جامعة الإمارات مشروع زايد الثقافي

آراء

إعلان مجلس أمناء مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية باختيار جامعة الإمارات العربية المتحدة لنيل جائزة الإنجاز العلمي والثقافي للدورة الخامسة عشرة 2016 ـ 2017 يأتي تتويجاً لمسيرة أربعة عقود ونيف للجامعة. فهذه الجائزة الرفيعة تمنح عادة للأشخاص أو المؤسسات التي أدت خدمات جليلة لمجتمعها وانعكست آثارها على المجتمع الإنساني بشكل عام.

وتعد جامعة الإمارات مشروع زايد الثقافي المميز، حيث حرص زايد بنفسه على متابعة إنشاء هذا الصرح العلمي منذ أن كان وليداً صغيراً إلى أن غدا صرحاً علمياً كبيراً ومشروعاً علمياً وثقافياً قومياً.

ويعكس اسم جامعة الإمارات مضمون هذا الصرح حيث جمع هذا الصرح تحت سقفه جميع أبناء الإمارات متناسين الفروقات السياسية والعرقية والاقتصادية يجمعهم هدف سامٍ واحد ألا وهو تحقيق حلم زايد بتخريج كوادر مؤهلة لتحمل على عاتقها مهمة بناء الدولة العصرية والقومية الحديثة.

إن تكريم مؤسسة العويس الثقافية لهذا الصرح الوطني في عام زايد إنما يأتي تكريماً لجهود زايد الذي حرص على إيلاء هذا الصرح منذ أنشاه كل جهوده كما حرص على نشر العلم في جميع أرجاء الدولة.

تأسست جامعة الإمارات في عام 1976 بمرسوم أصدره المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان، فقد كانت الدولة الفتية حتى ذلك الوقت تفتقر إلى مؤسسات التعليم العالي وكان كل من يطلب التعليم العالي يضطر إلى الذهاب للخارج.

وربما كان هذا الأمر سهلاً على الذكور بينما الأمر كان صعباً للغاية على الإناث. ولكن إنشاء جامعة الإمارات جاء ليفتح صفحة جديدة في تاريخ ليس فقط تطور الخدمات التعليمية ولكن في تاريخ تطور المرأة في الإمارات بشكل عام.

فقد جاء إنشاء جامعة الإمارات في مدينة العين بالتحديد ليكون صرحا حضاريا ومنارة إشعاع في المنطقة بأكملها، ودون أي تأثر بانعكاسات الحضارة المادية الحديثة وسلبياتها، حيث وفرت «العين» بيئة هادئة وسلسة للدراسين.

وقد لوحظ انعكاس هذا الأمر على المرأة فوراً. فقد كان التحاق الإناث بالجامعة ملحوظا من بداية إنشائها. لقد نجحت الجامعة في بدايات عمرها في خدمة المجتمع المحلي بشكل كبير وربما الشريحة الأكثر تأثرا بإنشاء الجامعة هي المرأة والتي تمثل اليوم أكثر من ثلثي طلبة الجامعة والدارسين بها.

فبدون وجود جامعة محلية كان الأمر سوف يكون صعبا للغاية على الإناث والتي قد تحول العادات والتقاليد من سفرهن دون مرافق إلى الخارج. كان هذا الأمر في ذهن زايد وهو يخطط لإنشاء الجامعة في مدينة العين بالتحديد، حيث يسهل على المرأة من كافة الإمارات الالتحاق بها وضمان وجودها في بيئة محافظة شبيهة بالمنزل الذي تربت فيه.

كما كان طبيعة الدراسة فيها تماثل طبيعة المجتمع المحافظ، حيث ساهم عدم الاختلاط فيها على سهولة الإقبال النسوي بل وعلى تزايد أعداد الإناث حيث تفوق على أعداد الذكور. لقد نجحت الجامعة في كسب ثقة ولاة أمور الطالبات والطالبات أنفسهن اللواتي زادت أعدادهن بشكل فاق التوقعات.

عبر عقودها الأربعة نجحت جامعة الإمارات في أن تكون الجامعة الوطنية الأولى في الدولة وأن تحافظ على هوية عربية وإسلامية وأن تكون مصدر إشعاع فكري وحضاري، حيث احتضنت المئات من الفعاليات التي ساهمت في خلق وعي حضاري وفكري في المنطقة.

كما كانت قناة وفرت لسوق العمل الإماراتي مئات من الأيدي العاملة الماهرة والمدربة في كافة التخصصات والمهن التي تحتاجها الدولة في بدايات قيام الاتحاد. وقد نجحت الجامعة خلال مسيرتها في تطوير ذاتها وفي مسايرة العصر عن طريق مراجعة برامجها وخططها التعليمية بما يتوافق مع تطور سوق العمل في الدولة.

كما نجحت في تخريج كوكبة من الدارسين أفادوا مجتمعهم وساهموا مساهمة فعالة في دفع مسيرة البناء والتنمية عبر توفير أيدٍ عاملة محلية وعربية ساهمت في رفد سوق العمل بكوادر مؤهلة. كما نجحت في أن تكون رافدا تعليميا وحضاريا في المنطقة وفي العالم.

إن تكريم جامعة الإمارات في هذا العام هو تكريم لمشروع زايد الثقافي وتكريم لإرث زايد في زرع الخير أينما حل وفي أي منطقة كان. فكما عمل زايد على غرس الخير عملت الجامعة أيضاً ليس فقط على غرس التعليم بل وفي غرس قيمة التعليم المستمر مدى الحياة في نفوس الدراسين حتى يستفيد منهم المجتمع في مكان وفي أي مهنة.

إن تكريم الجامعة اليوم هو تكريم لزايد ومشروعه الثقافي الأول الذي حرص على غرسه وريه حتى نضج وازدان عوده. فنجاح الجامعة هو فوز مستحق بامتياز.

المصدر: البيان