سامي الريامي
سامي الريامي
رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم

خنساء الإمارات.. و«دكتورنا» المريض!

آراء

عزّى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان أمّ شهيد من رجال قواتنا المسلحة، وكان الشهيد هو ابنها الوحيد بين ثلاث بنات، فوجدها غارقة في البكاء، تأثر سموه كثيراً بالمشهد، وقال لها بكل حب وعفوية وصدق: «اعتبريني أنا من اليوم ابنك الوحيد»، ردت عليه المرأة بكل فخر واعتزاز: «طويل العمر لا تعتقد أني أبكي على ابني، ابني شهيد نال أعلى الدرجات، أنا أبكي وبحرقة لأن بقية ذريتي بنات، وكم كنت أتمنى لو كانوا رجالاً لأرسلهم إلى ساحة المعركة كي يلاقوا ربهم شهداء».

كلام هذه المرأة الصادقة، والموقف الذي مرت به، لا يختلف أبداً عن تلك الجملة الشهيرة التي أطلقتها الخنساء عندما أبلغوها خبر استشهاد أبنائها الأربعة في معركة واحدة، وفي يوم واحد، حين قالت «الحمد الله الذي شرفني بقتلهم جميعاً، وأتمنى أن يجمعني بهم»، وهنا قمة الإيمان، وقمة التضحية، وقمة حب الدين والوطن.

شعب الإمارات أثبت في هذه الأوقات العصيبة أنه شعب مخلص، ومؤمن بدينه، ومحب لوطنه وقادته، ظهرت هنا الخنساء، وظهر كثير من الشجعان والأبطال، وظهر جلياً الالتحام الصادق بين فئات الشعب كافة، وبين الشعب وقادته، سمعنا ورأينا بطولات ميدانية، وأقوالاً خالدة، وتضحيات وصبراً، ومواقف مشرّفة، سوف يرويها التاريخ، بعد أن افتقدها العرب والمسلمون من مئات السنين.

هنا يظهر معدن الرجال، وهذا هو الوقت المناسب لمعرفة الإنسان المخلص المحب الغيور من ذلك المتلوّن والمتقلب، وهنا نعرف الإنسان الوطني الخالص من مدعي الوطنية، وهنا نعرف تماماً مَن يحب وطنه وقادته، ومن يحب مصالحه الشخصية.

أدرك تماماً أن لدينا ما هو أهم من لوم المقصرين، وتنبيه الغافلين، لكن لا بأس من كشف بعض الوجوه المتلونة التي أكلت وشربت وتعلمت ونالت الشهادات العليا بفضل هذا الوطن، وتمارس اليوم أسوأ الأدوار الانتقادية والهجومية ضد المسؤولين وضد الدولة.

يعيش أحدهم بيننا بكل حرية وأريحية، لا يعيشها مئات الآلاف من المنظرين مثله في كثير من دول العالم، يجلس يومياً في أرقى المطاعم والكافيهات، ويتلذذ بأمن وأمان منقطع النظير، ثم تجده يغرد بكل خبث مطالباً بتغيير، أو داعماً لمنظمات خارجية، أو مشككاً في قرارات حكومية، أو منتقداً مسؤولين يبذلون جهداً مضاعفاً لخدمة البلد وأهله، في حين أنه لا يمتلك سوى لسان يقطر سماً ينفثه بشكل يومي، وهو يجلس على طاولة طعام من دون أن يقدم لدولته أدنى حقوق المواطنة التي لا يستحقها!

السباحة عكس التيار هي أسلوب رديء يمارسه ذلك «الدكتور» للفت الانتباه، ومن ثم الحصول على مكاسب شخصية، لكنه لم يدرك إلى الآن أن ثرثرته لن يكون لها أثر، فالتيار الوطني المخلص هو أعتى وأكبر وأشمل من تياره المريض، وعقول المواطنين المخلصين أكبر وأذكى من عقله الصغير، وضالته لن يجدها هنا في الإمارات، وعليه أن يبحث عنها في المنظمات المشبوهة التي يجيد فن التعامل معها!

المصدر: صحيفة الإمارات اليوم