حياة كريمة لكافة أفراد المجتمع

آراء

نعيش اليوم في عالم تتسارع فيه المتغيرات، وتتسابق فيه الأحداث من حولنا، وما تشهده منطقتنا من أحداث محورية، سواء على المستوى الاقتصادي أو السياسي، يجعلنا أكثر إصراراً على أن نقوم بمبادرات اجتماعية خلّاقة، تحقق حياة كريمة ومستوى معيشة لائقاً لكل فرد من أفراد المجتمع، وتعزز تماسك الأسر باعتبارها نواة المجتمع، وتخلق مجتمعاً نشطاً ومسؤولًا، يحتضن جميع أبنائه، ويمد يد الدعم للجميع.

وعند التحدث عن الحياة الكريمة، فإن دولة الإمارات العربية المتحدة تأتي في الصدارة، منافسة كثيراً من دول العام المتقدم، بخدماتها التي تقدمها لمواطنيها ومن يعيش على أرضها؛ فهي اليوم تعتبر مثالاً يُحتذى به، ليس في توفير سبل العيش الكريم فحسب، وإنما تتعدى ذلك لتصل إلى تحقيق أعلى نسب الرفاهية الاجتماعية لمواطنيها والمقيمين عليها كافة. ذلك كله، أتى من الإيمان العميق بأهمية التنمية الاجتماعية، باعتبارها أحد العناصر الرئيسية للاستثمار في الإنسان، كونه الثروة الحقيقية للبلاد.

ولقد جسّد الوالد المؤسس المغفور له بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، اهتمام الدولة بتنمية الإنسان وتطويره، فقال رحمه الله: “إن التقدم والنهضة لا تقاس ببنايات من الإسمنت والحديد، وإنما ببناء الإنسان، وكل ما يسعد المواطن ويوفر له الحياة الكريمة”.

وتؤكد لنا هذه المقولة، ضرورة مواصلة العمل على تحقيق الازدهار ونمو المجتمعات، وذلك انطلاقاً من قيمنا الإنسانية النبيلة المتمثلة في: الاحترام، والمصداقية، والتعاطف، والمسؤولية، وشغف العطاء، والإحسان، والتي تشكّل نبراساً نهتدي به فيطريق التنمية الاجتماعية المستدامة.

لقد آمنت قيادتنا الرشيدة في ظل الرؤية السديدة لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة – حفظه الله – والتوجيهات الحثيثة والدائمة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بأن تنمية المجتمع هي السبيل الأمثل لتمكين كافة الأفراد من أداء دورهم بفاعلية وإيجابية اتجاه مجتمعهم ووطنهم، وخلق اقتصاد مرن ومستدام قائم على المعرفة والابتكار، والمحافظة على المكتسبات الوطنية المتحققة، ما يسهم في تعزيز مكانة الدولة في الساحتين الإقليمية والعالمية.

إننا نؤمن بأن تنمية المجتمع هي مسؤولية مشتركة بين الجميع على المستوى الحكومي والخاص، وأيضا على مستوى القطاع الثالث. فالمجتمع بشرائحه ومستوياته كافة يضطلعبدور، وإن كان بأشكال متفاوتة، في العملية التنموية، والكل شريك في السعي نحو الارتقاء بمنظومة القطاع الاجتماعي في إمارة أبوظبي، وتعزيز ريادتها في ميادين العمل كافة، بما يحقق لنا رؤيتنا المتمثلة في “توفير حياة كريمة لكافة أفراد المجتمع” بغض النظر عن الدين أو الجنس أو العرق أو الثقافة.

كما نعمل على تحقيق أهداف “محور تنمية المجتمع” في برنامج أبوظبي للمسرعات التنموية “غداً 21” والذي أطلقه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان العام الفائت، والذي يتمحور حول توظيف المواطنين، وإطلاق المشروعات الإسكانية، وتوفير التعليم الجيد بتكلفة معقولة، وإنشاء هيئة الدعم الاجتماعي، وغيرها من المبادرات، فنحن نسعى على أصعدة مختلفة لتحقيق مزيد من الاستقرار والرفاه الاجتماعي الذي يمكّن الإنسان ويجعله أكثر صحة وسعادة، وفي الوقت نفسه،يجعل أبوظبي وجهة مثالية للعيش.

