سامي الريامي
سامي الريامي
رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم

انتشار الفئة الأولى وانحسار الثانية!

آراء

المواطن له الأولوية في التوظيف، وله الأولوية في الترقية والتدرج في المناصب والوصول إلى أعلاها، فهو الاستثمار الحقيقي للدولة، وعليه يقع رهان المستقبل، والحكومة تبذل قصارى جهدها في تأهيل المواطنين لدخول سوق العمل، منذ لحظة دخولهم المدرسة، وجلوسهم على مقاعد الدراسة.

تتولى الدولة تأهيل الشباب، وتعمل جاهدة على إيجاد وخلق الفرص والوظائف لهم، كما تعمل جاهدة على وضع القوانين المحفزة لانطلاقهم إلى الأعلى بسرعة وكفاءة، وهذا دون شك يتطلب مسؤولية من الشباب أنفسهم، فتطوير القدرات وتأهيل الكفاءات من قبل الدولة، يجب أن يقابلهما عطاء والتزام وجهد وإخلاص من الشباب أيضاً.

المواطنة مسؤولية والتزام، والموظف المواطن يجب أن يعمل أكثر وأفضل من غيره، وعليه أن يبذل جهداً مضاعفاً، فهو يعمل من أجل خدمة وطنه ومجتمعه أولاً وقبل أي شيء، لا من أجل الراتب والمزايا فقط، عليه أن يدرك أن جهده وكفاءته وعطاءه وإخلاصه في العمل، هي السبيل لتطوره وتقدمه في وظيفته، لا جنسيته، وعليه أن يدرك أن تصرفاته، والتزامه من عدمه، هما محط انتباه الآخرين، فعليه أن يكون مثالاً وقدوة لجميع العاملين في محيط العمل من الجنسيات الأخرى، فنشاطه وإخلاصه وعمله، هي المحفز لنشاط الآخرين، وتقاعسه وكسله قد يكونان سبباً لتقاعس الآخرين أيضاً.

المجتهد والمخلص سَيَلقيان نصيبهما من التقدير والتكريم والترقية، عاجلاً أم آجلاً، قد تعيق ذلك بعض قوانين الموارد البشرية، لكنها عوائق مؤقتة لا تدوم طويلاً، واستمرار الإنتاج بروح معنوية مرتفعة لاشك أنه سيسهم إيجاباً في اقتراب لحظات التقدير، أما التراخي والسلبية وقلة الإنتاج، تحت حجة «المواطن لا تُنهى خدماته»، فهي أمر غير مقبول وغير صحيح أيضاً، فالمواطن الخامل السلبي غير المنتج يُعطى كثيراً من الفرص، لكن النهاية حتماً ستكون إنهاء الخدمات، في حالة الاستمرار في عدم الإنتاج، والتحول إلى عنصر سلبي خامل!

هناك نماذج مشرفة جداً من أبناء وبنات الإمارات، وهي الفئة الغالبة في معظم الجهات والمؤسسات الحكومية وشبه الحكومية، وحتى الخاصة، مجموعات متميزة للغاية، تتحلى بالثقافة والعلم والتهذيب، وبمستوى عالٍ من التعليم والكفاءة، والأهم من ذلك حالة الإيجابية والسعادة التي يمرون بها، جراء غزارة إنتاجهم وجهدهم وعطائهم، لا ينظرون إلى ساعاتهم، ولا يعملون من أجل الوقت، بل يسخّرون الوقت لإنجاز العمل على أكمل وجه، نماذج تتحلى بالمسؤولية الوطنية، لأنها تضع اسم الإمارات في مقدمة اعتباراتها، تخدم الدولة وتمثلها في مكاتب العمل أفضل تمثيل.

ومن دون شك هناك النموذج المعاكس، وهم أقلية، ذلك النموذج الذي يحب الأخذ ولا يحب العطاء، يعتقد أن المواطنة هي مكاسب وامتيازات خالية من أي جهد وتعب، أمثال هؤلاء يسيئون إلى بلدهم ومجتمعهم، ويسيئون إلى أنفسهم، بعد أن أساؤوا فهم المعنى الحقيقي للمواطنة الإيجابية!

وبشكل عام يعتمد تطور الدولة وتقدمها على مدى انتشار الفئة الأولى وانحسار الفئة الثانية، ولذلك فالإمارات دولة متقدمة، تنمو بسرعة، وتتطور بسرعة، لأن النماذج المشرّفة فيها من المواطنين الإيجابيين السعداء في مواقع عملهم هم أكثر بكثير ممن سواهم.

المصدر: الإمارات اليوم