«ثورة زراعية» في صحراء دبي

أخبار

في قيظ شهر أغسطس في صحراء دبي، تنمو نباتات خضراء وسط مزرعة ذكية في مشهد غير معتاد، بينما تسعى دبي لتعزيز أمنها الغذائي من خلال التركيز على إنتاجها الذاتي، خصوصاً بعد الإغلاق الناجم عن تفشي فيروس كورونا المستجد.

ومع الإجراءات المتخذة في مختلف الدول لمكافحة انتشار وباء «كوفيد-19» وتأثيرها على سلاسل الإمدادات حول العالم، ينظر كثيرون إلى إمكانية زيادة دور المزارع المحلية في تزويد السوق باحتياجاتها.

وتنمو في مزرعة «البادية» وسط دبي نباتات ورقية بينها أنواع مختلفة من الخس والكرنب والريحان بشكل عمودي تحت أشعة وردية اللون باستخدام تقنية الزراعة المائية الرأسية ودون الحاجة إلى أشعة الشمس أو الكثير من المياه.

ويؤكد مدير المزرعة باسل جمال أن المشروع يشكل «ثورة زراعية في قلب الصحراء»، مؤكداً «نقوم بالانتاج صيفاً وشتاء بشكل متواصل». ويقول جمال «نمنح النبتة كمية الإضاءة والرطوبة التي تحتاجها والحرارة والمياه»، مازحاً «مثل فندق خمس نجوم».

ويشير إلى أنه في دبي «لدينا ستة أشهر في السنة من الصعب جداً فيها الزراعة خارجاً»، موضحاً «يجب أن يكون كل شيء قابلاً للتحكم».

وتقوم المزرعة بإعادة تدوير 90% من المياه التي تستخدمها، وتنتج مئات الكيلوغرامات سنوياً بهدف تغطية احتياجات السوق المحلية. ويؤكد جمال أن هذا «مستقبل الزراعة»، مضيفاً «لا نرغب في أن نعتمد على الاستيراد. نرغب في أن يكون لدينا إنتاج محلي على مدار العام بغض النظر عن التغيير المناخي أو الطقس أو الأمطار أو الجفاف». ومزرعة «البادية» واحدة من مزارع عدة في دبي تسعى إلى تعزيز الانتاج الزراعي الذاتي.

وفي دبي أيضاً يقوم عبداللطيف البنا بزراعة الأناناس باستخدام تقنية الزراعة المائية داخل أربعة بيوت بلاستيكية في مزرعته في منطقة العوير، ويبيع البنا محصوله من الأناناس الذي يصل إلى أربعة آلاف حبة أناناس سنوياً عبر الإنترنت.

وإضافة إلى الأناناس، يقوم البنا بزراعة أنواع مختلفة من الفاكهة والخضار وحتى القمح في أشهر السنة الأقل حراً، لإنتاج ما يكفيه هو وأسرته، ويعرب عن أمله في أن يقوم آخرون بالأمر ذاته.

والزراعة الذكية واحدة من مبادرات عدة ظهرت في الإمارة في السنوات الأخيرة لتعزيز الإنتاج المحلي، ومنها إقامة مزارع لسمك السلمون وتطوير الإنتاج الذاتي من الألبان ومشتقات الحليب في مزارع محلية.

خفض الاعتماد الخارجي

تسعى دولة الإمارات إلى زيادة الإنتاج المحلي للتقليل من اعتمادها على الخارج، وتقدّم تصنيف الإمارات على مؤشر الأمن الغذائي العالمي 10 مراكز في عام 2019 لتحتل المركز العاشر عالمياً.

وهناك توجه للتركيز على أسلوب الزراعة الذكية لتجاوز التحديات التي تواجه الزراعة في البلاد.

ووضعت دبي خطة لزيادة الطاقة الإنتاجية المحلية للموارد الغذائية بنسبة 15% عام 2021، بحسب رئيس لجنة الأمن الغذائي في إمارة دبي عمر بوشهاب.

وقال بوشهاب إنه سيتم أيضاً «تعزيز تمكين التكنولوجيا واستخدامها في الإنتاج الغذائي بنسبة 30% للعام نفسه». ويؤكد بوشهاب أن دبي «ستحرص على توفير مخزون استراتيجي لمعدل ثلاثة إلى ستة أشهر لـ21 منتجاً أساسياً».

ويقول إنه «سيتم تمكين التكنولوجيا والتغلب على الظروف المناخية القاسية في إمارة دبي بنسبة 30% بتعزيز الإنتاج الزراعي»، مؤكداً وجود «بوادر قامت بها الإمارة لتعزيز الانتاج المحلي للمزارعين».

إعادة تصدير

بفضل اقتصادها الأكثر تنوعاً بين دول الخليج والشرق الأوسط، وبنيتها التحتية الحديثة، أصبحت دبي في السنوات الأخيرة محطة مهمة للنقل الجوي ومركزاً مالياً ووجهة سياحية، وهي تعتمد بشكل كبير على التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي.

ومع حلول أزمة فيروس كورونا المستجد، لم تفرغ رفوف المحال التجارية من بضائع مختلفة، من بينها الخضار والفاكهة، حتى إن دبي قامت في ظل تدابير الإغلاق بإعادة تصدير بعض الخضار والفاكهة إلى دول في الخليج والمنطقة.

وفي سوق الخضار والفواكه «فرش ماركت» في الإمارة، ينكبّ عاملون على تخزين آلاف الأطنان من أنواع مختلفة من الفاكهة المستوردة قبل توزيعها.

ويقول الرئيس التنفيذي لـ«فرش ماركت» رضا المنصوري: «دبي تملك بنية تحتية ومخزوناً»، مضيفاً «لدينا مخزون استراتيجي يكفي دولة الإمارات وحتى الدول المجاورة».

قامت دبي في ظل تدابير الإغلاق بإعادة تصدير الخضار والفاكهة إلى دول في الخليج والمنطقة.

مزرعة «البادية» تنتج نباتات ورقية بينها أنواع مختلفة من الخس والكرنب والريحان.

المصدر: الإمارات اليوم