فضلاً عن ذلك، ومن خلال اطلاعنا على التجارب العالمية، فقد ارتأينا ضرورة اعتماد المنهج الشمولي المتكامل، الذي يركز على تقديم الخدمة والرعاية للفئات الأضعف في المجتمع، وتعزيز دمج أصحاب الهمم، ورعاية كبار المواطنين، وتوفير سبل العيش الكريم للمواطنين، إضافة إلى خلق منظومة تشجع العمل التطوعي وترسي أسس المشاركة المجتمعية. ونحن نسير الآن بِخُطىً ثابتة بهدف تحقيقها، من خلال برامج متنوعة تم تصميمها بعناية فائقة، وعلى أيدي مواردنا البشرية المتخصصة في هذه المجالات.

ومن الجدير بالذكر هنا، أن نبينمدى حرصنا في هذا العمل على إشراك أفراد المجتمع في كافة خططنا، باعتبارهم شريكاً أساسياً في النهضة التنموية الشاملة في إمارة أبوظبي، وذلك من خلال إطلاق الدورة الثانية من استبانة جودة الحياة في إمارة أبوظبي 2019،والتي شملت 14 مؤشراً اجتماعياً حيوياً، وشارك فيه أكثر من 51 ألفاً من سكان إمارة أبوظبي.

ولم نقف عند هذا الحد، فقد عملنا على تمكين المؤسسات، وتعزيز دورها في خدمة المجتمع، والمساهمة في التغلب على التحديات الاجتماعية كافة.وبعد التجربة الوطنية الناجحة في إشراك القطاع الخاص في ميادين العمل الحكومي، وجعله شريكاً استراتيجياً في كافة المشاريع التنموية، قمنا بخلق سياسات تمكّن القطاع الثالث وترسّخ مكانته بوصفه واحدًا من القطاعات التنموية في أبوظبي، ليعمل جنباً إلى جنب مع باقي المنظومة المؤسسية لخلق بيئة تحفّز المستثمرين ورجال الأعمال ومؤسسات المجتمع المدني، ما يسهم في خلق بيئة اقتصادية استثمارية تنافسية، تخدم المجتمع، وتصب في الناتج المحلي الإجمالي لإمارة أبوظبي.

إن هدفنا وضع الأطر المنظمة والسياسات الداعمة لتنظيم عمل القطاع الثالث بكافة أشكاله من المنظمات والمؤسسات والجمعيات الأهلية وغير الربحية، كما ونعمل على تنظيم دور العبادة في إمارة أبوظبي، وهي خطوة تجسّد عالمية المجتمع الإماراتي، ورسالته الإنسانية التي مفادها أن الإمارات بلد الجميع، ومنارة تشعّ بالتسامح والتعايش المشترك.

وإن اعتماد الاستراتيجية الوطنية لجودة الحياة في الإمارات 2031 والتي هي عبارة عن إطار وطني سيعمل على ثلاثة مستويات رئيسية هي:”الأفراد، المجتمع، الدولة”، كان بمثابة التأكيد على دعم وتوسيع إطار منهجنا وأهدافنا التنموية، حيث ستسهم هذه الاستراتيجية بجعل الإمارات كلها رائدة كعادتها في مجال جودة الحياة ومن الدول الأكثر سعادة عالمياً.

ختاماً، إن استراتيجية دائرة تنمية المجتمع تتلاءم مع الأجندة العالمية للتنمية المستدامة 2030 والتي تدعو إلى التمكين والمشاركة والحماية الاجتماعية كأعمدة أساسية للتنمية الاجتماعية؛ فالتنمية الاجتماعية المستدامة تتطلب زيادة فرص وصول السكان إلى الموارد والخدمات الأساسية ودعم المجتمعات المحلية، وضمان المشاركة الهادفة والنشطة من الجميع، ولا سيما الفئات الأكثر ضعفاً.