحمله من صعوبة وقسوة في ظروف العيش والعمل. ولذلك حرص، عقب ظهور النفط، على أن يسخّر الإمكانات المادية التي وهبها الله للبلد في خدمة الناس، وتحسين حياتهم وتطويرها».

وأضاف المنصوري، الذي كان منذ طفولته المبكرة في العين قريباً من الشيخ زايد، ثم أصبح عضواً في المجلس الاستشاري الوطني لإمارة أبوظبي، أن «الشيخ زايد كان يمتلك على الدوام خططاً لتحسين الحياة وتطوير الخدمات التي تقدم للسكان، حتى قبل قيام الاتحاد، حيث قام خلال توليه حكم العين ومنصب ممثل الحاكم في المنطقة الشرقية، بالعديد من المشروعات المهمة التي كان لها تأثير إيجابي كبير في حياة الناس ورفاهيتهم».

وتابع المنصوري أن علاقته بالشيخ زايد، رحمه الله، تعود إلى أيام طفولته، «فقد تربّينا وعشنا عند الشيخ زايد، وكان يعاملنا مثل أطفاله، لأنه نشأ في طفولته مع والدي وأعمامي»، مشيراً إلى أن هذه العلاقة استمرت بعد أن كبر، فكان قريباً من الشيخ زايد، وكان عضواً في المجلس الاستشاري الوطني لإمارة أبوظبي، كما كان والده عضواً في المجلس مع بداية تأسيسه.

صندوق الزواج

وعن ذكرياته في المجلس الاستشاري؛ كشف المنصوري عن واقعة كانت سبباً في إنشاء «صندوق الزواج»، مشيراً إلى تلقّي أعضاء المجلس شكاوى من عائلات إماراتية بتأخر سن زواج بناتها اللاتي أنهين تعليمهن الجامعي، مع تزايد إقبال الشباب الإماراتيين على الزواج من جنسيات أخرى. وكان من أبرز أسباب هذه الظاهرة، في ذلك الوقت، ارتفاع كلفة الزواج بين العائلات الإماراتية. وعندما قام المجلس برفع هذه الشكاوى إلى الشيخ زايد، رحمه الله، أمر بإنشاء «صندوق الزواج» ليساعد الشباب المواطنين على تحمّل تكاليف الزواج من خلال منح كل شاب مقبل على الزواج من فتاة إماراتية 75 ألف درهم، وكان لهذا القرار تأثير كبير في حل هذه المشكلة.

وأضاف المنصوري: «كان الشيخ زايد يضع قضايا وحاجات الناس على رأس أولوياته، ويحرص على أن يظل قريباً منهم دائماً. كما كان يعمل على أن ينقل إلينا في المجلس الاستشاري هذا الاهتمام بشؤون السكان، مركزاً على أن دورنا هو أن نستمع إلى الناس، وأن نتعرف إلى مطالبهم واحتياجاتهم والعمل على طرحها ومناقشتها في المجلس لبحث أفضل السبل لتنفيذها، وإذا ما كانت هناك أمور يصعب علينا اتخاذ قرار فيها، كنا نرجع إليه ليتولى حلّها بما فيه مصلحة الشعب والمجتمع».

ويستعيد المنصوري ذكرياته حول فترة تولّي الشيخ زايد حكم العين، موضحاً أن «الشيخ زايد لم يترك مجالاً إلا عمل على تطويره، رغم ضعف الإمكانات في ذلك الوقت. وكان من أبرزها مجال الزراعة، إذ اهتم به وسعى إلى حل المشكلات التي كانت تواجه المزارعين، خصوصاً مشكلة المياه، فأعاد حفر وإصلاح الأفلاج القديمة في العين، ومن أهمها الصاروج والمعترض وثقية والمويجعي، كما شجع على زراعة النخيل وغيره».

وأضاف: «كانت الحياة بسيطة، قديماً، فلم تكن هناك بيوت أو مبانٍ ضخمة. كما كان الطعام بسيطاً، ويعتمد بشكل رئيس على التمر والحليب. وعندما وهبنا الله الثروة، عمل الشيخ زايد على تسخيرها في تغيير تلك الأوضاع. وكان قيام الاتحاد في ديسمبر من عام 1971 نقطة تحول كبيرة في تاريخ الإمارات والمنطقة. وقد صاحبت إعلان قيام دولة الإمارات العربية المتحدة احتفالات واسعة في كل مكان، شارك فيها جميع المقيمين في الإمارات، تعبيراً عن فرحتهم بهذه الخطوة الكبيرة، وما تحمله لهم من آمال وطموحات بإنجازات كبيرة تصب في مصلحة المجتمع ككل».

وأكد المنصوري أن «الشيخ زايد، رحمه الله، كان يضع التعليم في مقدمة أولوياته لتطوير المجتمع، فقبل قيام الاتحاد لم تكن هناك مدارس في الإمارات سوى عدد قليل جداً، ولذلك وجّه عقب قيام الاتحاد بإنشاء عدد كبير من المدارس في كل مكان، وكان يحرص على زيارتها ولقاء الطلبة. كما عمل على إنشاء شبكة طرق، وتوفير وسائل مواصلات حديثة، بمقياس ذلك الوقت، إذ كانت الإبل هي وسيلة التنقل الشائعة. ولم تكن هناك طرق مسفلتة، بل كانت مناطق رملية ساحلية خطرة. وكان ظهور السيارات أمراً غريباً في المجتمع في ذلك الوقت، وأذكر أننا عندما ذهبنا إلى ليوا بسيارة (لاندروفر) أصيب الناس بالفزع منها، وهربت النساء للاختباء في البيوت».

الحكمة والشجاعة

ووصف المنصوري الشيخ زايد بـ«البدوي» بكل ما تحمله الكلمة من معاني الأصالة والحفاظ على العادات والتقاليد، إلى جانب ما اتسم به من صفات القوة والشجاعة والحكمة والقدرة على فهم الناس والتأثير فيهم، كما كان ماهراً في مختلف فنون الفروسية والصيد وغيرهما.

يقول: «كان الشيخ زايد، رحمه الله، عاشقاً للبدو وحياتهم، وكان يحب الصيد والقنص، باعتباره وسيلة لاكتساب مهارات وصفات مهمة، مثل الصبر والحكمة والتعامل مع مواقف مختلفة، وكثيراً ما كنا نسافر معه للمقناص في الدولة وخارجها في دول مختلفة، مثل باكستان والمغرب، وخلال هذه الرحلات كان الشيخ زايد يتصرف مثل أي شخص آخر، وكان يساعد الجميع في إعداد مكان الإقامة وتجهيز الطعام وفي الصيد». وقال إن الشيخ زايد كان يهتم بالتراث، ويحرص على أن يكرس الاهتمام به في نفوس أفراد المجتمع صغاراً وكباراً، من خلال المحافظة على مفرداته المختلفة، مثل الزي الوطني والرياضات التراثية والحرف الشعبية. كما كان حريصاً على حضور سباقات الهجن ودعم ورعاية ملاك الإبل وتشجيعهم على حفظ التراث العريق للإمارات، من خلال إقامة السباقات والمزاينة وتحفيز المواطنين على المشاركة فيها، لافتاً إلى أن الاهتمام بالتراث مازال قائماً من خلال المهرجانات التراثية الكبرى التي تقام في أبوظبي.

المصدر: الإمارات اليوم