«حزب الله» و«داعش».. وجهان لعملة واحدة

أخبار

تتوالى حجج «حزب الله» في تبرير تدخله بسوريا، حيث يقول: إن وجوده هناك انما جاء من أجل الحفاظ على القرى اللبنانية وحماية المقامات الدينية، ومنع تمدد الإرهاب نحو لبنان وصولاً الى اعلانه المبطن أخيرا، ان مواجهته الجماعات الإرهابية من أجل الأخذ بثأر مصطفى بدر الدين، ولعل هذا ما يفسر تبرئته اسرائيل من دم قائده العسكري، بهذا الاغتيال يمكن أن يكون الحزب قد نسج الرواية الاخيرة لعنوان معركته الحقيقية، التي بدأت في العام 2012 ضد الجماعات الارهابية. ويعتبر وضوح صورة الحزب لدى الرأي العام بخصوص سلوكياته منذ اعلان أمينه العام حسن نصرالله تدخله في سوريا في العام 2012، جعله يرى الوجهة الحقيقية لـ«حزب الله»، وبأنه جماعة مأجورة لأوامر إيران، وبأن إرهاب الحزب و«داعش» انما خرجا من رحم واحد، فما هي حقيقة الحزب وأهدافه وأطماعه، وما الذي يميّزه عن باقي الجماعات الإرهابية، وهل بالفعل كشفت أسباب تدخله في سوريا أم أن هنالك فصولاً جديدة لم تظهر بعد؟.

لا مواجهة مع «داعش» و«النصرة»

وأوضح الكاتب والمحلل السياسي فادي عاكوم في تصريح لـ«اليوم» ان «حزب الله لم يدخل في مواجهات مباشرة مع الجماعات الارهابية كتنظيمي «داعش» و «النصرة» خلال المعارك الجارية في سوريا منذ العام 2011، مع التذكير بأن الحزب شارك في الحرب السورية منذ بدايتها في العام 2011 وليس في العام 2013 كما يدعي امينه العام، ففي كتابي «حزب الله وسياسة المتعة… من الارهاب الى الارهاب»، اوردت العديد من اسماء عناصر الحزب الذين قتلوا في سوريا في عامي 2011 و2012 وبداية العام 2013، وهو ما يؤكد دخوله الحرب بشكل سريع للحفاظ على المصالح الايرانية في المنطقة، أما التنظيمات الارهابية، وبعد انتشارها العلني في سوريا فقد شكلت طوق النجاة المؤقت للحزب، واعطته الذريعة المناسبة، علما بأن الحزب وحسب مسار الاحداث في سوريا لم يدخل في مواجهات حقيقية مع التنظيمات المتطرفة كداعش والنصرة الا مؤخرا بعد تقلص خطوط المواجهة، فبقاء هذه التنظيمات يؤمن بقاء الحزب في سوريا ومعه ايران، ويعود سبب دخوله الى سوريا للمربع الأول وهو الحفاظ على النفوذ الايراني في المنطقة، فمن المعلوم ان سقوط الأسد يعني سقوط «حزب الله» ومعه سوف يتبخر الحلم الايراني في المنطقة، وطالما أن هذه الجماعات موجودة في الاراضي السورية، فإن الأسد موجود ومعه الحزب، وبالتالي فإن إيران تستغل هذه الأوضاع لتتمترس سياسيا وتحاول الحصول على اقصى قدر من المكاسب».

«ولاية الفقيه» جعلته الأول في التبعية

ويرى عاكوم أن «حزب الله لا يحتاج الى تبديل أهدافه والخرائط ليؤكد انه مجرد خلية ارهابية مأجورة، فالحزب ومنذ تأسيسه اعلنها صراحة انه يتبع بشكل كامل وتام لولاية الفقيه التي تسيطر على السياسة الإيرانية، وهذه هي الجهة التي تقوم بتحريك الأذرع في المنطقة، والتي هي مجرد فروع للحرس الثوري الإيراني، واستطاع «حزب الله» اللبناني وفقا لهذا الوضع أن يحتل المركز الأول بين هذه الاذرع، نظرا للولاء التام الذي ابداه عناصره الذين تتلمذوا وتربوا على أيدي الرعيل الأول من الإيرانيين الجدد، أو ملالي إيران الذين وصلوا الى السلطة بعد انتصار ثورة الخميني في العام 1979»، لافتاً الى أن «عملية اعداد الكوادر اللبنانيين، خصوصا رجال الدين الشيعة بدأت منذ اواخر العام 1969 في الحوزات العلمية في العراق وبعدها في مدينة قم الإيرانية، حتى ان بعضهم تتلمذ على يد الخميني شخصياً، وفي الفترة التي اصبح نشاط «حزب الله» علنيا بعد اعلان بيانه الشهير في العام 1985 قام الحزب بالعديد من العمليات التي تصنف ارهابية، خصوصا انها كانت تتم على طريقة المافيا العالمية، فهو نفذ العديد من عمليات الخطف مقابل الفدية، لتصب الأموال المتحصلة في خزائن طهران، كما تصل الأسلحة الى أيدي الحرس الثوري والجيش الايراني على وجه الخصوص وذلك في فترة الحرب العراقية ـ الإيرانية، كما أن التبعية المطلقة لإيران تجعل من الحزب وبشكل فعلي مجرد جماعة مسلحة إرهابية مأجورة، لا تحتكم على قرارها الخاص، بل تتبع بالكامل لطهران».

