دروس من هنري كيسنجر

مقابلات

حوار أجراه جيفري غولدبيرغ من مجلة “ذي أتلانتيك” مع هنري كيسنجر، وزير الخارجية الأمريكي الأسبق بعد فوز دونالد ترامب في الانتخابات الأمريكية.

ترجمة: هتلان ميديا

يوم الأربعاء، عندما كانت الولايات المتحدة والعالم بأسره يحاولون امتصاص صدمة فوز دونالد ترامب، تحدثت مع كيسنجر عبر الهاتف للتعرف على آرائهحول نتائج الانتخابات. وقال لي إنه يتوقع أن تدخل الدول الأخرى، وخاصة الدول الكبرى، في فترة من الدراسة المكثفة من أجل فهم الكيفية التي يتعين عليهابها أن تتعامل مع رئاسة ترامب. وقال أيضا إنه يتوقع أن تُقدم الدولة الإسلامية، أو غيرها من المنظمات الجهادية المماثلة، على اختبار ترامب في وقت مبكر عن طريق شن هجمات، من أجل إثارة رد الفعل (أو، كما اقترح، رد فعل مبالغ فيه).

وقال كيسنجر: “الجماعات التي لا تخضع لأية دولة، قد ترى إن رد فعل ترامب على هجوم ارهابي، قد يكون بطريقة تناسب أهدافهم”. وإليكم نص الحوار القصير.

جيفري غولدبيرغ: هل فوجئت (بفوز ترامب)؟

هنري كيسنجر: اعتقدت أن هيلاري ستفوز.

———

غولدبيرغ: ماذا يعني ذلك بالنسبة لدور أمريكا في العالم؟

كيسنجر: حسناً، قد يساعدنا على تحقيق الترابط بين سياستنا الخارجية والوضع الداخلي. من الواضح أن هناك فجوة بين فهم عامة الشعب لدور السياسة الخارجية الامريكية وفهم النخبة لهذا الدور. أعتقد أن الرئيس الجديد لديه فرصة للتوفيق بين وجهتي النظر. الفرصةأمامه، ولكن الأمر متروك له لاغتنامها.

———

غولدبيرغ: هل تنظر الآن إلى كفاءة ترامب وجديته على نحو أفضل؟

كيسنجر: يجب أن نتوقف عن مناقشة هذا السؤال. ترامب الآن هو الرئيس المنتخب، وعلينا أن نعطيه الفرصة لتطوير فلسفته.

———

غولدبيرغ: هل ستساعده؟

كيسنجر: بالنسبة لي، لن أبادر بالتواصل معه، وهذه طريقتي مع جميع الرؤساء منذ أن تركت منصبي. ولكن، إذا طلب مقابلتي، سأذهب إليه.

———

غولدبيرغ: ما هي أكبر مخاوفك بالنسبةللاستقرار العالمي بعد نتيجة هذه الانتخابات؟

كيسنجر: أكبر مخاوفي هو أن تتصرفالدول الأجنبية بطريقة صادمة. ومع ذلك، أود أن نبقي الباب مفتوحا أمام إمكانية خلق حوارات جديدة. إذا قال ترامب للشعب الأمريكي، “هذه هي فلسفتي بالنسبة للسياسة الخارجية”، وبعض سياساته لا تطابق سياساتنا السابقة ولكن تشاركها أهدافها الأساسية، فإن الاستمرار ممكناً.

———

غولدبيرغ: كيف سيكون رد فعل الصين؟

كيسنجر: أنا واثق بدرجة كبيرة أن رد فعل الصين سيكون دراسة خياراتها أولاً. وأظن أنه سيكون رد فعل روسيا كذلك.

———

غولدبيرغ: هل تعتقد أن ترامب هو المدافع عن بوتين؟

كيسنجر: كلاً، أعتقد إنه وقع في فخ بعض التصريحات البلاغية، حيث تكلم عنه بوتين كلاماً طيباً  – من الناحية التكتيكية– وشعر ترامب إنه مضطر للرد عليه.

———

غولدبيرغ: ألا تعتقد أن علاقتهما معدة سلفاً بأي شكل من الأشكال؟

كيسنجر: لا.

———

غولدبيرغ: إذاً، ألا يمكن لروسيا أن تستفيد من هذا الوضععلى المدى القصير؟

كيسنجر: من المرجح أن ينتظر بوتين حتى يرى الكيفية التي تتطور بها الأمور، فروسيا والولايات المتحدة تتفاعلان في مناطق ليس لأي منهما سيطرة على جميع عناصرها مثل أوكرانيا وسوريا، فمن الممكن أن يرىبعض المشاركين في تلك الصراعات أن لديهم حرية أكبر في القيام بخطوات معينة. حينئد، سينتظر بوتين ليدرس الخيارات المتاحة أمامه.

———

غولدبيرغ: إذاً، هناك فرصة لمزيد من عدم الاستقرار.

كيسنجر: سأتحدث بشكل عام: أعتقد أن معظم السياسة الخارجية في العالم في حالة ترقبمنذنحو ستة إلى تسعة أشهر في انتظار نتائج الانتخابات الأمريكية، وهم شاهدونا للتو ونحن نمر بثورة محلية، وسوف يستغرق الأمر بعض الوقت لدراستها. ولكن في مرحلة ما، ستتطلب الأحداث اتخاذ قرارات مرة أخرى. الاستثناء الوحيد لهذه القاعدة قد يكونالجماعات غير المنتمية إلى دول معينة، حيث قد يكون لديها حافز لإثارة رد فعل أمريكي يقوض موقفنا العالمي.

———

غولدبيرغ: هل أصبحت داعش أكثر خطورة الآن؟

كيسنجر: الجماعات غير المنتمية إلى دول معينة قد تعتقد أن رد فعل ترامب على هجوم ارهابي سيكون بطريقة تناسبأهدافها.

———

غولدبيرغ: وكيف سيكون رد فعل إيران؟

كيسنجر: ربما تدركإيران – وهذا صحيح -أن الاتفاق النووي بات الآن أكثر هشاشة عن ذي قبل، ولكنها سوف تظهر صرامة كبيرة حتى في مواجهة الضغوط، بينما تعكف على دراسة ترامب. لا أحد يعرف الكثير عن سياسته الخارجية، لذلك سيبدأ الجميع مرحلة من الدراسة. في الواقع، قد يكون تعبير “جنون الدراسة” أكثر دقة.

———

غولدبيرغ: لماذا تعتقد أن هذا حدث؟

كيسنجر: ظاهرة ترامب في جزء كبير منها عبارة عن رد فعل الطبقة المتوسطة في أمريكا على الهجمهات المجتمعات الفكرية والأكاديميةعلى قيمها. هناك أسباب أخرى، ولكن هذا أحد أهم الأسباب.

———

غولدبيرغ: ما النصيحة التي تقدمها لترامب ليقدم نفسه للعالم؟

كيسنجر: أولا، عليه أن يثبت أنه يمسك بزمام التحديات المعروفة. ثانياً، عليه إثبات أنه يعمل على دراسة طبيعة تطورها. تقع على عاتق الرئيس مسؤولية التوجيه: ما الذي نحاول تحقيقه؟ ما الذي نحاول منعه؟ ولماذا؟ وللقيام بذلك، عليه التحليل والتفكير معاً.