المنظومة الأخلاقية

آراء

هذا الإرث، وهذا النث، وهذا البث، وهذا الحث، وهذه المنظومة الأخلاقية، التي شعت، واتسعت، ومدت، وامتدت، في المدى شراعاً ويراعاً واتساعاً، وفاضت من فيض، وروض ومنحت الحياة نسقاً معرفياً، بدا في الوجود قامة ومقامة واستقامة، بدا في الوطن سحابة هيابة، تظلل وتهطل زخات ورفرفات، لها تنيخ الركاب شجوناً، ولحوناً، وتسود الأطيار، وتترنم الأشجار، وتميل الأغصان طرباً وصخباً.

هذا العرف القمي سكن القلوب، فاستكانت هدأة وطمأنينة، وازدهرت أماناً وسكينة، وبدت التضاريس مروجاً وبروجاً، وصارت البيداء فيحاء على ربواتها تحلم النوق، وتتألق الجياد، وتتدفق الوهاد عشباً يلون التراب بأخضر اليفوع ورونق الينوع، وتتباهى العيون ببريق أنيق رشيق والناس في فيافي الوطن، يرتلون آيات الحب، لوطن زرع الحب أصولاً وفصولاً، ومنح الأحلام بياض السليقة، ونصوع الخليقة.

هذه منظومة زايد الأخلاقية، أكسبت الوطن قامته وشامته وعلامته ووسامته وجزالته وأصالته ونبله وخير سبله، هذه المنظومة ألهمت الوطن إبداعه وبلاغته وفصاحته، وحصافته وقدرته على صناعة المجد بكل براعة ونبوغ ومنحت الناس الوجاهة والبهجة ونهج التسامح والتصالح والخروج من شرنقة التقوقع والاختزال، والانفصال عن باقة الزهور والعطور هذه المنظومة، رسمت صورة البهاء والصفاء والنقاء والوفاء والانتماء إلى الوحدة البشرية، وتكامل الموجود هذه المنظومة هي في البدء حلم، ثم صارت علماً وعلماً، صارت في الكون نجوماً ترصع السماء بقلائد وفرائد وقصائد، وتنسج في الأرض خيوط الحرير، لشراشف الدفء وملاءة الحنان.

هذه المنظومة، هي سر نهوض الإمارات، وحقيقة استدامتها كجدول ومنهل ومكحل وسور وجوهر ومحور، هذه المنظومة هي النسق، وهي الدفق، وهي الأفق، وهي الحلم المنمق، والفكرة المبهرة.

هذه المنظومة هي المسار وهي المدار، وهي السوار وهي السقف، وهي الجدار، وهي المونولوج الداخلي، وهي أصل الحوار، هي الدورة الدموية في الشريان والوريد، وهي البوح، وهي القول السديد، وهي محارة الأعماق، وهي وكل الأشواق هي..هي التفوق في كل الآفاق، وهي شمعة الأحداق.

هذه المنظومة لنا في الطريق بوصلة وفاصلة، ولنا في الحياة نخلة ونحلة، عناقيد تؤصل المرحلة.

المصدر: الاتحاد