مازن العليوي
مازن العليوي
كاتب سوري في صحيفة الرؤية الإماراتية، ويعمل حاليا في مجال إعداد البرامج الحوارية الفضائية ، رئيس قسمي الثقافة والرأي في صحيفة "الوطن" السعودية اعتبارا من عام 2001 ولغاية 2010 ، عضو اتحاد الكتاب العرب (جمعية الشعر)، واتحاد الصحفيين العرب، بكالوريوس في الهندسة الكهربائية والإلكترونية، وبكالوريوس في اللغة العربية وآدابها، لديه 3 مجموعات شعرية مطبوعة

“جاروش” رأس السنة

آراء

لغاية اللحظة لا أستطيع التمييز بين صوت “المطرب” الشهير إياه وبين “الجاروشة”. والجاروش أو الجاروشة رحى لطحن القمح والحبوب وجرشه، ويصدر عنه صوت غليظ مزعج يشبه إلى حد كبير صوت ذلك المغني الذي يصر البعض على أن يسموه مطربا، والبون شاسع بينه وبين الطرب مهما تعصّر واحمرّ واصفرّ وتنفخت أوداجه وادّعى الاندماج.

وضع صاحبنا يؤكد أن الغناء يكاد يصبح مهنة من لا مهنة له، ويشير أيضا إلى التردي في الغناء العربي وهبوط سوية الذائقة الجمعية، ولو نظرنا إلى الأجيال الغنائية التي ظهرت في العقود الأخيرة، لما وجدنا بينها من أثبت الجدارة لدخول تاريخ الفن العربي كالأصوات القديمة مما قبل سيد درويش وصولا إلى جيل عبدالحليم، مع وجود استثناءات تعد على أصابع اليد مثل: صباح فخري وطلال مداح ووديع الصافي وغيرهم، وإن كان هؤلاء أيضا مجايلين لمرحلة عبدالحليم.

في السابق، لم يكن يصل سوى الأجدر والمتمكن موسيقيا والعارف بأسرار الموسيقى والمقامات، غير أن الحال تغير ليصبح كل من هبّ ودبّ يتسلق مادام الإعلام جاهزا لمساعدته، ومادامت الذائقة لم تعد تميز.

ويروى أن محمد عبدالوهاب زار حلب قبل ثمانين عاما، وفي حفله الأول فوجئ بحضور يعد على أصابع اليد، لكنه اضطر للغناء بموجب العقد، وفي نهاية الحفل أخبره الحضور من موسيقيي و”سمّيعة” حلب ـ منهم علي الدرويش وعمر البطش ـ أنه نجح في الاختبار، وفي اليوم التالي غصت القاعة بالحضور بعد أن عرف أهل حلب نتيجة الامتحان، وشتان بين تلك الأيام وزمن “الجرش”.

مناسبة الحديث عن “الجرش” أمران، ثانيهما لوحات كبيرة ملأت مساحات إعلانية في مدينة كبيرة، تدعو الجميع إلى الحجز في حفل يقام ليلة رأس السنة الميلادية تحييه بقايا أحد المغنّين، أما أولهما فهو حوار دار في منزل لمقربين، تداعى فيه الكلام حتى وصل إلى سيرة رأس السنة، وتذكرت الإعلانات والمغني الذي صار ـ لأسباب كثيرة ـ يجرش بدل أن يغني. ليصبح محورا لجدل رأى أغلب المتحدثين فيه أنه انتهى فنيا ولم يعد لديه ما يقدمه، والمستغرب وجود من يعتقدون أنه يطربهم، ولعلهم استندوا على الذاكرة وليس الواقع.

لست وحدي من يسميه “الجاروشة” فالدكتور أبيّ رويلي خلال الجلسة ترك ما كان يفعله وانبرى ليؤكد أن “الجاروشة” أفضل وصف لصوت المذكور، أما المدير السابق للمركز الثقافي بالرقة فواز الرمضان فقد رأى أن وصفه بـ”الجاروشة” يعلي من قدر صوته، ليقدم وصفا مقاربا آخر.

في بقية الحديث: بعد الأمنيات لكم بعام سعيد، يقولون عن أحدهم إنه سلطان للطرب. فإن صوته يطرب، فعلى الطرب السلام.

المصدر: الوطن أون لاين