أيمن العريشي
أيمن العريشي
كاتب وأكاديمي سعودي

انستقرام مول

آراء

تحول انستقرام من تطبيقٍ لعرض ومشاركة الصور عبر الأجهزة الذكية إلى مركزٍ تجاري افتراضي حديث. وجدَت حواء نفسها أخيراً في بيئة عملٍ مريحة لطالما حلمت بها. بيئةٌ تكفيها عناء ومشقة الإجراءات البيروقراطية والشروط التعجيزية وعقبات التمويل قبل أن تبدأ في تنفيذ مشروعها الصغير. ولمن لا يعلم فانستقرام اليوم عبارة عن منطقة تجارة حرة وسوق مفتوحة بكل ما تحلمه هذه المصطلحات من معنى. إنه اتجاهٌ جديدٌ آخذٌ في التنامي بين أوساط المجتمعات النسائية خصوصاً. والعجيب في الأمر أن سيدات الأعمال الانستقراميات يحظين بثقة المستهلك ، حيث يحضر انستقرام في الأحاديث النسائية كماركة مسجلة. تتباهى إحداهن أمام الأخريات بأنها طلبت سلعة معينة عبر التطبيق الذكي. لقد فتح انستقرام آفاقاً جديدة للمستثمرات الجدد في مجالات الأزياء والموضة و المكياج والمستلزمات النسائية ومستلزمات الأطفال وغيرها الكثير، وتحضير  المأكولات والحلويات و تجهيز الولائم و المناسبات. شخصياً كنت قد وقفت على تجربتين لمتاجر انستقرامية . التجربة الأولى لأبٍ وأمٍ سافرا خصيصاً إلى الصين لانتقاء بضائع لا تتوافر في السوق المحلية وعهدا بالبضاعة لبناتهن كي يتولين إدارة المتجر تسويقاً و وتواصلاً مع الزبائن و تلبيةً لطلبات التوصيل عبر شركات الشحن الجوي والبريد. التجربة الثانية لموظفة في حقل طبي دقيق. لكنها أعادت إحياء هوايتها القديمة في تصميم الأزياء لتصقلها وتجعل منها علامة تجارية تخصها  وتحمل بصمتها. ويضاهي دخلها اليوم من مشروعها الانستقرامي راتبها الوظيفي!

ما اللافت في الأمر ؟

أن فتيات المجتمع ونساءه يشددن من أزر بعضهن في عالم الأعمال. فمن تتقن تصميم الازياء قد  تستعين بفتاة أخرى تتقن فن التصوير الفوتوغرافي كي تساعدها في إبراز أزياءها وعرضها لجمهور المتابعات في أبهى حلة! وقد تستعين أيضاً بصاحبة المكياج كي تضع الميك أب للفتاة “الموديل” التي سترتدي الأزياء المعروضة و هي الأخرى لها حسابها الانستقرامي الخاص لعرض خدماتها . ناهيك عن جحافل السائقين الذين وجدوا باب رزقٍ جديد فُتح لهم من خلال توصيل الطلبات بسياراتهم الخاصة. وهكذا فإننا أمام ظاهرةٍ جديدة! ظاهرةٌ قد تقلب موازين السوق وتغير ولو نسبياً من مؤشرات البطالة وتخلقُ واقعاً اقتصادياً واجتماعياً جديداً محوره انستقرام! يستحق هذا الواقع الجديد تسليط الضوء عليه و وضعه في الحسبان عند إجراء أي مسوحات أو دراسات اقتصادية جديدة. إنها تجارب جديرة بالتشجيع والدعم. إنها قدراتٌ نسائية تستحق أن تُحترم وتُحتذى.

خاص لـ “الهتلان بوست”