سامي الريامي
سامي الريامي
رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم

بعيداً عن «تويتر».. ماذا يحدث في جامعة الإمارات؟

آراء

عندما يرفض مسؤول بحجم الرئيس الأعلى لجامعة الإمارات الرد على تساؤلات الصحافة حول «التطوير» الذي يسعى لتطبيقه في الجامعة، فهذا أمر غريب ومحيّر، وعندما يكون الرفض مشحوناً بغضب وانفعال من الاتصال، بل مطالبة الصحافي بعدم نشر أي كلمة، وعدم الاتصال به مباشرة، والرجوع إلى إدارة الجامعة، فإن الاستغراب هنا يقفز إلى استنكار هذا التصرف من شخص يفترض أنه يمثل أعلى سلطة تنفيذية في صرح تربوي وتعليمي مهم!

لا علاقة لنا بما يثار في «تويتر»، والصحافة ليست معنية بأن تناقش كل ما يثار هناك، ولكن من دون شك، فإنها معنية بمعرفة حقيقة ما يحدث في جامعة عريقة ومهمة، هي أم الجامعات في الإمارات من دون منازع، والصحافة معنية بنشر وإيضاح المعلومات التي تسببت في قلق كثير من أولياء الأمور والطلبة والأكاديميين على حد سواء، بل هذا هو دور الصحافة المفروض عليها قانوناً، فهي معنية بمتابعة كل ما يهم أفراد المجتمع بأطيافه كافة، لذا فالتهرب من الصحافة، أو التعالي عليها، وعلى من يعمل فيها، ومحاولة التدخل في عملها من خلال ممارسة دور الرقيب العليم بما ينشر وما لا ينشر، أمر يدل على أمر واحد فقط، هو أن ذلك المسؤول، أو تلك الجهة، لديه ما يخشى نشره وظهوره للرأي العام، ولديه ما يخفيه من أخطاء جسيمة قد يؤدي ظهورها إلى عواقب وخيمة!

لا أحد في الإمارات كلها ضد التطوير، ولا أحد يرفضه، بل هو مطلب حيوي مستمر، ومن لا يتطور ينقرض دون شك، لكنّ هناك فرقاً كبيراً بين التطوير والتغيير، ومن البدهي أن يشتمل كل تطوير على تغيير، لكن ليس بالضرورة أن يعتبر كل تغيير تطويراً، بل الأمر قد يحتمل العكس أحياناً، فيصبح التغيير تعقيداً، ورجوع خطوات للوراء، خصوصاً إن كان الهدف منه هو التغيير المجرد فقط دون حاجة ماسّة، والأسوأ عندما يقترن ذلك بدخول من لا يمتلك مؤهلات التطوير لوضع خطط التطوير، وبصراحة أكثر عندما تدخل الشركات الاستشارية الخاصة لتقود هذا التغيير، هنا نشكك في إمكانية نجاحها، ليس لأنها غير فاعلة فقط، بل لأن التجارب السابقة علمتنا ذلك وبشدة!

بعيداً عن «تويتر» مرة أخرى، وبعيداً عن موقف رئيس الجامعة الغريب والمستهجن من الصحافة، وباختصار شديد، فإن المشكلة في جامعة الإمارات بدأت بتشكيل لجنة «تحول»، تعمل على إعادة هيكلتها وتغييرها بشكل كامل، وهذا أمر جيد لا خلاف عليه، ولكن المشكلة كانت في اختيار عناصر هذه اللجنة، فهم، كما يرى أغلب المجتمع الجامعي، غير مؤهلين لإدارة برنامج كبير مثل تحول جامعة الإمارات، فاللجنة تتكون من أعضاء وافدين بنسبة كبيرة، ويترأسها وافد منتدب من خارج الجامعة، وحتى أعضاء اللجنة المواطنون خبرتهم بسيطة جداً، في حين تم تهميش الخبرات الأكاديمية بشكل واضح جداً، خصوصاً الدكاترة أعضاء الهيئة التدريسية من المواطنين، وتالياً استعانت هذه اللجنة بشركة خارجية لإدارة عملية التحول، والغريب أن هذه الشركة نفسها أدارت مشروعاً شبيهاً في جهة أكاديمية أخرى، وكانت نتائجه فاشلة!

إضافة إلى ذلك، تتم حالياً دراسة رفع شروط القبول في الجامعة، علماً بأنه تم رفعها السنة الماضية إلى 80%، ما تسبب في تقليل أعداد الطلبة المقبولين في الجامعة من المواطنين بنسب كبيرة جداً، لأن عدد الطلبة المقبولين تناقص إلى النصف تقريباً، مقارنة بالعام الذي سبقه، ما الذي تتوقعه الجامعة لو تم رفع الشروط مرة أخرى؟ هل فكر أحد في أعداد الطلاب الذين لن يستطيعوا الالتحاق بالجامعة؟ أين سيذهبون؟ وأين سيدرسون؟!

جامعة الإمارات صرح تعليمي حيوي ومهم، وهي مصنفة من ضمن أفضل 500 جامعة على مستوى العالم، ولا نحتاج إلى أن نذكّر من يريد تغييرها بالكامل، بأسماء خريجيها، فهم باختصار كبار المسؤولين في الدولة حالياً، فهل يعني ذلك أن نظامها التعليمي كان سيئاً؟!

المصدر: الإمارات اليوم