اليمن: قبل فوات الأوان

آراء

أفهم جيداً أسباب الإحباط في رؤية دول الخليج لليمن خاصة في جانب الدعم الاقتصادي. ثمة تردد خليجي في الإنفاق على مشروعات التنمية في اليمن، لأن الجانب اليمني –في السابق– لم يلتزم بشروط التعاون. بل إن بعضهم في اليمن وخارجه تمنى أن تتوقف دول الخليج عن ضخ الأموال في اليمن لأن أكثرها ينتهي في حسابات تخص مسؤولين يمنيين في بنوك عالمية. وكثير من الاستثمارات الخليجية في اليمن تعرضت لمشكلات بسبب غياب الأمن في كثير من مناطق اليمن. كل هذا وغيره مفهوم. لكن هذا لا يفترض أن يعمينا عن الخطر الأكبر في اليمن: إيران. فمثلما زرعت إيران فتنة في شمال اليمن فإنها اليوم تزرع فتنة جديدة في جنوبه.

القيادة في إيران تدرك اليوم أن أيامها في سوريا معدودة. ووجودها القديم في لبنان سيتحول وبالاً عليها بمجرد سقوط بشار الأسد القريب. لهذا وجدت في اليمن ضالتها. فاليمن اليوم في أضعف حالاته. طبيعي جداً أن تستغل إيران الفرصة بزرع فتن جديدة على حدود السعودية.

قلنا كثيراً إن اليمن عمق أمني واستراتيجي مهم لدول مجلس التعاون الخليجي. ومازالت الفرصة مواتية للاستثمار في اليمن سياسياً وتنموياً. بل إن من المصلحة القومية لدول الخليج أن ينضم اليمن اليوم وليس غداً لمنظومة دول مجلس التعاون الخليجي. وإذا كانت لإيران فرصة واحدة في اليمن فإن لدول مجلس التعاون ألف فرصة للاستثمار الذكي في اليمن.

في اليمن اليوم مئات الأصوات التي تقدم التنمية على الألاعيب السياسية التي أهدر بسببها علي عبدالله صالح الوقت وفرص التنمية. وقبل الفرصة السياسية في اليمن هناك المسؤولية الأخلاقية تجاه أهلنا الكرام في اليمن. سيكون خطأ قاتلاً إن تركنا إيران تجول وتصول وحيدة في اليمن لتشكل المشهد القادم من جنوب اليمن إلى شماله.

فإن كانت «قم» قد استثمرت في «الحوثي» مبكراً فمازالت الفرص متاحة لدول الخليج أن تستثمر الاستثمار الصواب في اليمن، تنموياً وسياسياً. وما مؤتمر المانحين في الرياض إلا خطوة واحدة لكنها في الطريق الصواب!

نشرت هذه المادة في صحيفة الشرق المطبوعة العدد رقم (٢٧٧) صفحة (٢٨) بتاريخ (٠٦-٠٩-٢٠١٢)