أوجه الشبه بين «داعش» و«حزب الله»

ويقول الأستاذ فادي عاكوم انه «قد يبدو للوهلة الأولى أنه من المستحيل أن تجري مقارنة بين «حزب الله» و«داعش»، بل قد يرى البعض أنه من غير الممكن أو المنصف القيام بمقارنة بين الطرفين، إلا أنه وبعد التدقيق في الوقائع الخاصة بكلا التنظيمين سيتضح بشكل جلي أن المقارنة بينهما ستثبت أوجه الشبه بين التنظيمين، وإن اختلفت طريقة التنفيذ أحياناً تبعاً للمنطقة أو البلد الذي يتم فيه تنفيذ المخطط المعني، ويدلل على ذلك بقوله: «بداية فإن كلا التنظيمين يتخذان من الدين الإسلامي حُجة وستاراً له لتنفيذ مآربه السياسية والتوسعية، كما أن استغلال القواعد الشعبية متشابه إلى حد كبير بينهما، بالإضافة إلى تشابههما في عمليات الاستقطاب والتجنيد واستخدام الإعلام، بالإضافة لاعتمادهما على كل أنواع التجارة لتحصيل الأموال الكافية والداعمة لاستمراره. ويضيف عاكوم: «في كتاب «حزب الله وسياسة المتعة» افردت فصلا خاصا بهذه المقارنة، وقد اثبت من خلاله ان التنظيمين ربما خرجا من رحم واحد، بسبب دقة التشابه في التفاصيل الكثيرة المشتركة بينهما، على سبيل المثال فإن تنظيم داعش يرفض التعامل معه ومع أمرائه كتنظيم عادي أو ميليشيا، ويفرض التعامل كأنه دولة المسلمين أو دولة الخلافة، وفي الوقت نفسه يرفض مسؤولو وعناصر ومناصرو تنظيم «حزب الله» الإشارة إليه وكأنه تنظيم سياسي أو عسكري عادي، بل تراهم يروجون للفظ «المقاومة الإسلامية» لإضافة هالة من القدسية على الحزب، ويعتبر هذا الأمر من المقدسات التي زرعها التنظيم في نفوس أتباعه، وبالمقابل ترى أن عناصر تنظيم داعش ومناصريه ينشرون فكرة عدم جواز مناقشة أو الاعتراض على قرارات التنظيم، باعتباره «دولة الخلافة الإسلامية»، وبالتالي فإن كل مَنْ يقوم بهذه الأمور يعتبر مرتداً عندهم، وتعتبر قرارات وسياسات حزب الله من الخطوط الحمراء الممنوع تجاوزها لأي سبب كان، كونها صادرة عن المرجعيات العليا الممثلة للولي الفقيه، أو صادرة عنه شخصيًّا، كما يعتبر أمير تنظيم داعش نفسه أميراً للمسلمين و«الخليفة» المُنحدر من سلالة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وبالتالي فإن هذه الصفات تجعل منه إنساناً وجبت له الطاعة العمياء، وعلى جانب «حزب الله» أيضا، يعتبر «الولي الفقيه» أو ممثله الشرعي في البلدان التي يوجد بها «حزب الله» من سلالة الإمام علي رضي الله عنه، وبالتالي فإن طاعته واجبة ومُلزمة لكل أبناء الطائفة الشِّيعية. كما قام داعش بنبش مسألة الخلافة الإسلامية ليتخذها ذريعة لوجوده وضمانا له في مواجهة باقي التيارات الإسلامية، بينما قام حزب الله بنبش مسألة ولاية الفقيه، وأعاد إحياءها لتكون المرجع الأساسي وضمانًا شرعيًّا لوجوده».

الجماعات الإرهابية لا تشكل خطراً على الأسد

وشدد المحلل السياسي في حديثه على أن «حقيقة دخول «حزب الله» الى سوريا لم تتبدل منذ اللحظة الأولى منذ انتفاضة الشعب السوري، وربما وقع البعض من الجماهير العربية بفخ الآلة الاعلامية التي روجت للأكاذيب التي جعلت من هذا الدخول دخولا «مقدساً»، فتبديل النظام الحاكم في دمشق سيحمل معه تغييراً لقواعد اللعبة السياسية في المنطقة بأكملها، وبالتالي فإن سقوط النظام السوري الحالي يعتبر خطا احمر بالنسبة لإيران، وهذا بالضبط ما سعى ويسعى إليه «حزب الله» بكل وضوح»، ويختم عاكوم إفادته بالقول: «لا أعتقد ان الجماعات الإرهابية تشكل خطراً على بقاء الأسد في الوقت الحالي، فهذه الجماعات لو كانت تريد فعلاً اسقاط النظام السوري، لكانت قد أسقطته في الفترة السابقة، حيث كان يعاني ضعفا كبيرا سواء كان على الصعيد العسكري أو السياسي، وكان بإمكان هذه الجماعات أن تدخل دمشق ذاتها ومعها منطقة الساحل، إلا أنها لم تفعل، اما الآن وبعد التدخلين الإيراني والروسي المباشرين الداعمين للنظام، فبات وجود هذه الجماعات الإرهابية مجرد وجود لتقاسم كعكة الأراضي والثروات والنفوذ لا أكثر».

المصدر: اليوم