حليمة مظفر
حليمة مظفر
كاتبة سعودية

“دعشنة” افتراضية!

آراء

رحم الله فهد الدوسري، ومحمد البريكي، وسعيد بن هادي القحطاني، وسعيد بن علي القحطاني، شهداء الواجب الصائمين الذين اختار الله لهم يوم الجمعة للقائه، وثبت قلوب أسرهم وربط عليها بالصبر والسلوان، هؤلاء ممن كانوا مرابطين في ثغرة من ثغرات الوطن لحمايته، حين داهمهم إرهابيو القاعدة لعنة الله عليهم، ونحمد الله أن تصدى لهم بواسل الوطن، وقتلوا ثلاثة منهم، وقبضوا على الرابع، فيما فجر الخامس والسادس نفسيهما منتحرين، وحادثة شرورة ليست الأولى، وكم نتمنى أن تكون الأخيرة، رغم تربص هؤلاء الأوغاد ممن شربوا الجهل ضلالة.

لكن المشكلة ليست هنا، فحماية الوطن لها رجال يتكفلون بها، وإنما في الذين ينشرون الإشاعات بمكر ومكيدة وخبث على مواقع التواصل الاجتماعي من أذناب الفكر الإرهابي أو المتعاطفين معهم والمندسين ممن لا يحملون هويتنا، ففي هذه الحادثة انتشر هاشتاق (#القاعدة_تسيطر_ على_معبر_الوديعة)، وهاشتاقات أخرى خبيثة! ليس الغرض منها إلا المكر لإخافة الناس وإثارة البلبلة والفوضى والتشكيك في قدرة رجال الأمن على حماية الوطن، وهو من أهم أهداف القاعدة وأذنابهم، فيستغلون العالم الافتراضي لمكرهم عبر حسابات مزيفة ومندسة ينتحل بعضها هويات سعودية عبر ألقاب معروفة عندنا وتُدار من خارج الوطن، لإثارة الفتنة والتهييج الطائفي والتأثير على عامة الناس خاصة المراهقين وقليلي الخبرة، في تحريض عواطفهم وإثارتها باسم الدين والمذهب، خاصة أنه لو لاحظنا أن معارك القاعدة وفصائلها تبدأ من العالم الافتراضي لا من أرض الواقع، ولهذا الحذر كلّ الحذر منها أو الانسياق وراءها أو التأثر بها وتصديقها، وهذا التكتيك الافتراضي يستخدمه داعش بخبث خاصة موقع “اليوتيوب” للتهويل من إمكاناتهم رغم ضآلة حجمهم وعددهم وعدتهم، ومع الأسف تأثر بهم السذج ممن يجهلون أي نار قد تحرقهم بعد أن يتم “تدعيشهم”، وإن كنتُ أشك في أن معظم الحسابات التي تظهر في تويتر متعاطفة مع داعش وأكثرها صنيعة “داعش” لا حسابات حقيقية، فما من عاقل يؤمن بفكرها ويؤكد جرائمها التي ترتكبها على عين الملأ إلا مختلو الأنفس ومضطربو العقل ومرضى القلوب!

إننا نتذكر جيدا بالأمس أن “داعش” كان مجرد تنظيم متواضع ينشر في اليوتيوب جرائم النحر والصلب وتقطيع الرؤوس قاصدين الدعاية لهم، ونجحوا في لفت أنظار العالم وإصابة القلوب بالخوف، نتيجة سذاجة الإعلام في تغطية جرائمهم دون تحليل نفسي يوضح حقيقة ما يفعلون ولماذا!؟ فكان الإعلام مجرد صدى لتغطية الجرائم، حتى تحولت إلى قوة “هلامية” تزعم الخلافة، تستعرض الصواريخ التي استولوا عليها وإن كان يتم تمويلهم بها من جهات ما تزال مجهولة! فلم يصنع داعش ويحقق أهدافه إلا الإشاعات والهالة الإعلامية لجرائمه الوحشية، لترويع الناس وإقناعهم بأنهم قوة لا يستعصي عليها أحد، ولهذا وجب الحذر كل الحذر من هكذا هاشتاقات وحسابات تزعم التعاطف مع داعش أو تتبنى أفكارهم أو تبرر جرائمهم طائفيا، ويقودها نكرات في “تويتر” ومواقع التواصل الأخرى! وعلى الآباء والأمهات اليوم اليقظة، فدورهم كبير في توعية ومراقبة أبنائهم وبناتهم المراهقين ممن يسهل التأثير عليهم، قبل أن يستيقظوا يوما على خبر نفيرهم إلى جحيم القاعدة وجرائم داعش!

المصدر: الوطن أون لاين